انتخابات برلمانية استثنائية بالكويت: بين كورونا والانقسامات القبلية

انتخابات برلمانية استثنائية في الكويت: بين كورونا والانقسامات القبلية

05 ديسمبر 2020
خُصصت خمسة مقار انتخابية للمصابين بكورونا (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

يتجه أكثر من 560 ألف ناخب وناخبة في الكويت، اليوم السبت، إلى صناديق الاقتراع، لاختيار 50 نائباً في انتخابات مجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، والتي تعقد للمرة الثامنة عشرة في تاريخ البلاد، والمرة الأولى في عهد حاكم الكويت الجديد، وأميرها الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح عقب توليه منصب الأمير أواخر سبتمبر/أيلول الماضي.
وتجرى الانتخابات البرلمانية هذه المرة وسط إجراءات صحية غير مسبوقة نتيجة انتشار وباء كورونا، إذ منعت وزارة الداخلية عقد الندوات الانتخابية، وألغت المقار الخاصة بالمرشحين، كما أنها حظرت التجمعات أثناء فترة الدعاية الانتخابية، وشددت على عدم وجودها في يوم الانتخابات. ووضعت وزارة الصحة، بالتعاون مع وزارة الداخلية، خمسة مقار انتخابية للمصابين بفيروس كورونا ينتخبون من خلالها مرشحيهم، فيما ستتابع إدارة الصحة الوقائية بوزارة الصحة تحركات الناخبين المصابين، وتضمن وصولهم إلى مقار التصويت وعودتهم إلى أماكن حجرهم، من دون ذهابهم إلى أماكن أخرى. واقترحت وزارة الصحة، في بداية الأمر، على الحكومة منع المصابين من التصويت، لكن المستشارين القانونيين للحكومة أكدوا أن منع المصابين سيؤدي إلى إبطال هذه الانتخابات في المحكمة الدستورية، ما سيُدخل البلاد في نفق سياسي مظلم.

تخوض "الحركة الإسلامية الدستورية" الانتخابات بأربعة مرشحين

وتنقسم الدوائر الانتخابية في الكويت إلى خمس دوائر، تنتخب كل دائرة منها 10 أعضاء، فيما لا يحق للناخب سوى الإدلاء بصوت واحد فقط لمرشح واحد، وذلك وفقاً لمرسوم الصوت الواحد الذي أقره أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عبر قانون "مرسوم الضرورة" عام 2012، وقلل بموجبه عدد أصوات الناخبين من 4 أصوات إلى صوت واحد فقط.
وقاطعت المعارضة الانتخابات البرلمانية، نتيجة لمرسوم الصوت الواحد، في 2012 و2013، لكنها اضطرت للعودة بشكل جزئي في عام 2016 وفشلت في السيطرة على البرلمان، مما دعاها لتكثيف حضورها الانتخابي في 2020 وسط انقسامات غير مسبوقة داخلها. ولم تأتِ الحملات الانتخابية هذه المرة بجديد، إذ جرى التركيز على الجوانب الشعبوية والقضايا المستهلكة، مثل الإسكان والتعليم، وتهديد الحكومة، فيما جرى تجاهل قضايا الإصلاح المالي وسط ارتفاع عجز الدولة المالي، نتيجة انخفاض أسعار النفط والتأثيرات الكبيرة لكورونا على الاقتصاد الوطني.

واستأثرت الانقسامات العائلية والقبلية بين أبناء العائلة أو القبيلة الواحدة نتيجة الصوت الواحد على المشهد الانتخابي، إذ شهدت انتخابات هذا العام انشقاقات سياسية داخل القبائل التي عرفت بوحدتها السياسية في وقت الانتخابات. ورفض مرشحون في الانتخابات الفرعية، وهي انتخابات تُعقد عادة قبل الانتخابات البرلمانية بشهر داخل القبيلة أو العائلة للاتفاق على مرشح واحد، وهي مجرمة قانونياً، الاعتراف بنتائجها، واتهموا اللجان المشرفة عليها بتزويرها ما سيؤدي إلى تشتيت أصوات هذه القبائل.

وتخوض "الحركة الإسلامية الدستورية"، وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، الانتخابات بأربعة مرشحين، هم أسامة الشاهين في الدائرة الأولى، وحمد المطر في الثانية، وعبد العزيز الصقعبي في الثالثة، وعبدالله الدلماني العنزي في الدائرة الخامسة، فيما ستدعم الحركة النائب السابق عبدالله فهاد العنزي، المرشح عن الدائرة الرابعة والذي يعد أحد المقربين منها، ومنتمياً لها على الصعيد الفكري لا السياسي. ويخوض "التجمع السلفي الإسلامي"، الذي كان أحد أبرز التيارات السياسية في البلاد، الانتخابات بثلاثة مرشحين رئيسيين، هم حمد العبيد في الدائرة الثالثة، وفايز الجمهور في الرابعة، وحمود الحمدان في الدائرة الخامسة. وفشل "التجمع السلفي"، الذي يُعد المظلة السياسية الرئيسية للتيار السلفي في الكويت، في الحصول على أي مقعد برلماني في انتخابات مجلس الأمة عام 2016 بسبب السخط الشعبي المتزايد على توجهات قادة التجمع الداعمة للحكومة، لكن حظ السلفيين المستقلين يبدو وافراً أكثر من غيرهم في هذه الانتخابات. ويتزعمهم النائب السابق محمد هايف المطيري، وبدر الداهوم الذي يرشحه عدد من الشخصيات المعارضة لتولي دور زعيم المعارضة داخل البرلمان.

حظ السلفيين المستقلين يبدو وافراً أكثر من غيرهم في هذه الانتخابات

ومن المنتظر أن يحصل أعضاء الكتلة الشيعية في الدائرة الأولى، والتي تعد أبرز معاقلهم، على ستة مقاعد على الأقل، فيما سيحصل "الإخوان المسلمون" على مقعد واحد في هذه الدائرة، فيما سيحصل السلفيون المستقلون، ممثلين بالنائب السابق عادل الدمخي، على مقعد إضافي. وستتوزع بقية المقاعد بين القبائل والعائلات الكبيرة.
وفي الدائرة الثانية، والتي توصم عادة بأنها دائرة التجار، فإن الاسم الأبرز المطروح لتصدر الانتخابات هو رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، والذي يحاول الحصول على أكبر قدر من الأصوات هذه المرة، في محاولة لتأكيد شرعيته كرئيس مجلس أمة متوقع في انتخابات الرئاسة المزمع عقدها في أول جلسة للبرلمان. وينافس الغانم في هذه الدائرة، منافسه في انتخابات الرئاسة الوزير السابق بدر الحميدي. كما ينافسه أحد أبرز المعارضين في البرلمان السابق وهو محمد براك المطير.
وتبدو الأمور غير واضحة في الدائرة الثالثة التي تشهد وجوداً كبيراً للحضر وللقبائل، وسط تصاعد حظوظ "الإخوان المسلمين" بالحصول على مقعد واحد فيها، فيما تعتبر الدائرتان الرابعة والخامسة قبليتين بامتياز، إذ من المتوقع أن يحصل أبناء القبائل فيهما على 19 مقعداً من أصل 20.

وسيرشح رئيس مجلس الأمة المنتهية ولايته مرزوق الغانم نفسه لرئاسة مجلس الأمة، فيما سينافسه على الكرسي وزير الإسكان السابق بدر الحميدي، والذي تضاءلت فرصه بالفوز عقب تصريحاته التي اتهم فيها مجموعة من الكويتيين بتزوير جنسياتهم. كما سيدخل وزير الصحة السابق روضان الروضان المنافسة أيضاً. وستدعم الحكومة الكويتية، التي يحق لها التصويت في انتخابات الرئاسة، وفق مصادر "العربي الجديد"، مرزوق الغانم لرئاسة البرلمان، لكنها لن تحشد له أصوات النواب الموالين لها كما فعلت في الانتخابات الماضية.

المساهمون