اتهام المعارضة بـ"العمالة للخارج" يثير جدلاً في البرلمان المغربي 

09 ديسمبر 2024
جلسة سابقة للبرلمان المغربي في الرباط، 23 يناير 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أثار اتهام نائبة من حزب التجمع الوطني للأحرار للمعارضة بترويج معلومات مغلوطة لخدمة أجندات خارجية جدلاً في البرلمان المغربي، حيث طالبت المعارضة بإحالتها للجنة الأخلاقيات.
- شدد إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي المعارض، على ضرورة معالجة الاتهامات بسرعة وتحديد الأطراف المتورطة، بينما رفض محمد شوكي من حزب التجمع الوطني للأحرار تقييد حرية التعبير للنواب.
- اعتبر رشيد لزرق أن معاقبة النائبة بسبب تصريحاتها الإعلامية انتهاك لحرية التعبير البرلمانية، مشيراً إلى أهمية النقاش السياسي العميق بدلاً من الإجراءات التأديبية.

أثار اتهام نائبة برلمانية عن حزب التجمع الوطني للأحرار (قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب) المعارضة بـ"الترويج لمعطيات مغلوطة بخطاب سياسي يجرى استغلاله من قبل جهات خارجية" جدلاً واسعاً خلال الجلسة الأسبوعية لمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) المنعقدة مساء اليوم الاثنين. وتحول مجلس النواب في المغرب، للأسبوع الثاني على التوالي، إلى ساحة للجدال والسجال بين فرق في المعارضة والفريق النيابي لحزب رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بعد تجدد إثارة الفريق الحركي المعارض مطلبه بإحالة نائبة برلمانية على لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب على خلفية اتهامات وجهتها إلى المعارضة

وكانت النائبة البرلمانية عن فريق حزب التجمع الوطني للأحرار ياسمين لمغور قد اتهمت، خلال مشاركتها الأسبوع الماضي في برنامج "بدون لغة خشب" على إذاعة "ميد راديو" الخاصة، المعارضة البرلمانية بـ"ترويج معطيات مغلوطة والركوب على مجموعة من القضايا خدمة لأجندات خارجية"، وهو الاتهام الذي اعتبرته بعض أطياف المعارضة اتهاما لها بـ"العمالة للخارج خدمة لأجندة معادية"، مطالبة بإحالة النائبة المعنية على لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب.

إلى ذلك، أكد رئيس الفريق الحركي المعارض في مجلس النواب إدريس السنتيسي، في نقطة نظام خلال الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفهية في مجلس النواب المنعقدة اليوم الاثنين، أن "اتهام المعارضة بالعمالة خدمة لأجندات معادية لبلدنا خط أحمر وسابقة خطيرة"، مطالبا بـ"إحالة الموضوع على لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب لاتخاذ ما تراه مناسبا".

وأوضح السنتيسي أن دعوته، الأسبوع الماضي، لإحالة الموضوع على لجنة الأخلاقيات للتداول بشأنه كان الغرض منها معالجته بسرعة وتحديد الطرف أو الأطراف التي تعمل لصالح بلد أجنبي ضد المغرب، وهو "أمر لا يقبله أحد" على حد تعببره. وجدد مطالبته مكتب المجلس من أجل التفاعل مع هذا الموضوع بالجدية اللازمة، معتبرا أن الفريق الحركي متشبث بحقه في معرفة هذه الأطراف وتقديم أسمائها وليس تقديم اعتذار.

في المقابل، اعتبر رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار محمد شوكي أن نقطة النظام "لا يجب أن تخرج عن نطام ما يتصل بتسيير الجلسة"، وأن التصريح موضوع الجدل لم يدل به في البرلمان. وانتقد رئيس الفريق النيابي للحزب القائد للائتلاف الحكومي الحالي تمسك رئيس الفريق الحركي بنقطة نظام في نفس الموضوع لجلستين متتاليتين، مسجلا أن "ما حدث لا يقبل المزايدة"، كما عبر عن رفضه ممارسة الرقابة على حرية النواب في التعبير كما يكفلها لهم الدستور.

وتعليقا على الجدل المثار في مجلس النواب، قال رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية رشيد لزرق إن دعوة الفريق الحركي إلى إحالة نائبة إلى لجنة الأخلاقيات بسبب تصريح إعلامي يعد "انتهاكا صريحا لمبادئ حرية التعبير البرلمانية"، موضحا أن "التصريحات السياسية التي يدلى بها خارج قبة البرلمان تخضع للحماية الدستورية، وتشكل جزءا أساسيا من العمل السياسي والنقاش العام". 

واعتبر لزرق، في حديث مع "العربي الجديد "، أن محاولة معاقبة نائبة على رأي سياسي أعلنته لوسائل الإعلام يمثل "تضييقا على الحريات النيابية وتهديدا مباشرا لآليات التعبير الديمقراطي، فالنقد السياسي والاتهامات المتبادلة تعد من صميم العمل البرلماني، وينبغي أن تظل محمية من أي مساءلات تأديبية تعسفية تهدف إلى كبت حرية الرأي والتعبير". وأضاف: "في الديمقراطية الحقيقية، يحترم الاختلاف السياسي ويواجه بالحجة والبرهان، وليس بالإجراءات التأديبية أو العقابية. وعندما تتهم المعارضة بخدمة أجندات خارجية، فإن الرد الأمثل يكمن في نقاش سياسي عميق يفند الاتهامات ويكشف زيفها، وليس في محاولات لإسكات الصوت المختلف". 

وبرأي المتحدث نفسه، فإن إحالة نائب على لجنة الأخلاقيات تمثل انتكاسة للممارسة البرلمانية، فهي تحول المشهد السياسي من فضاء للنقاش المفتوح إلى ساحة للمحاسبة والتضييق، موضحا أن "البرلمان هو مكان المداولة والحوار، حيث يفترض أن يكون كل نائب قادرا على طرح وجهات نظره بحرية كاملة، من دون خوف من عقوبات تأديبية".

المساهمون