كشفت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا (ADMSP)، في تقرير أصدرته اليوم الجمعة، أن النظام السوري استولى على أموال وممتلكات تعود لمعتقلين ومختفين قسراً تقدر قيمتها بـ1.5 مليار دولار أميركي، منذ عام 2011 ولغاية عام 2021، مستغلاً معاناتهم لتحقيق مكاسب مالية.
وبحسب التقرير، فإن الأصول التي استولى عليها النظام تشمل أرصدةً مالية وعقارات وشركات وسيارات ومواد مثل المجوهرات والأجهزة الإلكترونية والمعدات، إضافة إلى محاصيل زراعية وماشية ودواجن، وتمّ تقديرها بقيمة 1.5 مليار دولار على أساس المعلومات التي تم جمعها من مقابلات أجرتها الرابطة مع معتقلين سابقين تم تجريدهم من أراضيهم وممتلكاتهم وأصولهم المالية من خلال أوامر من المحاكم وقرارات رسمية أخرى.
ويستند التقدير، الذي ورد في تقرير الرابطة التي تعنى بشؤون معتقلي سجن صيدنايا سيئ الصيت، قرب دمشق، وبشؤون المعتقلين السوريين، إلى رقم مرتبط بما لا يقل عن 250 ألف معتقل تم اعتقالهم منذ عام 2011 وحتى تاريخه. ومن المرجح أن يكون الرقم الحقيقي أعلى من هذا، لأن نتائج التقرير تشير إلى أن غالبية الأصول صودرت بشكل غير رسمي.
وأشار إلى أن النظام الذي يعاني من ضائقة مالية اضطر للبحث عن مصادر تمويل جديدة، فلجأ إلى الابتزاز المالي لعائلات المحتجزين، والاستيلاء على الشركات والسيطرة على رؤوس الأموال. ويأتي الارتفاع المضطرد في مصادرة أصول المعتقلين كسلوك هو الأحدث في سلسلة الإجراءات اليائسة التي لجأ إليها النظام من أجل صموده المالي ومحاربة آثار العقوبات.
النظام الذي يعاني من ضائقة مالية اضطر للبحث عن مصادر تمويل جديدة، فلجأ إلى الابتزاز المالي لعائلات المحتجزين
وأورد التقرير شهادات لمعتقلين سابقين تمت مقابلتهم أثناء إعداده، وأكّدوا أنهم فقدوا منازلهم وأعمالهم وأصبحوا فقراء عند الإفراج عنهم، علاوة على كفاحهم للتعامل مع الآثار الجسدية والنفسية للانتهاكات المروعة والتعذيب والعنف الجنسي التي تعرضوا لها أثناء الاحتجاز.
ولفت إلى أن الغالبية العظمى من المعتقلين سُجنوا بشكل غير قانوني، وبسبب النشاط السلمي أو معارضة النظام، ما يوضح أن الممارسة غير القانونية المتمثلة في الاستيلاء على أصول المعتقلين هي جزء من استراتيجية "نظام الأسد" المتعمدة لتدمير جميع المعارضين المفترضين وسحق المعارضة.
وقدّم لمحة شاملة عن معاملة المعتقلين السوريين منذ لحظة اعتقالهم حتى إطلاق سراحهم، وذلك بناء على دراسة استقصائية شملت 801 معتقل، وسلط الضوء على أسباب الاعتقال والاستخدام الواسع النطاق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء الاحتجاز، فضلاً عن التهم والأحكام وإجراءات المحاكمات والوسائل التي تم من خلالها إطلاق سراح المعتقلين.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال العضو المؤسس برابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا رياض أولار، إن معظم هؤلاء المعتقلين خضعوا لمحكمة الميدان العسكري، التي كانت تصدر قرارات مصادرة أملاكهم المنقولة وغير المنقولة، إضافة إلى التجريد من الحقوق المدنية والعسكرية أيضاً.
وأضاف أن أجهزة الأمن التي كانت تقتاد هؤلاء الأشخاص من منازلهم وأماكن عملهم، كانت تصادر ما تستطيع حمله من الأملاك غير المنقولة، كالأموال والحاجيات المحمولة ذات القيمة المرتفعة، وكثير من هؤلاء الأشخاص فوجئوا بعد خروجهم من السجن بأنهم لا يستطيعون بيع ممتلكاتهم، كونها باتت محجوزة من قبل النظام.
وبدوره، قال المؤسس الشريك في الرابطة دياب سرّية إن "هذا التقرير يكشف عن الحجم المروع للاستغلال المالي وإساءة معاملة المعتقلين الذين أُجبروا بالفعل في كثير من الحالات على تحمل سنوات من التعذيب الممنهج وظروف السجن غير الإنسانية. كما يفضح عمق فساد نظام الأسد والتكتيكات القاسية التي يستخدمها للنجاة من الأزمة الاقتصادية الرهيبة، وتدمير حياة المعتقلين لفترة طويلة بعد مغادرتهم السجن".
وفي تقرير أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قدّر عدد المعتقلين في سجون النظام السوري منذ مارس/ آذار 2011، بما لا يقل عن 131 ألفاً و469 شخصاً ما بين معتقل ومختف قسرياً.