Skip to main content
المغرب: ترقب عفو ملكي عن معتقلي حراك "الريف" والصحافيين
عادل نجدي ــ الرباط (المغرب)
عفو ملكي مغربي مرتقب للإفراج عن معتقلين (Getty)

يسود ترقب شديد في الأوساط الحقوقية والسياسية المغربية في انتظار الكشف، خلال الساعات القادمة، عن قائمة المعتقلين الذين سيشملهم العفو الذي سيصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة عيد الفطر.

وكشفت مصادر حقوقية لـ"العربي الجديد"، أن من المتوقع صدور عفو ملكي يشمل بقية معتقلي حراك الريف (25 معتقلا)، إضافة إلى الصحافيين وعدد من النشطاء الحقوقيين والمدونين، في خطوة للمصالحة وخلق جو إيجابي يجنب المغرب مأزقا ووضعا مشحونا.

وأشارت المصادر إلى أن جهات حقوقية رسمية رفعت التماسات إلى الديوان الملكي في هذا الشأن، وذلك بالتزامن مع ما يعرفه المشهد السياسي والحقوقي، في الآونة الأخيرة، من دعوات إلى ضرورة توفير جو سياسي وحقوقي يساهم في تشجيع المواطنين على استعادة الثقة في المؤسسات والمشاركة والانخراط في العملية الانتخابية.

وتصاعدت المطالب بصورة لافتة من قبل منظمات حقوقية وشخصيات سياسية وفكرية، وذلك بإطلاق مسار جديد للمصالحة في المغرب، عنوانه الرئيس: "إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات والصحافيين والنشطاء الحقوقيين"، وذلك بالتزامن مع التعبئة الجماعية التي تعيشها البلاد ضد فيروس كورونا.

وبحسب رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب (مستقلة)، رشيد الشريعي، فإن مكونات الحركة الحقوقية تترقب صدور عفو ملكي شامل عما تبقى من معتقلي حراك الريف والصحافيين والمدونين والنشطاء الحقوقيين، من أجل أن يخطو المغرب بشكل فعلي نحو مصالحة حقيقية مع أبنائه وطي صفحة الاعتقالات والانتهاكات والإجهاز على ما تبقى من مكتسبات حقوقية.
وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد": "نتمنى أن يتحقق أملنا بالعفو الملكي، وذلك لكي نحقق مغربا آخر يتسع للجميع، مغرب الحقوق والحريات والديمقراطية والكرامة والعيش الكريم لكل المواطنين".

وأوضح أن "السنوات الأخيرة عرفت تراجعات خطيرة في مجال حقوق الإنسان شملت مختلف مناحي الحياة، وكان هناك قمع للحركات الاحتجاجية من خلال اعتماد مقاربة أمنية في التعامل معها".

وعبر عن تطلعه لفتح المغرب صفحة جديدة، أولا من خلال عفو شامل عن المعتقلين السياسيين والصحافيين والمدونين والنشطاء الحقوقيين. وثانيا، من خلال مصالحة حقيقية بالكف عن انتهاج سياسة أمنية هدفها قمع كل الأصوات الحرة والنزيهة التي تخرج للشارع وتطالب وتنتقد السياسات الحكومية جراء الاعتقالات والمحاكمات، وذلك في إطار التصدي لكل تراجع على المستوى الحقوقي.

بالمقابل، يبدي رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان(أقدم تنظيم حقوقي مستقل في المغرب)، عادل تشكيطو، أسفه من الترقب الذي يتكرر خلال كل مناسبة دينية أو وطنية للمبادرة الملكية واستعمال الملك لحقه في العفو، وتصحيحه لخطأ ارتكبته أجهزة ومؤسسات وطنية، كما حدث في أوقات سابقة مع بعض معتقلي الريف ومعتقلي الرأي وفي قضايا أخرى، كقضية الصحافية هاجر الريسوني.

وقال في حديث مع "العربي الجديد ": "لا يمكن أن نقلل من أهمية فعل العفو الذي يمارسه الملك، لكن إلى متى سيبقى المغاربة، خصوصا عائلات معتقلي الحركات الاحتجاجية والرأي، ينتظرون مناسبة معينة، وبناء أمل الإفراج والسراح والعفو على دقائقها وساعاتها".

وتابع: "نحن اليوم في حاجة إلى إرادة سياسية تضمن للمغاربة حقوقهم وتضع حدا للاعتقالات والقمع والتضييق. نتمنى بكل صدق أن يصدر عفو عن كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، لكن قبل ذلك نتمنى أن نعيش انفراجا حقوقيا حتى لا يضطر العفو الملكي الى إصلاح ما أفسدته الأجهزة والمؤسسات".

وجرت العادة في المغرب أن يقوم الملك بإصدار عفو عن معتقلين، قد يصل عددهم إلى المئات، سواء من المتابعين قانونياً وبانتظار قرار المحكمة النهائي، أو المدانين من قبل المحاكم، وذلك خلال مناسبات وطنية ودينية، كـ"ذكرى المسيرة الخضراء" و"عيد العرش" وعيدي الفطر والأضحى.

ويعتبر ملف حراك الريف، الذي تفجر بعد الاحتجاجات التي شهدتها مدينة الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف، شمال المغرب، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، للمطالبة بتنمية المنطقة وإنهاء التهميش ومحاربة الفساد، من الملفات الشائكة والمعقدة، بكل تداعياته الحقوقية والمدنية، سواء من طرف الدولة، أو تعدد وتنوع المتدخلين فيه من هيئات ولجان محلية ووطنية ودولية تُعبر عن المعتقلين وأسرهم أمام الدولة وأجهزتها الرسمية.

وفي الوقت الذي جرت فيه مياه كثيرة تحت الجسر الرابط بين منطقة الريف والعاصمة الرباط، يبقى إطلاق سراح ما تبقى من معتقلين، وعلى رأسهم قائد الحراك ناصر الزفزافي، وتحقيق الملف المطلبي للحراك، والاعتذار عن "الانتهاكات لحقوق الإنسان التي تعرّض لها المعتقلون"، من المطالب الرئيسة التي يرفعها حقوقيون وجمعية عائلات المعتقلين، من أجل تحقيق تقدّم ملحوظ في مسار حلحلة الملف، الذي يدخل سنته الرابعة.

من جهة أخرى، شكلت محاكمة الصحافيين في المغرب في السنوات الأخيرة، مجالا للشد والجذب وتبادل الاتهامات بشأن حرية الصحافة بين منظمات حقوقية دولية والسلطات المغربية.