الهزيمة الانتخابية التاريخية لحزب ميركل تربك مستقبله السياسي

الهزيمة الانتخابية التاريخية لحزب ميركل تربك مستقبله السياسي

28 سبتمبر 2021
تصاعدت أصوات تطالب لاشيت بالاستقالة (طوماس كينزل/فرانس برس)
+ الخط -

أربكت الهزيمة التاريخية التي لحقت بحزب المستشارة أنجيلا ميركل، الاتحاد المسيحي الديمقراطي، في انتخابات البوندستاغ، الأحد الماضي، قياديي الحزب العريق، بعد أن حل ثانياً بنسبة 24.1 في المائة من الأصوات خلف الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي استطاع تحقيق نتيجة مثالية بلغت 25.7 في المائة، بعد 16 سنة على سيطرة "المسيحي الديمقراطي" على المشهد السياسي والانتخابي.
ومع أن زعيم "المسيحي الديمقراطي" والمرشح لمنصب المستشار أرمين لاشيت أعلن عزمه خوض مفاوضات لتشكيل ائتلاف حكومي مع حزبي "الخضر" و"الليبرالي الحر"، ما قد يسمح لحزبه بالاحتفاظ بالسلطة، فقد برزت أصوات داخل "الاتحاد" تطالبه بالاستقالة. وأمام ذلك، يناقش حزب المستشارة كيف يمكنه تجديد نفسه في المعارضة أو الحكومة، عبر إجراء تغييرات على مستوى القيادة من أجل العودة بحزبهم إلى القمة والتصالح مع جمهوره وناخبيه.

كارل لومان: "الاتحاد المسيحي" يعيش أعمق أزماته منذ العام 1998

وفي هذا الإطار، أوصى زميله في الحزب وزير الاقتصاد الاتحادي بيتر ألتماير، الذي خسر ضد مرشح "الاشتراكي" وزير الخارجية هايكو ماس، في حديث مع صحيفة "راينشه بوست" نشر اليوم الثلاثاء، حزبه "بجزء من التواضع"، وإلى إعادة تنظيم صفوفه بعد الهزيمة الانتخابية بوجه "الاشتراكي". علماً أن ألتماير كان من مؤيدي ترشيح زعيم حزب "الاجتماعي المسيحي" ورئيس حكومة ولاية بافاريا ماركوس زودر لمنصب المستشار. في المقابل، برزت تحذيرات لعضو هيئة الرئاسة في "المسيحي الديمقراطي" نوربرت روتغن من السعي لتجديد فريق العمل فوراً، رغم إعلانه أن حزبه وبهذه النتيجة لم يعد حزباً شعبياً، وقال لصحيفة "كولنر شتات أنتسايغر": "لا يمكننا إثارة منافستنا الداخلية بالتوازي مع المفاوضات حول الحكومة المقبلة"، موضحاً أن لاشيت هو زعيم الحزب المنتخب والمرشح المحتمل لمنصب مستشار. يشار إلى أنه لم يسبق أن سجل "الاتحاد المسيحي" نسبة تقل عن 30 في المائة في أي انتخابات ماضية.
ومع تأكيد الخسارة الانتخابية بفارق 1.6 في المائة من الأصوات عن "الاشتراكي الديمقراطي"، طالبت العضو في "المسيحي الديمقراطي" في ولاية راينلاند بفالس ألين ديموث، في تغريدة اليوم الثلاثاء، لاشيت بالاستقالة، وبتجنب المزيد من الضرر بوحدة الحزب، مشيرة إلى أنه لا يمكن لأي حزب أن يحصل على تفويض حكومي بهذه النتيجة.

وحتى إن تعليقات مؤيدين للحزب أشارت إلى أنه يتعين على المجلس التنفيذي وزعيمي الحزبين "الاتحاد المسيحي" أرمين لاشيت و"الاجتماعي المسيحي" ماركوس زودر، استخلاص العبر من كارثة الانتخابات مع تقديم استقالات فورية، وأنه تجب إعادة انتخاب مجالس الإدارة من قبل جميع الأعضاء، وليس فقط المندوبين، وفق ما ذكرت صحيفة "دي فيلت"، وفي حال إجراء مفاوضات ائتلافية بين "الاتحاد المسيحي" والأحزاب الأخرى، يجب أن تُشكل الحكومة من دون مشاركة "الخضر". وكان لاشيت دعا إلى الوحدة حتى يتمكن "الاتحاد المسيحي" من التفاوض مع "الديمقراطي الحر" و"الخضر" من أجل تحالف مستقبلي، معتبراً أن "الحكومة التي يقودها الاتحاد الأفضل لبلدنا".

التنافس على زعامة كتلة "الاتحاد" في البوندستاغ ستزيد من الصراع داخل حزب ميركل
 

من جهته، قال وزير العدل السابق في ولاية هيسن المنتمي إلى الحزب المسيحي الديمقراطي كريستيان فاغنر، في مقابلة مع إذاعة "صوت هايلبرونر": نحن بحاجة لبداية جديدة، ويجب أن يتحمل لاشيت المسؤولية السياسية عن هذا الانهيار وهذه الكارثة. لكن فاغنر اعتبر أيضاً أن حزبه محق، مع الفارق الطفيف في النتائج مع "الاشتراكي"، في التفاوض مع "الخضر" و"الليبرالي الحر"، ويمكنه بالتأكيد أن يطالب بتعيين المستشار. وأعرب عن قناعته بأن فريدريش ميرز، الذي تنافس مع لاشيت سابقاً على زعامة الحزب، وزودر سيكونان بديلين لتولي منصب المستشار. أما رئيس جناح العمال في الحزب كارل جوزف لومان، فاعتبر أنه لا يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو، إذ يعيش "الاتحاد المسيحي" أعمق أزماته منذ العام 1998. في المقابل، استبعد السياسي المخضرم في "المسيحي الديمقراطي" فولفغانغ بوسباخ، في تصريح لشبكة التحرير الألمانية، حدوث ثورة داخل الحزب، مشيراً إلى أنه ما دامت لدى "الاتحاد" فرصة لتعيين المستشار في ائتلاف "جامايكا"، فلن يكون هناك انتقاد جوهري للاشيت.
وتبين، مع صدور نتائج الانتخابات، أن الاتحاد المسيحي الديمقراطي لم يحصل على تفويض مباشر في ولايات مكلنبورغ فوربومرن وبراندنبورغ وهامبورغ وبريمن وسارلاند، فيما هيمن في ولايتي ساكسونيا وتورينغن حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي على عدد كبير من الدوائر الانتخابية. كما كشفت عن خسارة وزيرة الزراعة الاتحادية يوليا كلوكنر ورئيس ديوان المستشارية هيلغه براون بالتصويت المباشر أمام مرشحي "الاشتراكي".

من جهة ثانية، يبدو أن التنافس على زعامة كتلة "الاتحاد" في البوندستاغ ستفاقم الصراع داخل حزب ميركل، إذ أعلن وزير الصحة ينس شبان نيته تولي المنصب، فيما كشف الرئيس الحالي للكتلة البرلمانية رالف برينكهاوس عن رغبته بالبقاء في منصبه، في حين يتطلع ميرز ونوربرت روتغن أيضاً إلى زعامة الكتلة. وكان مرشح "الاشتراكي الديمقراطي" لمنصب المستشار أولاف شولز قال، أمس الاثنين، إنه من المؤكد أن الكثير من المواطنين صوتوا لحزبنا لأنهم يريدون تغييراً في الحكومة، وأن يكون هو المستشار، معتبراً أن "المسيحي الديمقراطي" و"الاجتماعي المسيحي" في بافاريا لم يخسرا الأصوات فحسب، بل تلقيا رسالة من الناخبين مفادها أنه لا ينبغي أن يكونا في الحكومة، بل في المعارضة.

المساهمون