استمع إلى الملخص
- المواطن "الأخ" يتمتع بميزات تفضيلية في الوظائف والمعاملات الحكومية، حيث يُعتبر الانتماء لجماعة الإخوة معيارًا أساسيًا، رغم الإعلان عن حل "هيئة تحرير الشام".
- لتحقيق العدالة، يجب على الحكومة الانتقالية العمل على تحقيق المساواة بين المواطنين، بحيث يكون القانون والكفاءة هما المعياران الأساسيان في التعيينات والحقوق.
يرى كثير من السوريين أن أهالي محافظة إدلب في فترة ما بعد تحرير البلاد من حكم آل الأسد، قد استأثروا بمعظم المناصب والمواقع الحساسة في الدولة الجديد، وأنهم يتمتعون بميزات تفضيلية عن باقي سكان المحافظات السورية الأخرى، كون عملية إسقاط النظام انطلقت من محافظة إدلب، وكونهم شكّلوا طوال سنوات الثورة السورية الحاضنة الشعبية الكبرى للثورة، وكون المحافظة احتضنت معظم قوى المعارضة العسكرية والسياسية التي هجرت من باقي المناطق السورية.
إلّا أنّ هذا التمييز المناطقي فيه بعض التجنّي على سكان المحافظة، فصحيح أنّ هناك سياسة تمييز وتفضيلات في التعامل وتسليم المناصب الحكومية تتبعها الإدارة الجديدة للدولة، إلا أنه تمييز لا يعتمد أساساً مناطقياً وإنما يعتمد على كون الشخص "مواطناً عادياً" أو "مواطناً أخاً" بغض النظر عن انتمائه المناطقي، لكن بحكم أن تنظيم الإخوة قد نشأ في محافظة إدلب، فمن الطبيعي أن يكون عدد الإخوة فيها يفوق عددهم في باقي المناطق السورية.
ومن منظور الإدارة الجديدة، فإن المواطن السوري العادي هو كل شخص يحمل رقماً وطنياً سورياً، فيما المواطن الأخ هو كل مواطن يحمل رقماً ذاتياً يثبت انتماءه لجماعة الإخوة (أي هيئة تحرير الشام) بغض النظر عن امتلاكه رقماً وطنياً من عدمه. وهذا الرقم الذاتي لا يزال المعيار الأساسي في عملية التمييز، رغم الإعلان عن حل "هيئة تحرير الشام". وهذا التمييز كان مطبقاً في محافظة إدلب بين أبناء المحافظة في فترة ما قبل التحرير، إذ كان للإخوة فروع في بعض الجامعات هي حكر على جماعة الإخوة، كما كانت معظم الوظائف حكراً عليهم، ويتطلب الحصول عليها الانتساب للجماعة واكتساب صفة أخ.
يتمتع الأخ بالتزام كبير نابع من الولاء لجماعة الإخوة الذين تربطهم منظومة أخلاقية ودينية تجعلهم شديدي الانضباط في تعاملهم مع الآخرين، وعلى سبيل المثال في الجانب العسكري تم إطلاق صفة الفصائل غير المنضبطة على الفصائل غير المنتسبة للإخوة رغم عملها ضمن تشكيلة وزارة الدفاع.
ولا يزال المواطن الأخ يتمتع بميزات تفضيلية في كل الأماكن التي يرتادها، إذ يلقى معاملة خاصة في كل الدوائر الحكومية وعلى الحواجز الأمنية، كما يتمتع بسلطة عابرة للمجال الذي يعمل به، إذ يستطيع التدخّل لمعالجة أي أمر يرى فيه خللاً في أي مكان. ويختلف المواطنون الإخوة في طريقة التفكير بسورية الجديدة رغم التوافق العلني فيما بينهم، فبعضهم يتعاطى مع سورية الجديدة بمنطق الغنيمة ويتعاطى مع الأمر على مبدأ من يحرر يمتلك ويقرر.
ميزات وتفضيلات كثيرة يتمتع بها المواطن الأخ عن المواطن العادي، ولكن على الحكومة الانتقالية وعلى السوريين التعاون للوصول إلى مساواة في الحقوق والواجبات بين المواطن العادي والمواطن الأخ ليكون القانون هو الفيصل في إعطاء الحقوق وأداء الواجبات، والكفاءة هي معيار التعيينات.