النيابة المصرية تتحدث عن "مؤامرة" لقتل ريجيني والإساءة إلى الأمن

النيابة المصرية تتحدث عن "مؤامرة" لقتل ريجيني والإساءة إلى الأمن

30 ديسمبر 2020
وصفت النيابة سلوك ريجيني بأنه "كان مريباً" (Getty)
+ الخط -

فجّرت النيابة العامة المصرية مفاجأة في ختام تحقيقاتها في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني التي أعلنت، اليوم الأربعاء، غلقها لعدم معرفة الفاعل، بحديثها للمرة الأولى عن احتمال مزعوم باستغلال مجهولين للتحركات المريبة المنسوبة إلى ريجيني لخطفه وإيذائه وتعذيبه وقتله لإلصاق التهمة بالأمن المصري، والإساءة إلى العلاقات بين القاهرة وروما، بالتزامن مع ذكرى ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وزيارة وفد اقتصادي إيطالي كبير لمصر.

وقالت النيابة العامة في بيان طويل إنّ "سلوك المجنيّ عليه وتحركاته غير المألوفة لم تكن خافية على أحد من عوام الناس، بل باتت معلومة للكافة وذاع نبأ البلاغ المقدم ضده، ما يكون قد استغله مجهول وعزم على ارتكاب جُرمه قبل المجنيّ عليه، متخيراً يوم 25/1/2016 لارتكاب جرمه فيه، لعلمه بانشغال الأمن المصري يومئذ بتأمين المنشآت الحيوية، فخطف المجني عليه واحتجزه وعذبه بدنيّاً ليُلصق التهمة بعناصر من الأمن المصري، وبالتزامن مع مجيء وفد اقتصادي لزيارة البلاد، قتل المجني عليه وألقى جثمانه في موقع حيوي بالقرب من منشآت هامة يتبع بعضها جهات شرطية، كأنما أراد إعلام الكافة بقتله ولفت الانتباه إليه، ما أكد "للنيابة العامة" وجود أطراف معادية لمصر، وإيطاليا تسعى إلى استغلال الحادث للوقيعة بينهما في ضوء التطور الإيجابي في علاقاتهما خلال الفترة الأخيرة، ويسايرها في ذلك بعض من وسائل الإعلام المعروفة بإثارة الفتن لإحداث تلك الوقيعة، مما انتهت معه "النيابة العامة" إلى أن ظروف وملابسات الواقعة على هذا النحو لها صورة أخرى لم تكشف التحقيقات بعدُ عنها، أو عن هوية مرتكبها".

ووصفت النيابة سلوك ريجيني بأنه "كان مريباً"، وقالت: "وفقاً بتحريات أكثر من جهة أمنية، والتي كان من بين ما أسفرت عنه اتصال المجني عليه في إطار إجراء بحثه العلمي بعدد من أعضاء النقابات المستقلة من ذوي المهن الحرة وبعض الباعة الجائلين والمنتمين إلى تيارات سياسية مختلفة، ووجوده في أماكن تجمعاتهم وتطرقه في أحاديثه معهم إلى انتقاد سلوك بعض التيارات السياسية بالبلاد، وأسلوب تعاملها مع الحراك السياسي، وتصريحه بخشيته من خطورة بعضها على استقرار الأوضاع بمصر، وكانت التحقيقات قد أثبتت تحدث المجني عليه إلى الباعة الجائلين عن نظام الحكم في مصر، مؤكداً لهم أن بيدهم تغيير الأوضاع فيها أسوة بما حدث في دول أخرى".

وذكرت النيابة أنّ "الأمن الوطني تلقى بلاغاً ضد ريجيني تشككاً في سلوكه المريب، وأن سلوكه غير المتناسب مع البحث الذي كان يجريه كان سبباً كافياً يوجب على الأجهزة الأمنية ممارسة عملها وواجبها القانوني لمتابعته بإجراءات تحريات إدارية لا تُقيّد حريته أو تنتهك حرمة حياته الخاصة وقوفاً على طبيعة نشاطه بعدما وضع نفسه موضع اتهام، وقد أكدت التحقيقات أنه بالرغم من هذا السلوك المستغرب فقد انتهى التحري عنه إلى أن أفعاله لا تشكل جرائم تمسّ الأمن العام؛ ولذلك توقف التحري عنه عند هذا الحدّ، ولم تُتخذ أية إجراءات قانونية قِبَله".

وعن اتهام سلطة التحقيق الإيطالية أربعة ضباط وفرد شرطة من قطاع الأمن الوطني بتتبع ريجيني والقبض عليه، قالت النيابة إنها حققت في الأمر وانتهت إلى استبعاد كل ما نُسب إليهم، وتبينت أن جميع ما طرحته سلطة التحقيق الإيطالية من شبهات قِبَلهم، "قد جاء نتيجة استنتاجات خاطئة لا يقبلها المنطق ولا توافق القواعد القانونية الجنائية المستقر عليها دولياً ومبادئ القانون الأساسية، التي تستلزم توافر أدلة يقينية على وجه الجزم واليقين في حق المشتبه فيهم لمحاكمتهم جنائيّاً، وليس الاستناد إلى شبهات لا ترقى إلى مرتبة الأدلة أو حتى القرائن غير المباشرة".

كذلك ربطت سلطة التحقيق الإيطالية، بحسب النيابة العامة المصرية، "بين وقائع وأدلة على نحو غير صحيح، مما شكل خللاً في تصور الوقائع، واضطراباً في فهم طبيعة عمل ضباط الشرطة وإجراءاتهم وطبيعة التحري الذي أجري حول سلوك المجني عليه، فضلاً عن طرح سلطات التحقيق الإيطالية شهادات وأدلة حجبتها عن النيابة العامة دون تقديم أي وثيقة رسمية تؤكدها، وهو ما لا يتناسب مع جميع قوانين الإثبات الجنائية، وإجراء تحقيقات نزيهة وفق الأصول القانونية للكشف عن الحقائق المجردة".

وأضافت النيابة أنّ استنتاج سلطة التحقيق الإيطالية تورط بعض المشتبه بهم في قتل المجني عليه من مجرد تحريهم عنه عقب البلاغ الذي قُدّم ضده تشككاً في سلوكه المريب، وكان رد النيابة المصرية على ذلك أن سلوك المجني عليه غير المتناسب مع البحث الذي كان يجريه كان سبباً كافياً يوجب على الأجهزة الأمنية ممارسة عملها وواجبها القانوني لمتابعته بإجراءات تحريات إدارية لا تُقيّد حريته أو تنتهك حرمة حياته الخاصة وقوفاً على طبيعة نشاطه بعدما وضع نفسه موضع اتهام، وقد أكدت التحقيقات أنه بالرغم من هذا السلوك المستغرب فقد انتهى التحري عنه إلى أن أفعاله لا تشكل جرائم تمسّ الأمن العام، ولذلك توقف التحري عنه عند هذا الحدّ، ولم تُتخذ أية إجراءات قانونية قِبَله.

وأشارت النيابة إلى أنها "قدمت طلبات مساعدة قضائية إلى كل من المملكة المتحدة ودولة كينيا تضمنت الاستعلام من جامعة كامبريدج البريطانية عن طبيعة دراسة المجني عليه وأسباب سفره إلى مصر وسؤال المشرفين عن دراسته وبيان كيفية تمويلها، وطلب محاضر أقوال شاهد بدولة كينيا ادُّعي سماعه حديثاً بين ضابط مصري وآخر حول الواقعة، ولكن لم تستجب الدولتان لتلك الطلبات دون إبداء أي أسباب".

وأوضحت أنها تلقت أربعة طلبات مماثلة من نيابة الجمهورية في روما استجابت للعديد مما ورد فيها، ولم تستجب إلى طلبات محددة منها -كطلب حركة محطات كل شركات خدمات الهواتف المحمولة بنطاق خمس محطات لمترو الأنفاق عن فترة ما قبل اختفاء المجني عليه وحتى بعد ظهور جثمانه بأيام عدة، وطلب كل أسماء الأجانب الذين استُوقِفوا أو أُلقِيَ القبض عليهم في القاهرة مساءَ يوم اختفاء المجني عليه - وذلك لتعذر تنفيذ بعض هذه الطلبات فنياً، ولانتهاك البعض الآخر منها حرمة الحياة الخاصة لكثير من المواطنين المصريين، ومخالفتها القواعد الأساسية لحماية حقوق الإنسان وفقاً للصكوك والمواثيق الدولية.

وذكرت النيابة أنها ستفرد بياناً مستقلاً في وقت لاحق لتوضيح نتائج التحقيق في واقعة مقتل أفراد العصابة التي اتهمتها الشرطة المصرية بأنها تقف وراء قتل ريجيني بحجة وجود حاجياته الشخصية لديها، والتي سبق أن استبعدتها التحقيقات من شبهة الخطف والقتل.