الوفد اللبناني المفاوض بشأن ترسيم الحدود الجنوبية يطوي صفحة الخلافات

الوفد اللبناني المفاوض بشأن ترسيم الحدود الجنوبية يطوي صفحة الخلافات

20 أكتوبر 2020
الوفد اللبناني الذي سيفاوض بشكل غير مباشر وتقني (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

يستعدّ الوفد اللبناني المفاوض في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للمشاركة في الاجتماع الثاني، الذي يُعقَد يوم الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في الناقورة تحت رعاية الأمم المتحدة، والوساطة الأميركية، على وقع أجواء تهدئة بين الأفرقاء السياسيين، وخصوصاً من جهة الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري)، الذي قرَّر، بحسب مصدر في الحزب لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، وضع الخلافات جانباً، وطي الصفحة، حفاظاً على الوحدة المطلوبة لمواجهة وفد الاحتلال الإسرائيلي.

وشدّد مصدر "حزب الله" على أنّ "الرسالة وصلت من خلال البيان الذي صدر فجر يوم المفاوضات الأول، ولا داعي للدخول في سجالات جديدة، أو إعطاء الموضوع أكبر من حجمه بما يضرّ مصلحة لبنان أو حرفه عن جوهره، عبر أخذه إلى أماكن سياسية وتصوير الأمر وكأنّ هناك خلافاً بين الحلفاء"، علماً أنّ إشكالاً دستورياً حصل أيضاً في الملف نفسه بين الرئاسة الأولى، ورئاسة مجلس الوزراء، طويت أيضاً صفحته.

في السياق، أكد المستشار الإعلامي للرئيس ميشال عون، رفيق شلالا، لـ"العربي الجديد"، أنّ الوفد اللبناني الذي سيفاوض بشكل غير مباشر وتقني وفد الاحتلال الإسرائيلي "لم يتغيّر، وسيُشارك الأعضاء أنفسهم في الاجتماع الثاني الأسبوع المقبل"، وهم العميد الركن الطيار بسام ياسين، رئيساً، العقيد الركن البحري مازن بصبوص، عضو هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان وسام شباط، والخبير نجيب مسيحي، أعضاءً.

مصدر من "حزب الله": ولا داعي للدخول في سجالات جديدة، أو إعطاء الموضوع أكبر من حجمه.. عبر أخذه إلى أماكن سياسية وتصوير الأمر وكأنّ هناك خلافاً بين الحلفاء

وأصدرت قيادتا "حركة أمل" و"حزب الله" بياناً فجر 14 أكتوبر/ تشرين الأول، أي قبيل ساعات قليلة على بدء المفاوضات بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، هاجما فيه تشكيلة الوفد اللبناني المفاوض، وطالبا بالعودة فوراً عن القرار، وإعادة تشكيل وفد لبناني بما ينسجم مع اتفاق الإطار الذي أعلنه الرئيس بري مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول، والذي أكد في مقدّمته على الانطلاق من تفاهم إبريل/ نيسان عام 1996، ومن القرار رقم 1701، واللذين على أساسهما تعقد الاجتماعات الدورية بين ضباط عسكريين حصراً، وبالتالي فإنّ تشكيل الوفد اللبناني بالصيغة التي وردت، وضمنه شخصيات مدنية، مخالف لاتفاق الإطار ومضمون تفاهم إبريل/ نيسان.

وقال عضو "كتلة التنمية والتحرير" (تمثل حركة أمل في البرلمان)، النائب محمد خواجة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا الموضوع أصبح وراءنا، وعبّرنا من خلال البيان المشترك عن موقفنا الواضح، الذي يفضّل أن يكون الوفد مؤلفاً من الضباط العسكريين، خصوصاً أنّ في المؤسسة الكثير من ضباط الاختصاص في مختلف المجالات كان من المُمكِن ضمّهم إلى الوفد، ولكن اليوم لا يفيدنا الدخول في مهاترات من أي نوع كانت، على اعتبار أنّ استمرارية السجال تضرّ بالموقف اللبناني، وعلينا مواجهة العدو بوحدتنا، الذي أتى بوفد سياسيّ اقتصادي بهدف إعطاء المفاوضات صبغة مختلفة".

ولفت خواجة إلى أنّ المفاوضات القائمة اليوم هي "فنّية تقنية، غير مباشرة، برعاية أممية مع الطرف الإسرائيلي، وتقوم على ترسيم الحدود بغية استعادة لبنان المساحة المغتصبة، وما فيها من ثورة نفطية وبحرية، خصوصاً على صعيد البلوك 8 و9 الذي بحسب الدراسات يحوي على كميات كبيرة من الغاز، الأمر الذي من شأنه أن ينتشل لبنان من أزمته الاقتصادية الحادّة، وهي تكملة للمخاض الصعب والمفاوضات الشاقة التي خاضها الرئيس نبيه بري لسنوات".

وعرض الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الثلاثاء في قصر بعبدا الجمهوري، مع المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، مداولات الجلسة الأولى لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية والآلية التي اعتمدت وفقاً لاتفاق الإطار الذي تمّ التوصّل إليه.

وشرح كوبيش للرئيس ميشال عون دور الأمم المتحدة في هذه المفاوضات التي عقدت في مقرّ قوات الأمم المتحدة "يونيفيل" في الناقورة جنوبي لبنان، والقواعد التي استند إليها المشاركون، وأوضح أنّ اللغة العربية اعتمدت إلى جانب اللغة الإنكليزية، لافتاً إلى أنّ المشاركين في الاجتماع الأول "أظهروا قدراً كبيراً من المسؤولية والحرفية".

من جهته، شكر الرئيس اللبناني كوبيتش على الدور الذي قامت به الأمم المتحدة في رعاية واستضافة المفاوضات في مقرّ "يونيفيل" بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية كوسيط مسهّل للتفاوض، معرباً عن أمله في الوصول إلى اتفاق يحفظ الحقوق السيادية للبنان من خلال أهمية إنجاح المفاوضات التقنية التي ستستأنف الأسبوع المقبل.

وتحدث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو هاتفياً، أمس الإثنين، مع الرئيس ميشال عون ورحّب ببدء المفاوضات بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي. 

واحتفى بومبيو بالذكرى السنوية الأولى لانتفاضة 17 أكتوبر، مشيراً إلى أنّ "الولايات المتحدة تتطلّع إلى تشكيل حكومة لبنانية تلتزم بإصلاحات من شأنها أن تؤدي إلى فرص اقتصادية وحكم أفضل ووضع حدّ للفساد المستشري، وتتمتع بالقدرة على تنفيذ هذه الإصلاحات".

وسجّل "إشكالٌ" بين الرئاسة اللبنانية والجانب الأميركي، لناحية ترجمة المواقف الصادرة أميركياً، في مناسبتين، إذ ردّت السفارة الأميركية في بيروت على بيان موزع من قصر بعبدا، عن لقاء مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، والرئيس عون، باعتبار أنّ التباساً حصل في الترجمة و"الحديث المجازي"، كذلك صدر بيان يوضح تفاصيل اتصال بومبيو، موزع على الإعلام باللغة العربية، مشيراً لاحقاً إلى موقفه بخصوص الانتفاضة.

حكومياً، تستعدّ الكتل النيابية للمشاركة في الاستشارات الملزمة التي دعا إليها الرئيس عون يوم الخميس المقبل بعد تأجيلها مدة أسبوع، والتي تظهر حتى السّاعة أن رئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري سيُكلّف تشكيل الحكومة حائزاً على أكثر من 70 صوتاً، علماً أنّ الأوساط المطلعة على الملف الحكومي تشدد على أنّه في حال أقيمت الاستشارات في موعدها في قصر بعبدا، ولم تؤجل مرّة ثانية، وكلّف الرئيس الحريري، في ظلّ مقاطعة "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه النائب جبران باسيل، فإنّ مسار التأليف لن يكون سهلاً، وستظهر الكثير من العراقيل، بدءاً من رئيس "التيار الوطني الحر" وصهر الرئيس جبران باسيل الذي سيعيد الاعتبار لفريقه من خلال عودته إلى الحكومة أو المشاركة في تسمية الوزراء، تماماً كـ"الثنائي الشيعي"، الأمر الذي سيرتدّ حكماً على بقية الأحزاب السياسية التي ستُطالب بحصّتها، وهنا الخوف الأكبر من تكرار تجربة حكومة ما قبل الانتفاضة التي أسقطها الشارع في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

المساهمون