المغرب... حتى الإسلاميون يخسرون

المغرب... حتى الإسلاميون يخسرون

10 سبتمبر 2021
نتائج الانتخابات تؤسس لمراجعات صحية للديمقراطية (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

في التجربة الانتخابية الإسكندنافية بعض العبر عن متانة وصحة الديمقراطية. فمثلاً تدوير الحكم بين مختلف التيارات السياسية الدنماركية، يعني أن الناس قادرون على محاكمة أحزابهم، وتحديد سياسات البلاد كل 4 سنوات.
أحد أعرق الأحزاب، "المحافظين"، (حزب الشعب المحافظ الدنماركي) وتعود جذوره إلى 1848، لا يملك اليوم سوى 12 نائباً من أصل 179، على الرغم من أنه عاش فترات ازدهار وحكم حتى الثمانينيات، وبقي جزءاً من ائتلاف حكم يمين الوسط حتى 2019. فخسارة أحزاب، وبينها اجتماعية ديمقراطية (يسار وسط) عريقة، أسست بالأصل لدول الرفاهية الإسكندنافية، بما يعكس قدرة الناس وإرادتهم على محاسبة الطبقة السياسية حين يتعلق الأمر بمصالحهم المباشرة، وبأن لا "ولاء فولاذيا" للأحزاب. فقد يصوّت اليوم نرويجي وسويدي ودنماركي لليسار وغداً لتيار ليبرالي، بعيداً بالطبع عن "النواة الأيديولوجية الصلبة". وهو ما يسري على التجربة الألمانية، في تعدد ألوان الحكومات منذ 1945.
في نتائج الانتخابات المغربية، أمس الخميس، التي هوت بـ"العدالة والتنمية" من 125 نائباً إلى 12 نائباً، الكثير من الدروس التي تؤسس لمشاهد ومراجعات صحية للديمقراطية. الشعوب تقترع بناءً على ما تَحقق، وعلى الثقة ببرامج وتمثيل الأحزاب لمصلحة الأمة. وهو ما يعني أنّ الإسلاميين يخسرون أيضاً في الصناديق. وذلك بالضرورة يفضح أكاذيب أصحاب التجارب الانقلابية العربية على إرادة الشارع منذ 2011، ويسقط تنظيرات استعلائية عن أن الناس "قاصرون" عن إدراك مصالحهم.
وإذا كانت تجارب إسكندنافيا تبدو بعيدة للبعض، فإن تجربة انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول التركية في 2019، أعطت مؤشراً حول محدودية أفق المتمترسين أيديولوجياً؛ سواء كانوا من "العدالة والتنمية" أو "التطرف العلماني" والشعبوية، في ما يتعلق بإرادة الناس، وإدراكهم لمصالحهم. فلم تسعف شعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقتها في تغيير النتيجة.
في المحصلة، المشهد المغاربي والمشرقي العربي الأوسع، يستحق قراءة متأنية ومنفتحة، وبمؤشرات واقعية وحقيقية، حول أنّ ترك الناس يختارون بحرية، يعزز بالتراكم "التصحيح السياسي"، بعيداً عن الأبوية العسكريتارية-الأمنية والتدخلات الخارجية لإفشال التجارب الديمقراطية، وعن الأحزاب السلطوية المحتكرة للحكم، أو المتقاسمة للبلاد كدجاجة تبيض ذهباً.

المساهمون