مفاوضات فيينا: الفجوة بين طهران والأطراف الغربية باتت أكثر عمقاً

انتهاء جولة فيينا النووية... ومصادر تكشف لـ"العربي الجديد" جانباً من كواليس المفاوضات الشاقة

03 ديسمبر 2021
باقري: المفاوضات تستأنف الأسبوع المقبل في فيينا (Getty)
+ الخط -

أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، اليوم الجمعة، أن الجولة السابعة من مفاوضات فيينا اختتمت أعمالها على أن تستأنف بعد أسبوع، فيما كشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" عن جانب من كواليس المفاوضات الشاقة التي بدأت يوم الاثنين، وما شهدته الساعات الأخيرة من ضغوط لعدم إنهاء الجولة الحالية من مفاوضات فيينا قبل تحديد موعد لاستئنافها.
وأوضح باقري أن اجتماع اليوم أجرى تقييماً إجمالياً بشأن نتائج المباحثات منذ الإثنين الماضي. وبيّن أنه تم التأكيد خلال اجتماع اليوم الجمعة أن مقترحات إيران حول رفع العقوبات والمسائل النووية تبقى على طاولة المفاوضات.

وأضاف المسؤول الإيراني أن الأطراف الأخرى كانت بحاجة إلى التشاور مع عواصمها بشأن المقترحات الإيرانية، في إشارة إلى المسودات الإيرانية الجاهزة التي عرضت على المشاركين في المفاوضات، ولفت إلى أن المفاوضات ستستأنف الأسبوع المقبل في فيينا بعد عودة الأطراف من العواصم.

تمسك إيراني بالمبادئ المشتركة

وقبيل مغادرته فيينا عائدا إلى طهران، قال كبير المفاوضين الإيرانيين في تصريحات صحافية في معرض رده على سؤال بشأن الأنباء عن رفض المقترحات الإيرانية، "صحيح أن الأطراف الأوروبية لم تكن راضية كثيرا بشأن بعض مقترحاتنا، لكنها صيغت على أساس المبادئ المشتركة بين الطرفين".

وتابع "قالت (الأطراف الأوروبية) إن هذه المقترحات لا تتوافق مع مواقفنا وأنا أبلغتهم بأنه ليس مقررا أن نطرح في المفاوضات ما يتطابق مع مواقفكم".

وفي معرض رده على سؤال بشأن موقف إيران إذا قدمت الأطراف الأخرى مسودة جديدة، قال باقري كني إن "لا مشكل في ذلك فليقدموا مقترحاتهم، لكن بشرط أن تعتمد على الأسس المشتركة، وإذا لم تكن هكذا فإنها لن تكون مقترحات تسهّل الوصول للاتفاق".

وأوضح أن جميع الأطراف طرحوا مواقفهم في "أجواء ودية"، مشيرا إلى أن مواقف طهران والأطراف الأخرى كانت متطابقة "في كثير من النقاط ومختلفة في نقاط أخرى".
وأكد المسؤول الإيراني أن "الجولة القادمة ستُعقد الأسبوع المقبل، وحُدد يومها، ولكنننا اتفقنا على ألا يتم الإعلان عنه"، مضيفا أن بلاده مستعدة لمواصلة المفاوضات.

مفاوضات فيينا: ضرورة القيام بتحرك عاجل

من جانبه، قال نائب مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، الذي يترأس اجتماعات اللجنة المشتركة للاتفاق النووي في فيينا في إطار المفاوضات، إن المفاوضات ستستأنف الأربعاء أو الخميس المقبلين، قائلا إنه تم خلال هذه الجولة تحديد التحديات والعقبات الأساسية التي يجب العمل على معالجتها.

ورفض مورا، في مؤتمر صحافي بعيد اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، الحديث عن تفاصيل المقترحات الإيرانية حول رفع العقوبات والمسائل النووية، قائلا إن "المباحثات مستمرة والأطراف كافة ستدرس جميع المقترحات".

وأكد منسق المفاوضات أن "الوقت ليس مفتوحا أمام المفاوضات، وهناك شعور بضرورة القيام بتحرك عاجل للتوصل إلى اتفاق"، مضيفا أنه أجرى "مشاورات مثمرة مع الوفد الإيراني الجديد".

وعن تفاصيل المفاوضات، قال مورا: "لن أتحدث عن التفاصيل، المباحثات لم تنته، وهي مستمرة، والأسبوع المقبل كلنا هنا سنواصل العمل"، لافتا إلى أنه "ربما تتوصل مفاوضات الأسبوع المقبل إلى نتيجة".

وأكد المبعوث الصيني إلى مفاوضات فيينا وانغ غان، بعيد اجتماع اليوم، أن "هناك حاجة إلى المزيد من العمل".

كواليس الاجتماعات الشاقة والضغوط

ويبدو أنّ الجولة السابعة من المفاوضات، التي بدأت يوم الاثنين الماضي، كانت شاقة. وتكشف مصادر مواكبة للمفاوضات في فيينا، لـ"العربي الجديد"، عن كواليس ما جرى في الاجتماعات، التي سخنت في الساعات الأخيرة، خصوصًا مع ضغوط مورست لمنع إنهاء الجولة الحالية من دون تحديد موعد لاستئناف المفاوضات.

ويبدو أنّ هذه الضغوط أتت أكلها بإعلان الأسبوع المقبل موعدًا لجولة جديدة. 

وقالت المصادر، التي فضلت عدم نشر هويتها، إن اللجنة المشتركة للدول الأعضاء بالاتفاق النووي عقدت اجتماعًا اليوم بطلب من الأطراف الأوروبية بعد "امتعاض" الأخيرة من مسودات المقترحات التي قدمها الجانب الإيراني، مساء الأربعاء الماضي.

وأضافت المصادر قبيل إعلان باقري انتهاء الجولة الحالية من المفاوضات، أن اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي جاء أيضًا لتقييم نتائج الجولة، و"يبحث مستقبل المفاوضات، وعلى الأغلب سيعلن انتهاء هذه الجولة".

وكشفت المصادر نفسها عن أن "الساعات الأخيرة شهدت ضغوطًا ومساعي من الأطراف الروسية والصينية وممثل الاتحاد الأوروبي لعدم إنهاء الجولة من دون اتفاق على موعد لاستئناف المفاوضات". 

وفي وقت سابق من اليوم الجمعة، قالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إنّ الوفود ستعود إلى عواصمها ومعها المقترحات الإيرانية لمناقشتها، مشيرة إلى أن "هناك امتعاضاً أوروبياً وأميركياً" من فحوى المقترحات الإيرانية. 

وأوضحت أن هذه الأطراف ترى أن المسودات الإيرانية تتعارض مع مسودة اتفاق توصلت إليها أطراف المفاوضات خلال الجولات السابقة، مشيرة إلى أن "الفجوة في المواقف بين إيران والأطراف الغربية باتت أعمق وأكثر مما كانت سابقاً". 

وتابعت المصادر أن "أطراف المفاوضات فوجئت، الأربعاء، بالمسودات الإيرانية الجاهزة، لكونها وضعتهم أمام أجندة مختلفة عن الدورات السابقة، بناء على أولوية رفع العقوبات بالكامل وربط التقدم في المسائل النووية برفع العقوبات، لكن هذا التوجه ترفضه الأطراف الأميركية والأوروبية". 

وسبقت اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، اليوم الجمعة، لقاءات واتصالات مكثفة في فيينا وبين طهران والاتحاد الأوروبي خلال الساعات الماضية، لبحث الوضع المعقد في مفاوضات فيينا، فعقدت لجان الخبراء، مساء الخميس، اجتماعين منفصلين، فضلًا عن لقاءات مضغوطة لمنسق المفاوضات إنريكي مورا مع كبير المفاوضين الإيرانيين وأطراف التفاوض الأخرى، خلال اليوم وأمس، وكذلك لقاءات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي مع باقري كني والمبعوث الأميركي الخاص بالشأن الإيراني.  

كما أجرى مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، اليوم، اتصالًا مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، لمناقشة أوضاع مفاوضات فيينا.

ماكرون: جولة المفاوضات النووية لم تكن ناجحة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (Getty)

من جهة ثانية، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تشاؤمه حيال نتائج مفاوضات فيينا، قائلا إنها "لم تكن ناجحة على ما يبدو". 

وجاءت تصريحات ماكرون، اليوم الجمعة، خلال مؤتمر صحافي في دبي قبل اجتماع فيينا للجنة المشتركة، فقال إن الجولة السابعة من هذه المفاوضات "من المحتمل ألا تنجح بالنظر إلى المواقف"، مرجحا أن يكون هناك "تأخير قبل الجولة الجديدة". 

وأضاف الرئيس الفرنسي أنه "من المرجح ألا تستمر هذه المفاوضات على المدى القريب".

وأعرب الأوروبيون، الجمعة، عن "خيبة أملهم وقلقهم" بعد أيام قليلة من استئناف المفاوضات، بحسب ما أوردته وكالة "فرانس برس" نقلا عن دبلوماسيين من فرنسا وألمانيا وبريطانيا.

وقال الدبلوماسيون إن "طهران تتراجع عن كل التسويات التي تم التوصل إليها بصعوبة" خلال الجولة الأولى من المفاوضات بين إبريل/ نيسان ويونيو/ حزيران. وأضافوا أن المحادثات ستستأنف "الأسبوع المقبل لمعرفة ما إذا كانت هذه الخلافات يمكن التغلب عليها أم لا؟".

ورغم هذه التصريحات القاسية، قال الدبلوماسيون الأوروبيون إنهم "منخرطون بشكل كامل في البحث عن حل دبلوماسي"، مشددين على أن "الوقت ينفد".