انتخابات جبل لبنان: نسبة الاقتراع تصل إلى 45% وسط شكاوى ومخالفات

04 مايو 2025
الجولة الأولى من الانتخابات في محافظة جبل لبنان، 4 مايو 2025 (حسين بيضون)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انتهت الجولة الأولى من الانتخابات البلدية في جبل لبنان بنسبة اقتراع 45%، مع تسجيل 500 شكوى وتأجيل الانتخابات في بعض المناطق لضمان سيرها السليم.
- أكد رئيس الوزراء نواف سلام على أهمية الانتخابات في محاسبة وتجديد دماء البلديات، بينما أشار وزير الداخلية أحمد الحجار إلى فتح محاضر بالمخالفات والشكاوى.
- شهدت الانتخابات تنافساً حاداً بين الأحزاب التقليدية مع مخالفات مثل خرق الصمت الانتخابي وشراء الأصوات، ووثقت "لادي" منع مندوبين وتأخير افتتاح الأقلام وعدم تجهيز مراكز لذوي الإعاقة.

انتهت الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان مساء الأحد، مع إقفال صناديق الاقتراع عند السابعة مساءً بتوقيت بيروت، مسجلة نسبة اقتراع أولية بلغت نحو 45%، وسط تسجيل عدد من المخالفات والإشكالات الأمنية. وتوزعت نسب الاقتراع، بحسب الأرقام غير النهائية، على الشكل التالي: كسروان 60.9%، جبيل 57.4%، الشوف 45.7%، عاليه 42.3%، بعبدا 39.11%، والمتن 38.8%. كما بلغ عدد الشكاوى نحو 500، معظمها إدارية، وتصدرتها بعبدا والشوف، تليهما المتن وكسروان وجبيل وعاليه.

وبعد إقفال صناديق الاقتراع، قال رئيس الوزراء نواف سلام من وزارة الداخلية إنّ "الوزارة أثبتت جهوزيتها على إدارة العمليات الانتخابية، وقد تمت بسلاسة وسلامة، وطبعاً تم تسجيل بعض الشكاوى ومعظمها إدارية وجرى معالجتها لكن لا شيء عطّل العملية". وأكد سلام أن "الانتخابات لها أهميتها خصوصاً على صعيد محاسبة ممثلي البلديات واختيار أعضاء جدد وتجديد دم البلديات وتفعيل الدور الإنمائي لها"، مضيفاً: "موعدنا الأسبوع المقبل لاستكمال مراحل الانتخابات".

الصورة
نواف سلام خلال متابعة عمليات فرز الأصوات، 4 مايو 2025 (حسين بيضون)
نواف سلام خلال متابعة عمليات فرز الأصوات، 4 مايو 2025 (حسين بيضون)

وفي دردشة مع الصحافيين شارك فيها "العربي الجديد"، قال وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار إن هناك محاضر فتحت بالمخالفات والشكاوى بانتظار انتهاء التحقيقات. وحول الوضع الأمني خصوصاً في الجنوب والقرى الحدودية ربطاً باستمرار الاعتداءات الإسرائيلية ومدى سلامة إقامة الانتخابات فيها، قال الحجار إنّه جرى إعادة توزيع لمراكز الاقتراع بسبب الدمار، واختيرت مراكز فيها الحد الأدنى من المقومات.

وحول ما إذا كان هناك ضمانات بعدم حصول اعتداءات إسرائيلية يوم الانتخابات المقررة في الجنوب والنبطية في 24 مايو/أيار الجاري، قال الحجار: "لا ضمانات أعطيت لنا بشأن الانتخابات، لكن أجرينا اتصالات بكل جدية خصوصاً مع أعضاء لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، ونحن، الدولة، أخذنا على عاتقنا إجراء الانتخابات".

ويكتسب هذا الاستحقاق الذي واكبه الرئيس جوزاف عون منذ ساعات الصباح أهمية كبرى لأسباب عدة، أبرزها أنه الأول في "العهد الجديد"، ويعدّ بمثابة امتحان تمهيدي للأحزاب التقليدية للانتخابات النيابية المنتظرة في مايو/ أيار 2026، على وقع التطورات السياسية الكبرى وتغيّر موازين القوى بعد العدوان الإسرائيلي، عدا أنه يأتي بعد تأجيل لثلاث سنوات متتالية، أي منذ تسع سنوات عن آخر انتخابات أجريت في 2016، وكانت خلال هذه الفترة الطويلة البلديات بمعظمها مشلولة ومنحلّة.

وفازت 70 بلدية بالتزكية من أصل 333 في المحافظة موزّعة بين الأقضية الستّة، كسروان، جبيل، عاليه، الشوف، المتن، بعبدا، على أن تصدر النتائج تباعاً بعد انتهاء عملية فرز الأصوات خلال الساعات المقبلة، فيما أعلِن عن تأجيل الانتخابات في الناعمة وحارة الناعمة في قضاء الشوف، وذلك "لتأمين حسن سير العملية الانتخابية ومقتضيات المصلحة العامة".

وكان الإقبال لافتاً خصوصاً في البلدات الكبرى على مستوى الأقضية الستة، حيث المعركة محتدمة بين الأحزاب التقليدية المسيحية، بحيث توافد الناخبون منذ ساعات الصباح للإدلاء بأصواتهم وسط حضور أمني كثيف وانتشار للجيش والأجهزة الأمنية.

وسُجّلت أعلى نسبة مشاركة في كسروان وجبيل حيث التنافس قوي بين الأحزاب، خصوصاً في منطقة جونيه الكسروانية، بين لائحة يدعمها التيار الوطني الحر (برئاسة النائب جبران باسيل) ودعم رئيس البلدية الحالي جوان حبيش من جهة، وبين لائحة مدعومة من تحالف خماسي يحوي بعض التناقضات ويضمّ حزب القوات اللبنانية (برئاسة سمير جعجع) وحزب الكتائب اللبنانية (برئاسة النائب سامي الجميل) والنائب نعمة أفرام والنائب فريد الخازن والنائب السابق منصور البون.

وخلال جولة لـ"العربي الجديد" في أحد مراكز الاقتراع في جونيه، كان واضحاً الجو التنافسي بين المواطنين على صعيد اللائحتين بحيث حرص مؤيدو التيار على الإشادة بجهود حبيش وما فعله للمنطقة وأبنائها، وبين مؤيدي التحالف الخماسي الذين عبّروا عن امتعاضهم من ممارسات البلدية التي أساءت إلى البلدة، وقد سُجلت بعض الإشكالات الطفيفة بين المواطنين خلال دخولهم مركز الاقتراع، كما سجل إشكال مع رئيس البلدية الحالي جوان حبيش والمرشح للرئاسة المدعوم من التيار سيلفيو شيحا.

الصورة
الجولة الأولى من الانتخابات في محافظة جبل لبنان، 4 مايو 2025 (حسين بيضون)
الجولة الأولى من الانتخابات في محافظة جبل لبنان، 4 مايو 2025 (حسين بيضون)

وكان لافتاً حضور المندوبين مع بعض الناخبين إلى الغرف المخصصة للاقتراع، ومساعدتهم قبل دخولهم، ومواكبة الأجواء بتفاصيلها، فيما كان يشكو مواطنون من أن هناك مبالغ طائلة تدفع للناخبين تصل إلى 300 و400 دولار للصوت الواحد ومساعدات تعطى لهم من بطاقات هاتفية وقسائم بنزين وأقساط مدرسية.

وفي قضاء جبيل، وفي جولة أخرى لـ"العربي الجديد"، كان المشهد هادئاً بعض الشيء، لا سيما في المدينة التي للقوات اللبنانية حضور واسع فيها، وتحديداً للنائب زياد حواط الذي واكب العملية الانتخابية.

أما في قضاء المتن، فيُعدّ التنافس حزبياً وكذلك عائلياً، ويتركز على مستوى القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية من جهة، والتيار الوطني الحر وكذلك آل المرّ من جهة أخرى، علماً أن النقاط الأبرز ترتكز على الجديدة المتن والزلقا، وقد أفيد أيضاً عن رشاوى عدة دُفعت للناخبين ومنها حصل ميدانياً قبيل الدخول للتصويت، وهي قيد التحقيق.

وبالانتقال إلى قضاء بعبدا، فإن المشاركة كانت لافتة في منطقة الحدث، التي يحاول التيار الوطني الحر الحفاظ على مقعده فيها، مع دعمه ترشيح الرئيس الحالي جورج عون، وتعويض خسائر قد تصيبه في بلدات أخرى، كما يحرص على تحقيق مكاسب في حارة حريك بدعم من حزب الله.

أما في الضاحية الجنوبية لبيروت، فكانت الأجواء شبه هادئة، مع تحالف ثابت لحزب الله وحركة أمل، علماً أن الطريق إلى مراكز الاقتراع لم تكن سالكة بشكل كامل خصوصاً على صعيد المناطق التي تعرّضت لدمار كبير من جراء العدوان، وقد كانت النسب أكثر في الغبيري مع تسجيل بعض الفوضى في مراكز الاقتراع، وكذلك في حارة حريك حتى ساعات بعد الظهر، علماً أن بعض البلديات فازت بالتزكية منها المريجة والليلكي وتحويطة الغدير وبرج البراجنة.

وفي الشوف وعاليه كانت الأجواء هادئة نسبياً رغم تسجيل بعض الإشكالات الأمنية الطفيفة، وقد تنوعت التحالفات ربطاً بعوامل سياسية وحزبية وعائلية، في ظل محاولة المجتمع المدني إحداث خروقات بوجه الأحزاب التقليدية.

مخالفات عديدة

ووثقت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات (لادي) عدداً من المخالفات في تقريرها الأولي، من بينها شكاوى مرتبطة بمنع عدد من المندوبين و/أو المرشحين من دخول مراكز وأقلام الاقتراع، وتسجيل تأخير في افتتاح بعض الأقلام بسبب تأخر وصول رئيسها، كما تمّ تثبيت المعازل في عدد من الأقلام بطريقة لا تضمن سرية الاقتراع. كذلك لوحظ أنّ عدداً من مراكز الاقتراع لم تكن مجهّزة للأشخاص ذوي الإعاقة.

وقالت "لادي" في تقريرها: "في مخالفة تتكرّر في كل انتخابات، سُجّلت حالات خرق للصمت الانتخابي بالجملة، خصوصاً عبر وسائل الإعلام، حيث أقدم العديد منها على استصراح عدد من المرشحين أمام مراكز الاقتراع. وسجّلت "لادي" حالات عديدة وبشكل كبير لخرق سرية الاقتراع، ومخالفة إلزامية تصويت الناخبين داخل المعزل. كما سُجّلت إشكالات في عدد من مراكز الاقتراع، أدّت إلى فوضى أحياناً، وإلى توقف عمليات الاقتراع في أحيان أخرى.