المغرب وموريتانيا: نحو الدفع بالتعاون الاقتصادي

المغرب وموريتانيا: نحو الدفع بالتعاون الاقتصادي

24 مايو 2021
بوريطة وولد الشيخ خلال لقائهما اليوم (تويتر)
+ الخط -

وصف وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الاثنين، علاقات بلاده بموريتانيا بأنها "صلبة وقوية"، معتبراً أن زيارة نظيره الموريتاني، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إلى العاصمة الرباط، "مناسبة لتأكيد قوة العلاقة وتكذيب كل من يريد الاصطياد في المياه العكرة "، في إشارة إلى حديث عن أزمة صامتة بين البلدين جراء استقبال الرئيس الموريتاني لوفد جبهة "البوليساريو" الانفصالية. 

وقال وزير الخارجية المغربي، خلال مؤتمر صحافي عقده مساء الاثنين بعد انتهاء مباحثاته مع ولد الشيخ أحمد، إن "العلاقات مع موريتانيا ممتازة على الصعيد السياسي، بيد أن الجوانب الاقتصادية والقطاعية تبقى في حاجة لدفع أكبر لترجمة رؤية الملك والرئيس لعلاقة جوار قوية مبنية على بعض الأسس".

وأوضح وزير خارجية المغرب أن الزيارة، التي بدأها نظيره الموريتاني اليوم الاثنين إلى الرباط وتستمر ليوم واحد، "تندرج في إطار تطور جد إيجابي تعرفه العلاقات المغربية الموريتانية منذ وصول الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني"، لافتاً إلى أن "هناك تواصلاً بين قائدي البلدين بشكل منتظم حول العلاقات الثنائية، وطموح مشترك للدفع بهذه العلاقة إلى أبعد مستوى".

وكشف بوريطة أنه تم، خلال المباحثات التي جمعته بولد الشيخ أحمد، التطرق للمرحلة المقبلة، بما في ذلك عقد اللجنة العليا المشتركة ولجنة المتابعة على مستوى وزراء الخارجية لبحث كيفية تطوير العلاقة الثنائية، لافتاً إلى أنه خلال المراحل المقبلة، سيكون هناك دفع بالتعاون القطاعي وتعبئة الفاعلين الاقتصاديين في إطار رؤية ثلاثية الأبعاد لتطوير العلاقات بين البلدين. 

وفي وقت كشف فيه رئيس الديبلوماسية المغربية أن نظيره الموريتاني جاء حاملاً رسالة من الرئيس تتعلق بالعلاقات الثنائية والتنسيق في قضايا إقليمية، قال ولد الشيخ أحمد، إن "العلاقات بين البلدين شهدت، خلال السنوات الماضية، قفزة مهمة، وهي علاقات صلبة ونطمح لرفع مستواها وتقويتها".

ولفت الوزير الموريتاني، خلال المؤتمر الصحافي، إلى "وجود تنسيق جيد على المستوى السياسي، وإرادة سياسية للدفع بالعلاقات"، مؤكداً على ضرورة العمل على تطوير العلاقة الاقتصادية بين البلدين، عبر إحداث لجنة عليا مشتركة يترأسها وزير أول موريتانيا ونظيره المغربي".

وكشف ولد الشيخ أحمد عن قرار البلدين "رفع مستوى التمثيل في لجنة الوزراء من وزراء منتدبين إلى وزراء، والتحضير ليل نهار لهذه اللجنة"، مشيراً إلى وجود "إرادة مشتركة من أجل تطوير الاقتصاد والاستثمار بين البلدين وخلق فرص عمل، خصوصا أن الجانب الاقتصادي لم يصل إلى المستوى المطلوب". 

وتأتي زيارة ولد الشيخ أحمد بعد نحو شهرين على تأجيله لزيارة رسمية كانت مقررة له إلى الرباط لتسليم رسالة من الرئيس الموريتاني إلى العاهل المغربي، فيما كان لافتاً تضارب الأنباء حول أسباب ذلك وحديث عن أزمة جديدة بين البلدين.

وفي الوقت الذي ربطت فيه بعض المصادر إرجاء الشيخ أحمد زيارته التي لم تكن مبرمجة سلفاً إلى المغرب، بالوضع الوبائي الناجم عن تفشي فيروس كورونا في البلدين، ربط مراقبون مغاربة بين التأجيل ووجود انزعاج مغربي من استقبال الرئيس الموريتاني لمبعوث زعيم جبهة "البوليساريو"، المكلف بالشؤون السياسية، البشير مصطفى السيد، في القصر الرئاسي بنواكشوط. وهو الاستقبال الذي حاولت الجبهة الترويج له كانتصار لها. كما أعاد استقبال حزب "التجمع الوطني للإصلاح" (تواصل) الإسلامي، مجدداً، وفد الجبهة، إلى الأذهان التوتّر الذي أثير في يوليو/تموز الماضي على خلفية تأسيس لجنة للصداقة مع "البوليساريو"، بتمثيل عدد من الأحزاب الموريتانية، من بينها "التجمع الوطني للإصلاح".

وبحسب المراقبين، فإن المغرب يراهن على خروج نواكشوط من حيادها السلبي وتعديلها للكفة المائلة نحو الجبهة والجزائر، وإدارة الدفة قليلاً نحو الرباط، التي ترغب في "علاقات استثنائية" مع الجارة الجنوبية على أسس واقعية وعملية، يكون الجانب الاقتصادي القاطرة المحركة لها. 

وشهدت العلاقات بين الجارين، طيلة العقد الماضي، وحتى مع وصول الرئيس الموريتاني الجديد للسلطة، حالة من الفتور والتوتر جراء ارتباطات "البوليساريو" بالنظام والقوى السياسية في هذا البلد.

غير أن إعلان الملك محمد السادس، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، خلال اتصال هاتفي مع ولد الشيخ الغزواني، عن استعداده لزيارة نواكشوط،رأى فيه مراقبون انعطافة جديدة في العلاقات، ومدخلاً لتقارب بين الرباط ونواكشوط سيكون له أثر إيجابي على النزاع في الصحراء، وكذا على انعكاسات التوتر الصامت بين البلدين، رغم تأكيد الجانب المغربي، منذ وصول ولد الشيخ الغزواني إلى الرئاسة، على "أن لا تكون العلاقة مع موريتانيا علاقة عادية، وإنما علاقة استثنائية، بحكم ما يميزها من تاريخ ووشائج إنسانية وجوار جغرافيا".

وعاشت موريتانيا، خلال الأسابيع الماضية بعد أزمة الكركرات، جدلاً ونقاشاً حول علاقاتها بـ"البوليساريو" جراء ما لحق مصالحها من أضرار، وما ترتب من انعكاسات على أسواق الاستهلاك الموريتانية المعتمدة على معبر الكركرات، الذي يعتبر حيوياً، سواء للتصدير أو الاستيراد، ليس فقط مع المغرب، وإنما مع أوروبا من جهة، وباقي بلدان غرب أفريقيا من جهة أخرى.

المساهمون