الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية يبدأ جولته اللبنانية

الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية يبدأ جولته اللبنانية

13 يونيو 2022
الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود آموس هوكشتاين (العربي الجديد)
+ الخط -

بدأ الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية جنوباً بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي آموس هوكشتاين مساء الإثنين، جولته على بعض المسؤولين اللبنانيين المطلعين على الملف، على أن يلتقي غداً الثلاثاء رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزيف عون ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب.

وتأتي زيارة هوكشتاين إلى بيروت تلبية لدعوة لبنانية رسمية وجهت إليه للبحث في استكمال مفاوضات الترسيم والعمل على إنهائها في أسرع وقتٍ ممكن، وذلك غداة إعلان شركة "إينرجيان باور" اليونانية البريطانية وصول سفينة وحدة إنتاج وتخزين الغاز الطبيعي إلى حقل كاريش النفطي في بحر فلسطين المحتلة، الذي يقع ضن منطقة متنازع عليها وإعلانها العزم على بدء تشغيلها في الأشهر المقبلة.

والتقى هوكشتاين وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض بحضور السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا، حيث كان قد بحث في ملف استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر سورية بالدرجة الأولى وسط تأكيد على ضرورة إنجاز المسألة سريعاً، في ظل الازمة التي يعاني منها لبنان في قطاع الكهرباء، بحسب معلومات "العربي الجديد"، وكان قد بحث هوكشتاين أيضاً في العراقيل التي تحول دون دخول المشروع حيز التنفيذ.

وجدّد الوسيط الأميركي تأكيده على أن المشروع محمي من عقوبات قانون قيصر ومُستَثنى منه (يهدف إلى حماية المدنيين السوريين وينص على فرض عقوبات على نظام بشار الأسد وداعميه ومموليه والمتعاملين معه، ودخل حيز التنفيذ في 17 يونيو/حزيران 2020).

وكان وزير الطاقة تحدث قبل أيام عن أن لبنان ينتظر موافقة الإدارة الأميركية وتمويل البنك الدولي لتنفيذ الاتفاق، مع الإشارة إلى أن هذا الملف رُبط كثيراً بترسيم الحدود البحرية، وبأنه ورقة ضغط تلعب لدفع الجانب اللبناني للتنازل عن حدوده البحرية الطبيعية، مع العلم أن الرئيس ميشال عون نفى اليوم وجود أي ارتباط بين المفاوضات حول ترسيم الحدود ومسألة استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن أو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

عون يعرض لوفد نيابي المراحل التي قطعتها عملية المفاوضات

على صعيدٍ متصل، أبلغ الرئيس عون اليوم المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونيسكا خلال استقباله لها في قصر بعبدا أن "الجانب اللبناني سيبلغ الوسيط الأميركي بالموقف اللبناني الموحّد حيال الطروحات المقترحة لاستئناف المفاوضات، والتي تحفظ حقوق لبنان".

وفي سياق الملف نفسه، عرض رئيس الجمهورية اليوم لوفد نيابي من كتلة التغييريين المراحل التي قطعتها عملية المفاوضات والصعوبات التي واجهتها وأدت إلى تعليقها، شارحاً موقف لبنان من الخطوط المقترحة للترسيم، مؤكداً على أنه من غير الوارد التنازل عن حقوق لبنان في استثمار ثروته الغازية والنفطية.

ولفت عون بحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية إلى أن "المحادثات التي ستتم مع الوسيط الأميركي في المفاوضات ستتناول موقف لبنان المتمسك بعودة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، التي كانت توقفت على إثر رفض العدو الإسرائيلي الاقتراح اللبناني باعتبار الخط 29 خطاً تفاوضياً، وبعد رفض الجانب اللبناني للخط الإسرائيلي رقم 1 وخط هوف".

وأعرب عون عن أمله في أن تحقق المحادثات مع هوكشتاين تحريكاً للمفاوضات، متحدثاً عن الضغوط التي يواجهها لبنان لمنعه من استثمار ثروته النفطية والغازية، مشيراً إلى أن "رئيس الجمهورية يقود المفاوضات، وبعد الوصول إلى اتفاقٍ فإن على مجلس الوزراء الموافقة عليه وإحالته إلى مجلس النواب وفقاً للأصول وهو أمر لم يحصل بعد بالنسبة إلى الخط 29".

وقالت الرئاسة اللبنانية إن عون عرض على الوفد النيابي ملابسات التوقف عن الحفر في الحقل رقم 4، وتحدث عن تبريرات غير مقنعة قدمتها الشركة المنقبة، لافتاً إلى حصول ضغوطٍ دولية عليها للتوقف عن متابعتها للحفر.

على صعيد ثانٍ، توقف عون عند التهديدات الإسرائيلية الأخيرة مؤكداً رفضه لها، لافتاً إلى أن "العدو الإسرائيلي يتصرف خلافاً للقوانين والقرارات الدولية مستغلاً سكوت المجتمع الدولي عن انتهاكاته لقرارات مجلس الأمن".

الوفد النيابي يشدد على تعديل المرسوم6433/2011

من جهته، دعا النائب ملحم خلف باسم الوفد النيابي، الرئيس عون وسائر أركان السلطة التنفيذية في المضي قدماً في تعديل المرسوم 6433/2011 وإبلاغه إلى المراجع الدولية اليوم قبل الغد، مشدداً على أهمية وحدة الموقف اللبناني والتمسّك بالخط 29 الذي يؤهل لبنان التفاوض من موقع القوة.

وسأل خلف في كلمة الوفد الرئيس عون "هل مقبول التفاوض على الحقوق السيادية، قبل اتخاذ الموقف الإجرائي المثبت للخط 29؟! وهل اتبع هذا التفاوض الاستراتيجية المنتِجة الضامنة للحقوق والمنطلقة من موقع قوة القانون، ومن موقع النديّة؟! أو أنه تفاوض منطلق من موقع ضعف، لا يعرفه لبنان ولا يقبل به اللبنانيون؟! أوليس من مصلحتنا جميعاً اتخاذ الموقف الأعلى المبرر قانوناً الحامي لثرواتنا، المترجم عملياً بتعديل المرسوم 6433 وإيداعه الامم المتحدة ومن ثم ترك التفاوض يأخذ مجراه وشكلياته ووقته؟ ولماذا لا نعود إلى التفاوض غير المباشر الذي بدأ في الناقورة جنوباً؟".

وتابع "ماذا يفعل العدو اليوم بإرساله المنصة المنقّبة عن النفط والغاز إلى حقل كاريش المتنازع عليه، قبل أن تكرّس الحقوق نهائياً؟ نحن لا نرضخ لتهديدات العدو التهويلية! ولا يمكن أن يوقف ذلك تثبيت الخط 29! ولا نقبل بدخول المنصة اليونانية إلى حقل كاريش المتنازع عليه وبدء الانتاج منه!"، مشيراً إلى "أننا نتوقع منكم أن لا تقبلوا بكل ذلك".

في إطار جولة النواب التغييريين على المسؤولين اللبنانيين التقوا أيضاً الرئيس ميقاتي، الذي نقلوا عن لسانه قوله إن "تعديل المرسوم يجب أن يكون بشكل نهائي ولهذا كانوا ينتظرون أن تصل المفاوضات إلى مرحلة متقدمة لتعديله مرة واحدة".

وتعلو الأصوات الداعية في لبنان إلى تعديل المرسوم 6433 المقترح من قبل قيادة الجيش اللبناني الذي يصحح حدود لبنان البحرية واعتماد الخط 29 بدلاً من 23 للاستفادة من حقل كاريش النفطي وإيداعه الأمم المتحدة مع الإحداثيات.

يذكر أن قائد الجيش العماد جوزيف عون كان له موقف اليوم بتأكيده أن انتهاء مهمة الجيش التقنية، ووقوفه خلف السلطة السياسية في أي قرار تتخذه، وقال "لسنا معنيين بأي تعليقات أو تحليلات أو مواقف سواء كانت سياسية أو إعلامية، الموقف الرسمي يصدر عن قيادة الجيش حصراً وأي رأي آخر لا يعبّر عن موقف الجيش".

يأتي ذلك في ظل الحملة التي يشنها الرئيس السابق للوفد التقني العسكري اللبناني المفاوض العميد المتقاعد بسام ياسين على السلطة السياسية، وقد طاولت الرئيس عون، متهماً إياها بالخيانة العظمى، مشدداً على أن لبنان بقبوله الخط 23 يكون قد تنازل مجاناً عن ثروته النفطية لصالح الاحتلال الإسرائيلي.