اليوم الثالث من مداولات محكمة العدل الدولية حول حظر إسرائيل أونروا

وجه مراسل "العربي الجديد" سؤالاً للوفد الأميركي بشأن تصريحاته حول إمكانية توزيع المساعدات الإنسانية في غزة عبر جهات بديلة من "أونروا"، كما ورد في المرافعة الشفوية التي قدّمها ممثل الوفد جوش سيمونز. وقال سيمونز إن "هناك العديد من المنظمات الأخرى"، لكنه رفض تسمية أي منها رغم تكرار السؤال، مكتفياً بالقول إن "هذا السؤال لم يُطرح أمام المحكمة"، وامتنع أيضاً عن التعليق على آثار وقف المساعدات الإسرائيلية على المدنيين في القطاع.

ولدى سؤاله عن موقف بلاده من دعم إسرائيل وقطعها المساعدات عن القطاع، اكتفى سيمونز بالقول: "أعتقد أن بياننا يتحدث عن نفسه. موقف الولايات المتحدة واضح: نحن مع دخول المساعدات الإنسانية، لكن مع ضمانات تحول دون استخدامها من قبل المجموعات الإرهابية"، من دون التطرق إلى انتهاكات الاحتلال أو تداعيات وقف المساعدات على الوضع الإنساني الكارثي في غزة.

دان السفير الكويتي لدى فرنسا، عبد الله سليمان الشاهين، بشدة الهجمات الإسرائيلية على المنشآت المدنية في قطاع غزة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، مؤكداً أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.

وأكد الدبلوماسي الكويتي، أمام محكمة العدل الدولية، قلق بلاده العميق إزاء معاناة المدنيين الفلسطينيين، ولا سيما بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، مشدداً على أن القانون الدولي "يبقى هو الأقوى"، ويجب أن يُحترم من جميع الأطراف دون استثناء. كذلك شدد على الأهمية التي تضطلع بها "أونروا" في قطاع غزة وسائر الأراضي الفلسطينية، مطالباً إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، بالوفاء بالتزاماتها تجاه مؤسسات الأمم المتحدة وضمان عملها دون عوائق.

أعرب الفريق القانوني الأردني أمام محكمة العدل الدولية، عن قلق المملكة العميق بشأن الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، محذّراً من تداعياتها الإنسانية والقانونية. وأشار مارسيلو كوهين، أحد أعضاء الفريق، إلى أن تفاقم الوضع الإنساني في غزة جاء نتيجة خرق اتفاق وقف إطلاق النار، مطالباً إسرائيل بإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يضمن احترام سيادة الأرض، وعدم تهجير السكان، وتوفير مقومات الحياة للفلسطينيين.

من جانبه، شدد إيريك بورديه، عضو الفريق القانوني، على أن إسرائيل مطالبة باحترام حصانة العاملين في المنظمات الدولية، وضمان تنقلهم دون عوائق داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. كذلك أكد وجوب أن تفرج إسرائيل عن موظفي الأمم المتحدة المحتجزين ومعاقبة المسؤولين عن أي انتهاكات بحقهم، وعدم استهداف "أونروا" أو عرقلة عملها بأي شكل من الأشكال، وذلك بموجب التزاماتها الدولية.

قال ممثل وزارة خارجية لوكسمبورغ في محكمة العدل الدولية توبياس شيلل إن الوضع الإنساني المأساوي الذي تشهده غزة يستدعي من المحكمة إصدار رأي استشاري، خاصة وأن إسرائيل دولة عضو في الأمم المتحدة. وشدد على ضرورة فحص التزامات إسرائيل في ضوء وضعها كقوة احتلال، وكعضو في المنظمة الأممية. وأضاف "الاحتلال بطبيعته مؤقت، ولا يمكن استخدامه ذريعة لنقل السيادة".

دان نائب وزير الخارجية الإيراني، كاظم غاريبابادي "الفشل في تطبيق القانون الدولي خصوصًا في لحظات مثل الإبادة الجماعية التي يمر بها الشعب الفلسطيني"، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ خطوات عاجلة لوقف الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل.

ودعا نائب غاريبابادي، محكمة العدل الدولية إلى إصدار رأي استشاري بشأن ممارسات إسرائيل لا سيما في ما يتعلق بقطع المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة، بما يشمل الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى والملابس واحتياجات النظافة والصرف الصحي، إضافة إلى الإمدادات الطبية.

وقدّم المسؤول الإيراني مجموعة من الأرقام والمعطيات التي قال إنها توثّق "جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية" بحق المدنيين الفلسطينيين واستهداف المنشآت المدنية. وأشار إلى أن اتفاقيات جنيف تُلزم القوة القائمة بالاحتلال بالتعاون مع الهيئات الدولية، كما تُحمّل المجتمع الدولي مسؤولية التحرك لمنع وقوع جرائم الإبادة. واعتبر أن "نظام الأمم المتحدة فشل في أداء دوره، وسيسجل هذا الفشل في أرشيف التاريخ الإنساني".

واختتم غاريبابادي مداخلته بالتشديد على أن موقف بلاده لا يعني بأي حال من الأحوال الاعتراف بـ"النظام الإسرائيلي"، مؤكداً التزام إيران بمواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية.

دعا نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلمز، محكمة العدل الدولية إلى إصدار رأي استشاري بشأن مسؤولية إسرائيل بوصفها قوة احتلال وعضواً في الأمم المتحدة، خاصة في ما يتعلق بمنعها عمل وكالة "أونروا". وقال يلمز، في كلمته أمام المحكمة، إن من المؤسف أن انتهاكات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية مستمرة وتتفاقم. وأضاف: "منذ أكتوبر 2023، شهدنا حرباً غير مسبوقة ضد المدنيين في غزة شملت أيضاً الضفة الغربية والدول المجاورة".

وأكد المسؤول التركي أن المجتمع الدولي فشل بشكل خطير في وقف العدوان الإسرائيلي، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال. وشدد يلمز على أن إسرائيل "اختارت العداء بدل السلام"، وأنها تمضي في تنفيذ مخططاتها بضم الضفة الغربية وتوسيع المستوطنات وترحيل سكان غزة، قائلاً إن "الشعب الفلسطيني بات مرة أخرى تحت حصار كامل، والمساعدات الإنسانية ممنوعة، والعقاب الجماعي يُفرض تحت ذريعة استعادة الرهائن".

وأضاف أن "إسرائيل تستخدم التجويع سلاحاً وتقوم بنقل مئات آلاف النازحين خلال دقائق من أوامر الإخلاء، وتستهدف البنية التحتية المدنية بالكامل، بما فيها المنازل والمستشفيات والمدارس والملاجئ"، مشيراً إلى قيام إسرائيل أخيراً بتفجير مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، وهو المستشفى الوحيد المتخصص في علاج السرطان في غزة.

ردّ السفير الفلسطيني في هولندا عمار حجازي على الموقف الأميركي أمام محكمة العدل الدولية اليوم، قائلاً لـ"العربي الجديد": "هذا موقف فريد من نوعه، لأنه لا يوجد أي أحد، من الدول والأمم المتحدة أو المنظمات الدولية التي تعمل على الأرض، يتبنى هذا الموقف. نعتقد أن ما طرحته الولايات المتحدة تفسير ضيق جداً للقانون الدولي، ويعطي القوة المحتلة بعض الحقوق، ولكنه يتناسى ما على هذه القوة المحتلة من مسؤوليات التي تم تجاهلها تماماً خلال المرافعة الأميركية، خصوصاً في ما يتعلق بعدم تجويع السكان الواقعين تحت الاحتلال، والسماح للمساعدات الإنسانية، والمنظمات الدولية التي توفرها بالعمل، علاوة على تجاهلهم لمسؤوليات إسرائيل بموجب الميثاق الدولي".

ورأى حجازي أن هناك تناقضاً بين دعوة إسرائيل للسماح لهذه المساعدات بالدخول، لا ندري كيف ومتى، وفي نفس الوقت أيضاً تبرير عدم سماحها بذلك تحت حجة الأمن. وفي سؤال حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية تتواصل مع الإدارة الأميركية للضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات لغزة، لم يؤكد حجازي وجود أي تواصل، مشيراً إلى أن هناك تواصلاً مع المجتمع الدولي لأجل ذلك.

أشار وزير خارجية إندونيسيا هو سوغيونو إلى أن بلاده وقفت وستقف دوماً للدفاع عن العدالة والإنسانية لشعب فلسطين، وتقف وستظل دائماً مع شعب فلسطين لتحقيق استقلاله، لافتاً إلى أن التزام بلاده العميق مع الشعب الفلسطيني متجذر في الإنسانية، ولا مفر من أن يُكتب للفلسطينيين العيش في سلام في وطنهم.

وأضاف: "تعلق إندونيسيا أهم ما لديها على سيادة القانون الدولي، ولديها ثقة قوية في أن قرار هذا الموقر سيوجه الجمعية العامة ودولها الأعضاء لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني المضطهد. اسمحوا لي أن أؤكد أنه في حين أن العديد من البلدان، بما في ذلك إندونيسيا، تعبر بوضوح عن أنه لا ينبغي لأي دولة أن تكون فوق القانون، فرضت إسرائيل باستمرار سياساتها وتدابيرها المختلفة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل عدم احترامها للقانون الدولي، واستمرار الوجود غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي جعل من المستحيل على الشعب الفلسطيني ممارسة حقوقه الأساسية كأمة والحق في تقرير المصير".

وأشار إلى أن إسرائيل ملزمة على الأقل أولاً بضمان توفير الإمدادات الإنسانية الأساسية، وتسهيل خطط الإغاثة، والحفاظ على الخدمات الطبية وموظفي المراقبة الوقائية، لعدم إجراء أي شكل من أشكال العقاب الجماعي.

قال رئيس دائرة الأمم المتحدة في وزارة الخارجية المجرية السفير جورجو كوكسيس إن حكومة المجر تدرك أهمية الإجراءات العديدة للحصول على رأي استشاري والتأثير المحتمل الذي قد تحدثه على آفاق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. وأضاف: "عند مناقشة قضية إجراءات الرأي الاستشاري والسؤال المطروح على المحكمة في الطلب المطروح، يجب أن يعكس السياق السياسي الأوسع، مع الأخذ في الاعتبار أبعاد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

ولفت إلى أننا نلاحظ أن ما سبق تقديمه أمام هذه المحكمة قد يساهم بشكل مباشر في تصعيد النزاع، مشيراً إلى أن الطلبات الحالية والسابقة لإصدار رأي استشاري، وكذلك الإجراء الذي بدأته جمهورية أفريقيا ضد دولة إسرائيل، يمكن اعتباره تدخلاً في مشروع مستمر لا يساهم في خفض التصعيد والتسوية النهائية، وقال: "نحن مقتنعون بأن تسييس المحكمة، وفي الواقع استخدام القانون، يخلق خطوطاً فاصلة جديدة، ويستمر في تأجيج التوترات المتعطشة أيضاً لخلفية اتفاقيات وقف إطلاق النار المتعلقة بالأعمال العدائية. للأسف انهار اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في مارس (آذار) من هذا العام، ما أدى إلى صراع شامل". ودعا ممثل المجر في ختام حديثه محكمة العدل الدولية إلى عدم قبول طلب تقديم رأي استشاري.

دعا المستشار القانوني دييغو كولاس، ممثل دولة فرنسا، إلى وقف القتل اليومي، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشدداً على موقف بلاده الثابت بوجوب دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون أي إعاقة، ومذكّراً بأن عمل المنظمات الإنسانية يجب أن يكون متاحاً بحسب القانون الدولي.

وقال: "السؤال المطروح أمام المحكمة هو حول واجبات إسرائيل كقوة احتلال، وأيضاً دور الأطراف الثالثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فرنسا تؤكد حق الشعب الفلسطيني في تحقيق مصيره من خلال حل الدولتين، كحل يحقق السلام للإسرائيليين والفلسطينيين"، مضيفاً: "واجبات إسرائيل كقوة محتلة وكعضو في الأمم المتحدة، أن توفر وتسهل وصول المساعدات الإنسانية في المناطق المحتلة. إسرائيل و"أونروا" لديهما اتفاقيات عدة تضمن عمل "أونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، تضمن دخول سيارات وأفراد من "أونروا" إلى إسرائيل، لكن الكنيست أقر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي قانوناً يمنع عمل أونروا". وأضاف: "فرنسا ترى أن التزامات إسرائيل يجب أن تظهر في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي إسرائيل، بالنسبة للاتفاق مع أونروا". ودعا كولاس إسرائيل للتعاون مع الشركاء الدوليين، ومن ضمنهم "أونروا"، في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

قال المستشار القانوني في وزارة الخارجية الروسية مكسيم مسخيني إن غزة تواجه الجوع، ولا عمل للمستشفيات، فضلاً عن المعاناة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مشيراً إلى أنه في ظل ما يحصل من محرقة جثث في غزة، تظل "أونروا" العمود الفقري للأمم المتحدة، ولا يمكن لأي منظمة أخرى أن تحلّ محلها أو أن تكون لديها القدرة على ذلك.

وتابع: "مع استئناف العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، جنباً إلى جنب مع فرض حصار كامل منذ 2 مارس/ آذار، استمرت أونروا في تحمّل الدمار والضربات، وأيضاً في الضفة الغربية حيث أطلقت إسرائيل عمليتها العسكرية الكاملة في 21 يناير/ كانون الثاني، حيث تخاطر الضفة الغربية بتكرار سيناريو غزة الرهيب، وكذلك القدس الشرقية". وشدّد على أن انهيار "أونروا" لن يُلحق الضرر بملايين الفلسطينيين فحسب، بل سيُقوّض مصداقية النظام الناشئ، مؤكداً رفض استبدال "أونروا"، ومشيراً إلى أن موقف بلاده يستند كلياً إلى الآراء الاستشارية للمحكمة لعامي 2004 و2024 بأن إسرائيل كقوة احتلال ملزمة بالأصل باتفاقية جنيف الرابعة.

اعتبر المستشار القانوني الأميركي جوش سيمونز، أمام محكمة العدل الدولية، أن وكالة أونروا ليست الخيار الوحيد لتقديم المساعدة الإنسانية في بعض الحالات، مشيراً إلى أنه "لا يوجد متطلب قانوني يلزم القوة المحتلة بالسماح لمنظمة ثالثة أو منظمة دولية محددة بإجراء أنشطة في الأراضي المحتلة، من شأنها المساس بمصالحها الأمنية، وإلا فسيكون ذلك مخالفاً لاتفاقية جنيف الرابعة"، مضيفاً: "من الواضح أن إسرائيل ليست ملزمة بالسماح للأونروا على وجه التحديد بتقديم المساعدة الإنسانية".

ولفت إلى أن الجمعية العامة لا تملك سلطة فرض التزام دائم على إسرائيل، مشيراً إلى أن عامود ميثاق الأمم المتحدة يقنن توزيع السلطة والمسؤوليات بين أجهزتها الرئيسية، وخاصة بين مجلس الأمن والجمعية العامة، وقد اختير هذا التوزيع عمداً من قبل واضعي الميثاق، وهو أمر أساسي لنهج الأمم المتحدة في تعزيز السلام والأمن الدوليين، ويمكن لمجلس الأمن فقط أن يقرّر التدابير التي يجب اتخاذها.

ورأى سيمونز أنه ليس من واجب الاحتلال تأمين عمل طرف ثالث مثل "أونروا"، بحسب القانون، معتبراً أن القانون الدولي لا يفرض أي التزامات غير مشروطة على القوة المحتلة في ما يتعلق بجميع هذه الكيانات. واتهم سيمونز وكالة أونروا بعدم الحياد، مشيراً إلى ما قال إنّها مخاوف جدية بشأن هذا الحياد، بما في ذلك المعلومات التي تفيد بأن "حماس" استخدمت مرافق غير مأهولة، وشارك موظفون في أونروا في عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ضد إسرائيل، معتبراً أنه لدى إسرائيل أسباباً كافية للتشكيك في عدم حياد "أونروا".