المغرب يبدأ محاكمة معتقلي احتجاجات الفنيدق

المغرب يبدأ الثلاثاء محاكمة معتقلي احتجاجات الفنيدق

08 فبراير 2021
عدد كبير من سكان المنطقة يمتهنون "التهريب المعيشي" (فاضل السنا/فرانس برس)
+ الخط -

تنطلق يوم غد الثلاثاء في المغرب أولى جلسات محاكمة 4 شبان اعتقلوا خلال الاحتجاجات التي عاشتها ليلة الجمعة الماضية مدينة الفنيدق (شمالي المغرب)، جراء تردي الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن إغلاق معبر مدينة سبتة الواقعة تحت السيادة الإسبانية، الذي كان يتم من خلاله "تهريب" السلع إلى داخل المغرب.

وكشفت مصادر حقوقية، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن المحاكمة ستنطلق غدا بعد أن قرر وكيل الملك في المحكمة الابتدائية بمدينة تطوان القريبة، اليوم الاثنين، متابعة الشبان الأربعة في حالة اعتقال، وإحالتهم إلى السجن، وذلك بتهم "التجمهر بدون رخصة وحيازة سلاح، وإهانة موظف عمومي أثناء قيامه بمهامه، والعنف".

ويأتي انطلاق المحاكمة في وقت يستمر فيه الهدوء في المدينة، بعد الأحداث التي رفعت خلالها مطالب بإيجاد بديل اقتصادي لسكان المدينة بعد اشتداد الأزمة الاقتصادية جراء إغلاق المعبر الحدودي. وهي الأحداث التي كادت أن تتطور إلى الأسوأ بعد أن عمد عدد من المحتجين إلى رشق عناصر الأمن، الذين كانوا يحاولون فض الاحتجاجات، ما أدى إلى إصابة 6 عناصر تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الضرورية. كما أسفرت عملية فض الاحتجاج عن إصابة 10 محتجين بحالات إغماء جراء التدافع بينهم، علاوة على صدامات بين القوات العمومية والصحافيين.

وقال رئيس "مرصد الشمال لحقوق الإنسان"، محمد بنعيسى، إن متابعة المحتجين الأربعة في حالة اعتقال "سيزيد من تأزيم الوضع في المنطقة وشحن الأوضاع، خصوصا أنهم أنكروا التهم المنسوبة إليهم"، مضيفا في تصريح لـ"العربي الجديد ": "مع كامل الأسف، أخال أن السلطات تعيد تكرار الأخطاء التي سبق أن ارتكبتها في تعاملها مع احتجاجات حراك الحسيمة وجرادة".

واعتبر بنعيسى أن "الحركات الاحتجاجية هي تعبير عن خلل في القنوات الرسمية لتصريف المطالب من طرف المواطنين، يلجؤون إليها كحل أخير في ظل فشل الوسائط التقليدية، كالمؤسسات المنتخبة والإدارية، في الاستماع إليهم"، مشيرا إلى أن "الحركات الاحتجاجية ستتزايد في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية هشة، وزادت من هشاشتها تداعيات جائحة كورونا التي عرّت ما كان مستترا. وكذا في ظل أفق سياسي ضبابي، واستمرار المسؤولين في التعامل مع الحركات الاحتجاجية بمنطق رجل المطافئ، من دون العمل على إيجاد حلول جذرية لما يتخبط فيه المواطنون والمواطنات".

وكان خروج المئات من سكان مدينة الفنيدق قد أعاد إلى الأذهان الأحداث التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة بسبب مطالب اجتماعية، كما كان الحال في منطقة الريف (شمال شرقي المغرب) وجرادة (شرقي المغرب)، في وقت تعالت فيه أصوات فعاليات حقوقية وسياسية محذرة من تبني المقاربة الأمنية في مواجهة الاحتجاجات، ومنبهة إلى خطورة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

في المقابل، قالت سلطات محافظة المضيق الفنيدق، التي تتبع لها المدينة إدارياً، إن عدداً من الأشخاص قاموا، الجمعة، بتنظيم "وقفة احتجاجية غير مرخصة وفي خرق لمقتضيات حالة الطوارئ الصحية، في شارع محمد الخامس بمدينة الفنيدق، مع تعمدهم قطع الطريق العام، ما اضطرت معه السلطات العمومية إلى التدخل، في امتثال تام للضوابط والأحكام القانونية، لفض هذا التجمهر". 

وتزامنت الاحتجاجات، التي عرفتها الفنيدق، مع إعلان السلطات المحلية عن اتخاذ أولى الخطوات لمحاولة معالجة حالة الاحتقان التي تعرفها المنطقة، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية لآلاف الأسر التي كانت تعيش من "التهريب"، إذ تم الإعلان رسميا عن إطلاق برنامج يتعلق بـ"بلورة وتفعيل آليات الدعم والمواكبة من أجل تحسين قابلية التشغيل وتحفيز ريادة الأعمال للفئات الهشة، خاصة النساء والشباب".

ومنذ قرار السلطات المغربية، في ديسمبر/ كانون الأول 2019، الإغلاق النهائي لمعبر باب سبتة في المدينة الخاضعة للإدارة الإسبانية أمام تجار السلع المهربة، تضررت مدينة الفنيدق بشكل كبير، وطاولت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية جل الفئات المجتمعية فيها، ما دفع شخصيات عمومية في المنطقة إلى توقيع نداء وجهته إلى الحكومة المغربية، من أجل إنقاذ المدينة من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها إغلاق معبر المدينة المحتلة والتداعيات الناتجة عن جائحة فيروس كورونا.

المساهمون