المغرب: خلافات تنذر بتصدّع حزب التجمع الوطني للأحرار

المغرب: الحركة التصحيحية تشهر سلاح المؤتمر الاستثنائي في وجه قيادة "الأحرار"

30 سبتمبر 2020
يجد الحزب نفسه أمام مفترق طرق ومهدداً بالانشقاقات قبيل الانتخابات المقبلة (تويتر)
+ الخط -

دخل الصراع الدائر داخل حزب "التجمع الوطني للأحرار"، ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، بين قيادة الحزب والحركة التصحيحية التي أعلن عنها أخيراً، منعطفاً حاسماً، بعد أن طالبت الحركة، الأربعاء، أعضاء المجلس الوطني (برلمان الحزب) بعقد مؤتمر استثنائي لانتخاب قيادة جديدة.

وربطت الحركة التصحيحية داخل حزب الأحرار، في مذكرة وجهتها لأعضاء المجلس الوطني، بين مطالبتها بمؤتمر استثنائي لانتخاب قيادة جديدة، وبين "مجموعة من الاختلالات التي يعرفها التدبير الداخلي للحزب على جميع المستويات، إضافة إلى تهميش كفاءاته"، و"غيابه عن مواكبة القضايا الوطنية الكبرى، منذ تولي وزير الزراعة، عزيز أخنوش قيادة الحزب، إضافة إلى تأثر صورة الحزب بمقاطعة شركة أخنوش، التي عكست زواج المال بالسياسة".

واتهمت الحركة التصحيحية، في المذكرة التي تلقّى "العربي الجديد" نسخة منها، أخنوش، بـ "تغيير مسار الحزب نحو سلطة المال والمقايضة، اعتماداً على القفف الرمضانية للحصول على الأصوات الانتخابية، في استغلال لضعفهم وهشاشتهم الاجتماعية"، متسائلة: "إذا كان للحزب برنامج حول الصحة والتعليم يريد تطبيقه؛ فلماذا يقايض به المغاربة؟".
كما انتقدت الحركة غياب "الأحرار" على المستوى السياسي، وخلقه عداوات مجانية، داعية أعضاء المجلس الوطني، المنتظر عقده يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، إلى استغلال ولادة الحركة التصحيحية قبل فوات الأوان، والانخراط داخلها، مع الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي لانتخاب قيادة جديدة للحزب.

يعيش "التجمع الوطني للأحرار" على إيقاع أزمة حادة وسط قيادته وفي فروعه، تنذر بتصدّعه، وذلك قبل نحو عام من الانتخابات التشريعية

ويعيش "التجمع الوطني للأحرار" على إيقاع أزمة حادة وسط قيادته وفي فروعه، تنذر بتصدّعه، وذلك قبل نحو عام من الانتخابات التشريعية التي لا تخفي قيادته الحالية طموحها لتصدرها والإطاحة بالإسلاميين. وفي الوقت الذي لم تتعافَ فيه قيادة الحزب من تأثيرات المقاطعة الاقتصادية التي طاولت ثلاث علامات تجارية عام 2018، من ضمنها شركة توزيع المحروقات المملوكة لأخنوش؛ يعيش الحزب منذ أسابيع مرحلة سيئة في تاريخه بتراكم أزمات عدة، دفعت أخيراً قياديين في الحزب إلى الانتقال إلى مرحلة التنسيق وتسريع الخطوات لإعلان ولادة "حركة تصحيحية" للقطع مع ما سموه منطق المقاولة الذي أصبح يدار به الحزب.

وجاء إعلان قياديين في "الأحرار" الحركة التصحيحية، ليعكس ما يعيشه الحزب من صراع بين جناحين، واحد يقوده الوزيران السابقان محمد أوجار ومحمد عبو، في حين يقود الجناح الثاني مؤيدان لأخنوش، وهما وزير الشباب والرياضة السابق رشيد الطالبي العلمي، وعضو المكتب السياسي ومدير الحزب مصطفى بيتاس. وهو الصراع الذي يجري التكتم بشأنه منذ التعديل الحكومي الأخير في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الذي أطاح بالوزيرين محمد أوجار ورشيد الطالبي العلمي. وانفجر هذا الصراع بشكل جلي، حينما قاد بيتاس، اليد اليمنى لأخنوش، بمناسبة مناقشة مشروع قانون المالية التعديل في يوليو/تموز الماضي، حملة منظّمة ضد زميله في الحزب وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، منتقداً بشكل مفاجئ، وعلى مرأى الخصوم والحلفاء ومسمعهم، أداء زميله.

كما سلّط ما تعرضت له البرلمانية وفاء البقالي من حملة تشهير قادها محسوبون على بيتاس، بسبب موقفها الداعم لبنشعبون، الضوء على حجم الصراع بين الجناحين. وفي الوقت الذي يتحدث فيه بعض المتابعين عن صراع خفي بين أخنوش وبنشعبون، وصل إلى نقطة اللاعودة؛ شكّل إعلان المنسق الإقليمي للحزب في الرباط عبد القادر تاتو استقالته هذا الأسبوع، عنواناً آخر للأزمة التي يمر بها "الأحرار"، واستمراراً لعدد من الاستقالات الجماعية التي عرفها الحزب في الآونة الأخيرة في العديد من المناطق (فاس، اشتوكة آيت باها، الرحامنة، الرباط...) جراء ما وُصفت بالتجاوزات وعدم احترام القوانين الداخلية للحزب.

وبهذه التطورات، يجد الحزب، الذي تأسس سنة 1977 على يد أحمد عصمان صهر الملك الراحل الحسن الثاني وعرف باسم "الحزب الإداري" العامل في سياق كسب رضا الدولة، نفسه أمام مفترق طرق، ينذر بحدوث انشقاقات، في ظل سعي جناح الطالبي العلمي وبيتاس إلى السيطرة على الحزب قبيل الانتخابات المقبلة، التي تثير حظوظه فيها أكثر من علامة استفهام.