الهوية الوطنية لصد نتنياهو

الهوية الوطنية لصد نتنياهو

16 يناير 2021
قمعت شرطة الاحتلال المتظاهرين في الناصرة (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -

شكلت التظاهرة الصاخبة التي دعت إليها الأحزاب العربية في الداخل الفلسطيني، الأربعاء الماضي، لرفض زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الناصرة، مستغلاً منصبه الرسمي من جهة وحملات التطعيم ضد الكورونا من جهة ثانية، نقطة تحرك فعلي أولي لمواجهة الهجمة الإعلامية لرئيس وزراء الاحتلال الذي يحاول رسم صورة "المحب للعرب" والرافض لأحزابهم، على غرار المثل الشعبي الفلسطيني القائل "يحييك ويخزي ابن عمك"، فضلاً عن مساعيه لترسيخ الخلافات الداخلية بينهم لسرقة ما استطاع من أصواتهم. 
والتظاهرة خطوة ميدانية فعلية أولية، بعد سلسلة من تراشق اتهامات داخلية على أثر مجاهرة رئيس قائمة الحركة الإسلامية الجنوبية، منصور عباس، بمواقف لا تستبعد التعاون مع حكومة اليمين الحالية أو أي حكومة مقبلة. وينبغي للتظاهرة أن تشكل نقطة تحول في الحراك الانتخابي للداخل الفلسطيني، وبلورة مواقف واضحة ورؤية أوضح لحدود المشاركة البرلمانية وفوائدها.
مع ذلك يبدو أن انشغال الأحزاب العربية بمناورات نتنياهو وتراشق الاتهامات يفوق انشغالها في ترتيب صفوفها وتثبيت وحدتها على الحد الأدنى من الأسس والثوابت الوطنية، بما يجعل منع التصويت لليمين الإسرائيلي تحصيل حاصل لتعزيز هوية وطنية في الداخل لا ترى حتى باليسار الإسرائيلي، أو ما تبقى منه خياراً فكم بالحري اليمين ممثلاً بمَن اعتبر العرب في الداخل في مؤتمر هرتسليا عام 2003 خطراً ديمغرافياً استراتيجياً على إسرائيل.
صحيح أن الثغرة التي دخل منها منصور عباس، حدثت بفعل خطيئة توصية القائمة ككل على الجنرال بني غانتس، وبفعل الغزل الذي لم يتوقف من قبل رئيس القائمة أيمن عودة مع أطراف في الوسط واليسار الصهيوني، إلا أن المعركة الحالية للمجتمع الفلسطيني في الداخل ليست مجرد منع تسرّب أصوات لحزب الليكود بقيادة نتنياهو، بل تحصين المجتمع والأجيال الشابة من خطر المفاضلة بين اليمين الإسرائيلي واليسار الإسرائيلي الصهيوني الذي أثبت عنصريته تجاه الفلسطينيين في الداخل قبل أن يحلم اليمين بتسلم مقاليد الحكم في إسرائيل.
المعركة إذا لست فقط في صد نتنياهو، ولكن قبل إغلاق الباب في وجه نتنياهو، يتعين إغلاقه في وجه الوسط واليسار الصهيوني، وألا يكون عنوان المرحلة فقط عدم خسارة مقاعد في الكنيست للقائمة المشتركة، بل ربما سيكون أفضل لنا (من في الداخل)، استراتيجياً، خسارة مقاعد عدة لا يلتزم أصحابها بالثوابت الوطنية، من أن نخسر ويخسر أبناؤنا هويتهم الوطنية والقومية على مذبح مقاعد في برلمان معاد لنا ولهم.