لا يزال النظام السوري، منذ اتخاذه قرار تثبيت بشار الأسد في الحكم لفترة رئاسية جديدة، من خلال مسرحية مكشوفة تحت مسمى انتخابات رئاسية، يحاول إجراء عمليات تجميلية لتلك المسرحية، بهدف إظهارها للجمهور كعملية انتخابات ديمقراطية حقيقية. فبعد الإيعاز لمجلس الشعب بتحديد موعد الانتخابات في 26 مايو/أيار الحالي، اختار النظام منافسي الرئيس في الانتخابات من أبناء الضباط والمسؤولين الحكوميين، الذين لم يتمكنوا من إخفاء ولائهم لبشار الأسد حتى وهم ينافسونه. كما لم ينسَ النظام مسألة الجندرة، فتم قبول طلبات ترشيح أربع سيدات من بين 51 مرشحاً تقدموا بطلبات ترشح لمنافسة بشار الأسد، ليوعز لمجلس الشعب الذي يتحكم بكل قرارات أعضائه، بأن يختار من بين المرشحين، ثلاثة أو أربعة منافسين للرئيس، بحسب ما ينص عليه الدستور، الذي يشترط حصول المتقدم للانتخابات على تأييد 35 عضواً من أعضاء المجلس، الذين لا يحق للعضو منهم تزكية أكثر من مرشح.
كذلك، لم ينس النظام دعوة برلمانات 14 دولة صديقة له لمراقبة الانتخابات وإظهار مدى الديمقراطية التي يمارسها في اختيار رئيس المرحلة المقبلة، وطبعاً الدول التي تمت دعوة برلماناتها معظمها تجري انتخاباتها بنفس طريقة النظام مثل روسيا، وكوبا، وأرمينيا، وغيرها.
وكنوع من المبالغة في تجميل صورة الانتخابات، حوّل النظام موضوع تسليم التأييدات الخطية من قبل مجلس الشعب للمحكمة الدستورية، والذي جرت العادة أن يكون إجراءً روتينيا في السابق، إلى حدث إعلامي وكرنفال ضخم. إذ رافق صندوق التأييدات التي منحها أعضاء مجلس الشعب للمرشحين حرس الشرف مع موسيقى، ضمن مراسم تحاكي مراسم تعيين الرؤساء. وتبع ذلك مؤتمر صحافي لرئيس المحكمة الدستورية العليا جهاد اللحام، أعلن فيه تسلم المحكمة تلك الترشيحات.
يقوم النظام بكل الإجراءات الشكلية التي يحاول من خلالها تجميل الانتخابات، لتبدو استحقاقاً حقيقياً، في الوقت نفسه الذي تعتقل فيه عناصر أمنه، أقارب أحد المرشحين الذي تجرأ على تقديم طلب ترشح للانتخابات، من دون إيعاز من السلطات الأمنية التي تهندس مسرحية الانتخابات. الأمر الذي يجعل من انتخابات الرئاسة كمن يجري عملية تجميل لمسخ يحاول من خلالها تسويقه كإنسان طبيعي. ولكن يبقى المجتمع الدولي هو الحكم في قبول هذا المسخ أو رفضه. علماً بأنّ الرفض لم يتعدَ إلى الآن حدود الرفض الكلامي.