استمع إلى الملخص
- الفلسطينيون لم يحتاجوا لاختلاق قصص لإثبات الفاشية الإسرائيلية، حيث أن إرث الشخصيات المتطرفة كان واضحاً في الدعوات العلنية للعنف ضد العرب، والتي تُمنع في الغرب بحجة "معاداة السامية".
- وزراء مثل إيتمار بن غفير يعززون ثقافة العنف ضد العرب، مستندين إلى فتاوى دينية، مما يثير القلق داخل المجتمع الإسرائيلي حول تأثير هذه السياسات المتطرفة.
قبل زمن كان بعض عنصريي الدنمارك يتقيؤون سمومهم بحق العرب. وعند تذكير آخرين أن زميلهم فلاناً عربي، يسارعون إلى ابتسامة صفراء بالقول: "نحن لا نقصدك أنت". وبينما كانت تلك السموم تُوجه نحو مهاجر/لاجئ، فإن بعض الإسكندنافيين لم يصدقوا سابقاً هستيريا الهوس في كيان الاحتلال الإسرائيلي بهتاف "الموت للعرب" ضد أهل الأرض الأصليين، وبقية العرب. وهو هتاف ونهج راسخ، ولازمه خطاب "الذبح للعرب" من قِبل حاملي بنادق "إم 16" و"الكيباه" على الرؤوس، كمرتكب مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل باروخ غولدشتاين في 1994. ومؤخراً تسلل إلى الشاشات صراخ "الموت للعرب" من العبرية إلى الإسكندنافية، فتعرّف الناطقون بها على كذبة أسلافهم عن رومانسية "تعمير الصحراء في أرض الميعاد".
الفلسطيني لم يحتج إلى اختراع قصص عن النهج الفاشي بين مستعمرين إحلاليين (وليسوا مستوطنين، ولا سكان ضواحٍ). فإرث الراحلين مائير كهانا وموشي ليفنغر في استدعاء ذلك الموت، وبإشارات الإصبع على الرقبة للتوعد بذبح أهل الخليل مثلاً، كان يُمنع عرضه على شاشات الغرب، باعتبار أن تناوله "معادٍ للسامية"، التي يستثنى منها بقية الساميين، وباعتبارهم "حيوانات بشرية"، يستحقون هتاف "الموت للعرب".
عليه، فإن رقصات إرث الفاشية بمشاركة وزراء أمثال إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ليست بعيدة عن منهجية شرعنة الإبادة الجماعية. فكبيرهم الحاخام الراحل عوباديا يوسيف حلل لهم الجرائم، بوصف العرب صراصير وأفاعيَ، وغيره يؤيد ويفتي بتحليل جرائم الحرب، بقتل الصغير من الفلسطينيين قبل الكبير. وحده دم الفلسطيني، كدماء أطفال الطبيبة آلاء النجار وأسرة الطفلة ورد الشيخ خليل، بات يفضح عمق هوس تبرير "الموت للعرب"، حيث ظن أصحاب الرسالة الفاشية أن الاستعارات التلمودية والتوراتية ستشفع عند "الأصدقاء الغربيين"، طالما أن الدماء هي دماء "أشباه بشر"، أو أغيار. بالطبع يصبح عبثاً سؤال ردود الأفعال على الصورة مقابل صورة، كأن يُهتف دائماً: "الموت لليهود". لكن ليس عبثاً سؤال: "من يمثل الوارثون لهتافات الموت والذبح للعرب؟".
للأسف ليست تشيلي ولا إسبانيا ولا النرويج وأيرلندا وجنوب أفريقيا، وغيرها، من يفترض بهم الإجابة عن السؤال، بل العرب أنفسهم، الذين يصمت بعضهم حتى عن وصف الإبادة الجماعية كما تصفها هتافات شوارع أوروبية. فبعضهم يواصل علاقاته الدبلوماسية بكيان يُقاد بوزراء فاشيين بربطات عنق، متوعدين بـ"إسرائيل الكبرى" ونسف المسجد الأقصى. وسموتريتش وبن غفير، وغيرهما، ليسوا وزراء في "الواق واق"، بل على حدود ساحات الفرجة على تطبيق "الموت للعرب". ومن يظن أن القصة ستقف عند قطاع غزة أو فلسطين، من خلال التطبيع والصمت، فعليه التدقيق جيداً بما يقصده زعيمهم بنيامين نتنياهو بشأن تغيير وجه الشرق الأوسط. وأن يراقب كيف أن آخرين في مجتمع الاحتلال الإسرائيلي مصابون بالفزع والقرف من هذه الكهانية الدموية، ومن كثافة الاستدعاءات التلمودية والتوراتية للمذابح المرتكبة، مدركين كارثية ما يُراكم على كيانهم ومستقبلهم.
وثقافة القتل والذبح التي يظن البعض أن مواجهتها تتم بمزيد من التعمية والخنوع والتساوق والتنازل، أبداً لن تقف عند طلب تدجين الشعوب العربية وتغيير ثقافتها ومناهجها، بوهم أن متلقي وعود قتلهم وذبحهم سوف يستسلمون. والعرب قبل غيرهم مطالبون أمام "ثقافة الموت" في الهتافات الهستيرية الرسمية للصهيونية، بوضع العالم أمام مسؤولياته، قبل أن تنفلت الأمور بسبب القبول بتزوير تحويل الجلاد إلى ضحية والضحية المُحتل والمنكوب إلى جلاد.