النزاع في تيغراي قد يتسبب بآخر في إثيوبيا

النزاع في تيغراي قد يتسبب بآخر في إثيوبيا

30 ديسمبر 2020
تباين حول فكرة ضم مناطق من تيغراي إلى منطقة أمهرة المجاورة (Getty)
+ الخط -

يتوقع بعض سكان إقليم تيغراي في شمال إثيوبيا، إعادة ضم مناطق معينة إلى منطقة أمهرة المجاورة، بعد الهزيمة العسكرية لجبهة تحرير شعب تيغراي، الأمر الذي قد يهدد باندلاع نزاع جديد، وفق ما يرى محللون.

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، السيطرة على العاصمة الإقليمية ميكيلي، ونهاية العملية العسكرية التي شنها قبل 24 يوما لطرد القادة المحليين.

وفر القادة الذين كانوا يتحدون الحكومة الاتحادية منذ شهور، وتم نشر إدارة جديدة في المنطقة.

وفي ألاماتا، البلدة الزراعية الواقعة في جنوب تيغراي، والتي زارها فريق من وكالة "فرانس برس" مؤخرا، تم إطلاق عيارات نارية في الهواء احتفالا بالانتصار على جبهة تحرير شعب تيغراي، كما أثار حدث آخر هذا القدر من الحماسة تجلى في إطلاق سراح برهانو بيلاي تيفيرا.

وكان برهانو (48 عاما)، الذي يدعو نفسه "السجين السياسي"، يقبع في سجن في تيغراي منذ عام 2018، بعدما اتهمته جبهة تحرير شعب تيغراي بالمطالبة بضم مسقط رأسه رايا، وهي منطقة تعتبر ألاماتا أبرز مدينة فيها، إلى منطقة أمهرة المجاورة، نحو الجنوب.

اعتبر برهانو أن هذه الأراضي الخصبة تم إلحاقها بشكل غير قانوني بتيغراي من قبل جبهة تحرير شعب تيغراي عندما أطاحت النظام العسكري الماركسي لمنغستو هايلي مريم في عام 1991. وقد هيمنت بعد ذلك على بنى السلطة في إثيوبيا لنحو ثلاثين عاما، إلى أن أصبح آبي، وهو من الأورومو، رئيسا للوزراء في عام 2018، مستفيدا من حركة احتجاجية مناهضة للحكومة في منطقتي أورومو وأمهرة.

بعد أكثر من عامين من الاعتقال اتسما بالضرب وفترات طويلة من الحبس الانفرادي في كهف على سفح الجبل، عاد برهانو منتصرًا إلى منزله، عندما أخلت سبيله قوات جبهة تحرير شعب تيغراي لدى انسحابها في تشرين الثاني/ نوفمبر، أمام الجيش الفيدرالي.

وقال برهانو، الذي التقى زوجته وأولاده الأربعة، لوكالة "فرانس برس": "لا نريد أن نعيش مع شعب تيغراي الذي لا يعرف ثقافتنا أو تقاليدنا"، مؤكدا أنه سيواصل الدفاع عن قضيته.

 

تهديد بـ"حمام دم"

ومنطقة رايا ليست الوحيدة في تيغراي التي يفكر سكانها في الارتباط بمنطقة أمهرة، فهناك رؤية مماثلة في غرب تيغراي، حيث تم اتهام جبهة تحرير شعب تيغراي كذلك بضم أراضٍ كانت تابعة لأمهرة.

وتقوم القوات الخاصة التابعة لمنطقة أمهرة بضمان الأمن في هذه المناطق، بعد أن دعمت الجيش الاتحادي في طرد قوات جبهة تحرير شعب تيغراي. ويرأس مسؤولون من أقلية الأمهرة الإدارات المؤقتة التي أقيمت في العديد من البلدات.

ويمكن الآن قراءة كلمة "أمهرة" على واجهة العديد من المنازل المهجورة أو على واجهات المحلات المغلقة، في دلالة على سند ملكية أبرم على عجل.

ويرى المحلل في مجموعة الأزمات الدولية وليم دافيسون أن ما يجري في غرب وجنوب تيغراي يشبه "الضم بحكم الأمر الواقع وغير الدستوري" والذي "يشكل سابقة من شأنها زعزعة الاستقرار" في إثيوبيا.

ويقول بعض المسؤولين، الذين قدموا حديثا، إن لا شأن لهم بما يجري في تيغراي.

ويوضح رئيس بلدية ألاماتا الجديد، كاسا رضا بيلاي، لوكالة "فرانس برس": "لقد أُرغمنا على أن ننتمي" إلى تيغراي "والآن، بالقوة، تم تحرير هذه المنطقة"، مضيفا أنه يأمل في أن "يستجيب السيد آبي لطلب السكان"، أي إخضاع المنطقة لسلطة أمهرة، مستدركا: "وإلا فسيحدث حمام دم وحرب أهلية".

وتبدو المشاريع طويلة الأمد للحكومة الاتحادية لهذه المناطق المتنازع عليها غير واضحة.

وأكد رئيس منطقة أمهرة أجينجاو تيشاغر أن القوى الإقليمية لم تشارك في النزاع لتلبية المطالب الوطنية.

وألمح الوزير الأثيوبي زاديج أبرهة، المتحدر من ألاماتا، إلى خطوة من ذلك القبيل، ين قال: "لقد طالب الناس بوضوح وبشدة بأن يتم ضمهم (إلى أمهرة) ومن المحتمل أن يتم ذلك وعلينا الانتظار".

 

لا أشعر بالأمان

في غضون ذلك، يرفض رئيس بلدية ألاماتا الجديد الخضوع لسلطة رئيس الإدارة الإقليمية المؤقت لتيغراي، مولو نيغا، المتحدر من تيغراي وعينته الحكومة الاتحادية.

وحذر كاسا رضا بيلاي "إذا جاء مولو نيغا إلى هنا، فستخرج تظاهرات ضده. لا نريده أن يأتي. اعتبارا من الآن، نريد أن نعيش مع الأمهرة".

يثير هذا الخطاب المخاوف، كحال هيلاي جبريمدين، المتحدر من تيغراي ويملك متجرا للملابس في الشارع الرئيسي في ألاماتا منذ ست سنوات.

في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما اندلع القتال في التلال المحيطة بالمدينة، وضع بضاعته في أكياس وأخذها إلى المنزل، حيث حبس نفسه لأسابيع.

وأعاد فتح متجره في بداية كانون الأول/ ديسمبر، بسبب حاجته للمال وشراء الطعام، لكنه غير متأكد مما يخبئه المستقبل للمتحدرين من تيغراي في ألاماتا.

وقال "لا أشعر بالأمان، لأنه هناك من يقول (لقد هزمناهم وعليهم الآن المغادرة)".

ويرى بعض النشطاء أن رايا يجب أن تكون منطقة تتمتع بالحكم الذاتي، لا تنتمي إلى تيغراي أو إلى أمهرة، لكنهم لا يجاهرون بذلك.

واعتبر دافيسون أنه "من المحتمل أن تحدث مقاومة مستمدة من سكان تيغراي في حال تم اقتطاع أراض من تيغراي، بالطريقة نفسها التي أثار بها نشطاء الأمهرة الاضطرابات لفترة طويلة من أجل (عودتهم)".

(فرانس برس)

المساهمون