الناشط محمد عمرو.. قصة معارض سياسي اعتقلته المخابرات الفلسطينية

الناشط محمد عمرو.. قصة معارض سياسي اعتقلته المخابرات الفلسطينية

20 ابريل 2022
ناشطون يعبّرون عن تضامنهم مع محمد عمرو (العربي الجديد)
+ الخط -

عبّر ناشطون ومنظمات فلسطينية عن استنكارهم وتضامنهم مع الناشط والمرشح السابق لانتخابات المجلس التشريعي المؤجلة محمد عمرو، الذي اعتقله جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، فجر يوم أمس الثلاثاء، من منزله في دورا جنوب الخليل، جنوبيّ الضفة الغربية.

ومددت النيابة العامة الفلسطينية اليوم الأربعاء، اعتقال عمرو لمدة 24 ساعة، مع توجيه ادعاءات ضده تمثلت بـ "مقاومة رجال الأمن". وعمرو أحد مؤسسي وممثلي حراك "طفح الكيل" السياسي الاجتماعي ضد الفساد، و"التحالف الشعبي للتغيير"، الذي يضم عدة حراكات وقوائم انتخابية في الانتخابات التشريعية المؤجلة العام الماضي، وكان أحد أصدقاء الناشط الراحل نزار بنات، الذي توفي خلال عملية اعتقاله على يد الأمن الفلسطيني العام الماضي في الخليل، وهو ما جعل الكثير من الناشطين يصفون عملية اعتقال عمرو بالخطيرة. 

كما اعتقل نجل عمرو، شداد، البالغ من العمر 15 عاماً. وتعرّض محمد عمرو ومعه ابنه وزوجته للضرب، وأُطلقت القنابل الغازية تجاه عائلته، وأُطلق الرصاص في الهواء، بحسب العائلة. 

من جهتها، قالت مجموعة "محامون من أجل العدالة" إن الأجهزة الأمنية قدمت وعوداً للعائلة بالإفراج عن الطفل شداد عمرو دون عرضه على المحكمة، ما يعني توقيفه لدى الأجهزة الأمنية لأكثر من 24 ساعة، في مخالفة لأصول المحاكمة الجزائية والإجراءات القانونية، وضمانات المحاكمة العادلة. 

ودعت مجموعة "محامون من أجل العدالة" إلى الإفراج الفوري عن محمد عمرو، وضمان سلامته وصحته، ومحاسبة المسؤولين عن استخدام السلاح، وإطلاق الرصاص الحيّ على منزله.

ويقول همام، نجل عمرو، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قوة من المخابرات العامة والأمن الوطني دهمت منزل العائلة عند الساعة الواحدة والنصف من فجر أمس الثلاثاء (بهدف اعتقاله هو، وليس لاعتقال والده)، وحينها طلبت منهم إعطائي مهلة لأجهز نفسي قبل اعتقالي، وفي هذا الوقت طلب والدي من القوة مذكرة اعتقال من النيابة العامة، فقدموا له صورة لورقة على هاتف محمول، تحمل اسمي دون أن يتبين فعلاً أنها مذكرة رسمية حيث لا تحوي أي تفاصيل أخرى".

ويضيف همام أنّ "مشادة حصلت مع القوة بعد أن حاولت تفتيش المنزل دون إبرازها مذكرة تفتيش، ما رفضه والدي، بحيث منعتها العائلة من دخول المنزل، فعمد الأمن إلى ضرب والدي وشقيقي شداد وتقييدهما وإلقائهما داخل إحدى المركبات العسكرية بطريقة عنيفة، وتعرضت والدتي للضرب بكعب البندقية، ما أدى إلى نقلها إلى المستشفى قبل أن تخرج بعد تلقيها العلاج"، مؤكداً إلقاء القنابل الغازية والصوتية تجاه العائلة، وإطلاق النار في الهواء من قبل القوة الأمنية.

اعتقال دون مذكرة قانونية

ويشير همام إلى أنه لم يتلقّ أخيراً أي استدعاء مسبق، وأنه كان قد اعتقل قبل أربعة أسابيع على يد جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، لافتاً إلى أنّ والده تلقى عدة استدعاءات من جهاز المخابرات ورفض الامتثال لها لعدم وجود مذكرة من النيابة، ولتسليمه أخيراً ورقة استدعاء غير رسمية وغير قانونية. ولفت إلى أنّ والده تعرّض لمضايقات ورسائل عبر أشخاص أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأنه إن لم يسلم نفسه فسيتم اعتقاله وأذية أبنائه واقتحام منزله.

بدوره، وصف محامي مؤسسة "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان" شاكر طميزة، في حديث مع "العربي الجديد"، طريقة اعتقال عمرو بأنّها "كانت عنيفة مخالفة للأصول"، مؤكداً أنّ الفيديوهات التي انتشرت حول الحادثة "احتوت على طلب عمرو إبراز مذكرة اعتقال دون الاستجابة له"، ما يدلّ برأيه، على عدم وجود مذكرة اعتقال وتفتيش، ومخالفة التعليمات التي يسير عليها الأمن خلال عمليات الاعتقال، بحيث إنّ الحادثة لم تشهد مقاومة تستدعي استخدام الغاز المسيل للدموع والضرب.

ولاحقاً، راجع طميزة النيابة، وقد أبلغه رئيسها بعدم وجود أي مذكرة إحضار مسبقة لعمرو، ولا أي من أفراد عائلته.

ويقول زياد عمرو، رئيس قائمة "طفح الكيل" التي كان محمد عمرو مرشحاً عنها، لـ"العربي الجديد"، إنّ محمد عمرو البالغ من العمر (53 عاماً)، والخريج من ألمانيا بماجستير الصيدلة، يعمل حالياً في الزراعة بعد أن ترك مجال الصيدلة.

وأضاف زياد أنّ محمد عمرو "وقف وقفة شجاعة في قضية اغتيال نزار بنات، وكان له موقف واضح جداً من إطلاق النار على منزل بنات قبل مقتله بأسابيع"، لافتاً إلى أنّ عمرو "اعتاد أن يصف الرئيس محمود عباس بـ"كاهن المعبد"، ويصف الأمن "بالحراس على أمن السلطة لا المواطن"".

ويرى زياد عمرو أنّ "السلطة الفلسطينية لا تريد أن تفهم أنّ المعارضة السياسية مسألة لصالح الوطن، بل تعتقد أنّ أي معارضة هي ضدها، لأنها تمارس الاستبداد السياسي، وبالتالي تريد حماية نفسها"، بحسب قوله.

مضايقات وضغوط سابقة

كان محمد عمرو قد لمّح عدة مرات إلى تعرّضه لضغوط وتهديدات دون توضيحها لأنه كان يخشى، بحسب ما يقول الناشط والمرشح السابق في قائمة عمرو، جهاد عبدو، في حديث لـ"العربي الجديد" من تراجع النشطاء وخوفهم بسبب ذلك. ويضيف عبدو: "تحدث محمد عمرو أمامي أكثر من مرة حول تعرضه لتهديدات، لكن حين طلبت منه وضعنا بالصورة رفض، وقال إنه لا يريد أن يخاف الناس".

وعمرو صديق لنزار بنات، ويرى عبدو، الذي يصف طريقة اعتقال عمرو بـ"الجريمة"، أنّ "المقارنة بين عملية اعتقال بنات وعمرو منطقية وواقعية وقائمة، حيث تعرض الاثنان لتهديدات، وتم الاعتداء على أسرتيهما، واعتقلا دون مذكرة توقيف رسمية".

من جانبها، حذرت مؤسسة "الحق"، في بيان، من استمرار الأجهزة الأمنية الفلسطينية بنهج اعتقال المواطنين دون مذكرات قضائية، فيما نظم "التحالف الشعبي للتغيير" وقفة أمام مقر المفوض السامي للأمم المتحدة في رام الله، ونظم نشطاء وقفة أخرى أمام منزل عمرو، ومن المتوقع المزيد من الاحتجاجات إن لم يفرج عنه وعن نجله.

بدوره، عبّر مجلس نقابة الصيادلة عن استغرابه واستهجانه للطريقة والأسلوب المتبع الذي لجأت إليه الأجهزة الأمنية باعتقال الصيدلاني محمد عمرو، مطالباً الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء محمد اشتية ووزير الداخلية زياد هب الريح بـ"التدخل السريع لإطلاق سراحه ومحاسبة الجهات التي قامت باعتقاله بهذه الطريقة التي لا تليق بإنسان مناضل له تاريخ في الدفاع عن وطنه".

ووفق بيان لمجلس نقابة الصيادلة، أكد المجلس أنه "لن يتردد باتخاذ كل الخطوات والإجراءات القانونية والنقابية للدفاع عن عمرو حتى إطلاق سراحه وعودته إلى أسرته".

المساهمون