المغرب: حكومة أخنوش تواجه امتحان الإضراب العام

04 فبراير 2025
خلال احتجاج نقابي في الدار البيضاء، 4 يونيو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه حكومة عزيز أخنوش في المغرب تحدياً كبيراً مع إعلان النقابات العمالية عن إضراب عام احتجاجاً على مشروع القانون التنظيمي للإضراب وتدهور الأوضاع الاجتماعية، بمشاركة نقابات مثل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.

- يعتبر مشروع القانون التنظيمي للإضراب نقطة خلاف رئيسية، حيث تراه الحكومة وسيلة لحماية العمال والشركات، بينما تعارضه النقابات لاعتباره يقيد الحق في الإضراب، مطالبة بتوافق اجتماعي حقيقي.

- صوتت نقابة خالد السطي ضد مشروع القانون، مع إقرار مجلس المستشارين له بالأغلبية، ومن المتوقع أن يعود النص إلى مجلس النواب لاستكمال الإجراءات التشريعية.

تواجه حكومة عزيز أخنوش في المغرب امتحاناً جديداً بعدما قررت النقابات العمالية خوض الإضراب العام في مختلف القطاعات في البلاد يومي غد الأربعاء وبعد غد الخميس، وذلك رفضاً لمشروع القانون التنظيمي الخاص بالإضراب، واحتجاجاً على تأزم الوضع الاجتماعي. وأعلنت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والمنظمة الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وفيدرالية النقابات الديمقراطية، والشبكة الوطنية للحقوق الشغلية (تقاطع)، والجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد، التي تضم تسع هيئات ونقابات وتنسيقيات بعدة قطاعات، فضلاً عن هيئات حزبية، على رأسها حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، الانخراط والدعوة إلى الإضراب العام.

وعشية الإضراب العام، اعتبرت كل من نقابة الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والمنظمة الديمقراطية للشغل وفيدرالية النقابات الديمقراطية أن قرار الإضراب الوطني "هو معركة إنذارية تدشن أشكالاً أخرى من التصعيد بعد 5 فبراير" الجاري. وعبرت النقابات الأربع، خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس، عن رفضها لما وصفته بـ"السياسة اللا اجتماعية" للحكومة، التي تسعى إلى تمرير مشاريع قوانين "تمس بمكتسبات الطبقة العاملة خارج أي توافق أو تفاوض حقيقي".

وفيما ستخوض النقابات الأربع إضراباً عاماً ليوم واحد، قررت نقابة الاتحاد المغربي للشغل الدخول في إضراب عام ليومين، رفضاً لما وصفته بـ"السياسات اللا شعبية" التي تنتهجها الحكومة، والتي أثرت سلباً على القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم الفئات الشعبية. وعبر الاتحاد المغربي للشغل عن رفضه تمرير مشروع القانون التنظيمي للإضراب دون توافق اجتماعي، محذراً من أن الإضراب الوطني ليس سوى بداية لمسلسل نضالي. وشدد على أنه في حال استمرار الحكومة في نهج سياسات التراجع عن المكتسبات، فإن الحركة النقابية ستصعد من خطواتها الاحتجاجية في المرحلة المقبلة.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحول مشروع القانون التنظيمي للإضراب إلى نقطة صراع بين الحكومة والنقابات العمالية، كما كان سبباً في تنظيم مسيرات وإضرابات، آخرها يوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة المغربية أن مشروع قانون الإضراب "يسعى إلى حماية الشغيلة (العمال) والمقاولة (الشركات) وتوسيع الحريات النقابية"، وأنه ضروري لتنظيم الإضرابات وحماية المصالح الاقتصادية للبلاد، أبدت غالبية النقابات معارضتها لمضامين المشروع لكونه "يقيد الحق في الإضراب ويضع شروطاً صعبة لممارسته، مما يتعارض مع الحقوق النقابية الأساسية المكفولة دستورياً". وأكدت على "ضرورة أن يكون القانون محل توافق بين جميع الفرقاء الاجتماعيين عبر مشاورات موسعة وحقيقية".

وبحسب رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، رشيد لزرق، فإن الإضراب العام الذي دعت إليه النقابات هو "جزء من سلسلة احتجاجات تهدف إلى الضغط على الحكومة لإعادة النظر في بنود قانون الإضراب"، لافتاً إلى أن قانون الإضراب "يعد من التشريعات الحساسة والمهمة التي تتطلب نهجاً توافقياً يراعي مصالح جميع الأطراف".

وقال لزرق، في تصريح لـ"العربي الجديد": "ينبغي على الحكومة أن تتجاوز منطق الأغلبية العددية داخل البرلمان وتنظر إلى نفسها على أنها حكومة للجميع، تمثل مختلف شرائح المجتمع. فالتوافق في صياغة هذا القانون يعني الاستماع لوجهات نظر النقابات العمالية والباطرونا (نقابة رجال الأعمال) والخبراء، والعمل على إيجاد صيغة توازن بين حق العمال في الإضراب والحفاظ على المصلحة العامة. إن مثل هذا النهج التشاركي يعزز الثقة المتبادلة ويؤسس لعلاقات مهنية أكثر استقراراً وإنصافاً".

من جهته، قال المستشار البرلماني خالد السطي عن نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) إن نقابته اختارت التصويت ضد مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15، المحدد لشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وذلك احتجاجاً على "رفض الحكومة التعديلات الجوهرية التي تقدمنا بها إلى جانب مكونات الحركة النقابية بمجلس المستشارين أساساً، والتي نعتبرها ضرورية، لضمان الحق في ممارسة الإضراب قانونياً وآمن دون المساس بحقوق ممارسة الإضراب الأساسية أو التأثير على سير العمل أو عرقلته".

وأوضح السطي، لـ"العربي الجديد"، أن "مكونات مجلس المستشارين، خصوصاً النقابية كانت تأمل في أن تؤخذ التعديلات التي اقترحتها بعين الاعتبار، خاصة مطلب إضافة الديباجة لأهمية هذا القانون التنظيمي الذي يكتسي طابعاً خاصاً وينظم مجالاً أساسياً يتعلق بحق من حقوق الإنسان الأساسية، وتوسيع تعريف الإضراب ليشمل فئات ومجالات أخرى انسجاماً مع الفصل 29 من الدستور الذي يضمن حق ممارسة الإضراب مع توسيع مجال ممارسة الحق الدستوري وعدم ربط هذا الحق بشرط التمثيلية. بالإضافة إلى التراجع عن تجريم احتلال مقرات العمل ورفض الاقتطاع من أجور المضربين، خصوصاً أن الإضراب قد يكون بسبب عدم صرف الأجور أو عدم احترام الحد الأدنى للأجور وتعديلات أخرى".

وقال المستشار البرلماني السطي إن الحركة النقابية ترغب في قانون تنظيمي "غير مشوّه، بل يجب أن يكون قانوناً تنظيمياً متوازناً يضمن الحق في ممارسة الإضراب مع الحفاظ على حرية العمل". وأقر مجلس المستشارين، أمس الاثنين، بالأغلبية مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بعد أن حظي بموافقة 41 مستشاراً، وعارضه سبعة آخرون، فيما انسحب فريق الاتحاد المغربي للشغل من جلسة التصويت. وينتظر أن يعود النص "المثير للجدل" إلى مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) لاستكمال المسطرة التشريعية، على أن يتم نشره في الجريدة الرسمية بعد إقرار المحكمة الدستورية مطابقته للدستور، ليدخل بعدها حيز التنفيذ‪.

المساهمون