محاولة دولية جديدة لإنهاء الأزمة اليمنية على وقع احتجاجات جنوباً

محاولة دولية جديدة لإنهاء الأزمة اليمنية على وقع احتجاجات جنوبيّ البلاد

15 سبتمبر 2021
غليان شعبي واسع في مدن عدن وحضرموت جراء تدهور الأوضاع المعيشية (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

يبدأ مبعوثا الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، اليوم الأربعاء، جولة جديدة لإحياء المشاورات اليمنية المتعثرة وإنهاء الأزمة، وذلك على وقع احتجاجات شعبية يشهدها عدد من مدن جنوبيّ اليمن وشرقيّه، تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية.

وقال مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" إنّ من المقرّر أن يبدأ المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، اليوم الأربعاء، أولى جولاته إلى العاصمة السعودية، للقاء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومسؤولين سعوديين.

وأشار المصدر إلى أن غروندبرغ سيلتحق بالمبعوث الأميركي تيموثي ليندركينغ، الذي أعلنت الخارجية الأميركية في وقت سابق أنه يوجد حالياً في الرياض لذات المهمة التي تشمل أيضاً العاصمة العمانية مسقط.

ويسعى المجتمع الدولي للدفع نحو عملية سلام شاملة لوقف الحرب المتصاعدة منذ نحو 7 أعوام، على الرغم من المؤشرات السلبية الحاصلة على الأرض، وخصوصاً في ظل التصعيد الواسع من الحوثيين في تكثيف الهجمات غربيّ محافظة مأرب، وكذلك في العمق السعودي.

ويراهن المجتمع الدولي على الدور العماني في إقناع الحوثيين بالعدول عن الزحف نحو مأرب، نظراً للكلفة الإنسانية التي يسببها الهجوم البري.

والاثنين الماضي، أعرب وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي عن تفاؤله بدفع المفاوضات السياسية المتعثرة منذ منتصف 2016. وقال، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام سعودية: "نحن قاب قوسين أو أدنى من دفع العملية السياسية اليمنية (..) لدينا قناعات قوية بوقف الحرب ودفع المسار السياسي".

وفيما أشار إلى أن السلطنة تسعى إلى تقريب وجهات النظر في الأزمة اليمنية، أشار البوسعيدي إلى أن دورهم يقتصر على المساعدة، وأن جماعة الحوثيين لم ترفض وساطتهم.

وكان المبعوث الأممي غروندبرغ قد طالب في أول إحاطة له أمام مجلس الأمن، الأطراف اليمنية بالذهاب إلى طاولة الحوار من دون شروط مسبقة، لكن جماعة الحوثيين استبعدت أي فرصة للحوار من دون رفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي، وكذلك وقف الغارات الجوية للتحالف.

وتتزامن الجولة الدولية الجديدة مع غليان شعبي واسع ضد السلطات الحكومية في مدن عدن وحضرموت جراء تدهور الأوضاع المعيشية، فيما يحاول "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتياً استغلال الأوضاع لإخراج مظاهرات بشعارات سياسية ضد الحكومة في شبوة.

وبحسب سكان محليين لـ"العربي الجديد"، شنّت المليشيات التابعة للمجلس الانتقالي مداهمات في أحياء كريتر خلال الساعات الماضية من فجر الأربعاء، بحثاً عن ناشطين يقول إنهم يقفون وراء تهييج الشارع وقطع الطرقات.

وأشارت المصادر إلى تراجع الاحتجاجات نسبياً في عدن خلال الساعات الماضية، وذلك جراء الانتشار الأمني الواسع الذي نفذته وحدات المجلس الانتقالي في عدد من مديريات عدن منذ منتصف الليلة الماضية.

وفي محافظة شبوة أفشلت القوات الحكومية مخططات المجلس الانتقالي لإخراج تظاهرات مسلحة في مدينة عتق، فيما شهدت مناطق مختلفة من المحافظة تظاهرات محدودة شارك فيها العشرات.

واتهم المجلس الانتقالي القوات الحكومية بتنفيذ مداهمات لمقراته في مديرية رضوم بشبوة، واعتقال عدد من أنصاره قبيل بدء تظاهرات الأربعاء.

وكانت وكالة "الأناضول" قد نقلت عن سكان محليين، في أحاديث منفصلة، أنّ شخصاً قُتل وأصيب 4 آخرون جرّاء انفجار قنبلة يدوية رُميَت على محتجين قطعوا شارعاً رئيسياً في حيّ الشيخ عثمان في محافظة عدن.

وتواصلت لليلة الثانية على التوالي الاحتجاجات الغاضبة في مدن كريتر والمنصورة والشيخ عثمان، وخور مكسر بالمحافظة، احتجاجاً على تردي الخدمات والغلاء في العاصمة المؤقتة عدن، وسط أنتشار أمني كبير.

وقال المواطن محمد وليد لـ"العربي الجديد" إن سبب خروجه إلى الشارع كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية وعدم استلامه راتبه شهوراً طويلة، وبات وضع جيرانه أسوأ منه، وعندما أصبح لا يستطيع تلبية حتى نصف احتياجاته الأساسية، مع استمرار ارتفاع العملة، بدأ يشعر بالخوف من عدم القدرة على شراء لقمة العيش"، مضيفاً: "بدأت أشعر بالخوف من الجوع وعدم قدرتي على إعالة أطفالي، وتدريسهم، وأن أحفظ لهم على الاقل حقهم في الحياة، فحتى فرص العمل قلت بسبب هذا الانهيار في كلّ شيء".

بدوره، قال عبد الرحمن سعيد لـ"العربي الجديد"، "سنوات ونحن تحت عذاب الشرعية والانتقالي والتحالف، وجميعهم يستخدمون معاناتنا من أجل أن يرتاحوا ويعيشوا برفاهية، ونحن فقط الموجودون في الداخل نتجرع سياساتهم"، مضيفاً: "أولادنا في الجبهات يواجهون مليشيات الحوثي، وهم من دون مرتبات، وكذلك الموظفون المدنيون، والكهرباء مقطوعة والمدارس مغلقة، وهناك ارتفاع في أسعار السلع والوقود، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواصلات، والعملة منهارة، والاقتصاد خرج ولم يعد"، لذلك بحسب وصفه، خرج في التظاهرات والاحتجاجات "من أجل يعيش، ويسمع الكل أننا "طفشنا"، وأن الوضع لا يُحتمل، فإمّا أن يقوموا بإصلاح الأوضاع أو ستكون ثورة ضد الجميع".

أمّا الشاب الثلاثيني إبراهيم صادق فشرح من جهته سبب خروجه في تظاهرة، قائلاً: "أنا خرجت لأنني عجزت عن الزواج، عجزت عن توفير بيت ولم أستطع إكمال دراستي في الجامعة، تركتها من أجل العمل وأبحث عن مصدر دخل، فالمتخرج من الجامعة وغير المتعلّم أصبحا سواسية، لا يستطيع الحصول على وظيفة وإذا حصل على وظيفة لا يكفيه راتبه لتكوين أسرته".

وتابع: "أعمل لدوامين، فأنا صباحاً موظف متعاقد مع مؤسسة حكومية، ومساءً أعمل سائق تاكسي، ومع ذلك لا أستطيع أن أوفر شيئاً من أجل أكوّن أسرة لأن راتب والدي متوقف، واضطر للعمل بوظيفة أقل من مستواه حتى نسد احتياجاتنا، ومع ارتفاع الأسعار وانهيار العملة أصبحت الحياة تضيق علينا أكثر، وأصبحنا نفقد الأمل في العيش بحياة مثل باقي البشر".

وأكد أن كل عائلة في عدن تعيش أزمة داخلية، وكل الناس يخفون معاناتهم خلف الأبواب لسنوات، قائلاً: "اليوم خرج الناس ليحكوا ويشكوا معاناتهم ويخرجوا غضبهم".

وفي الشأن العسكري، أعلن التحالف السعودي الإماراتي، اليوم الأربعاء، اعتراض وتدمير مسيّرة مفخخة أطلقتها جماعة الحوثي تجاه "مطار أبها الدولي" جنوب غربيّ السعودية، مشيراً إلى أنه يتعامل مع مصادر التهديد بحزم.

المساهمون