معارك كسر عظم بين الجيش اليمني والحوثيين في مأرب للأسبوع الثاني

معارك كسر عظم بين الجيش اليمني والحوثيين في مأرب للأسبوع الثاني

27 يونيو 2021
الأزمة اليمنية تراوح مكانها (فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت محافظة مأرب الغنية بالنفط مسرحاً للاشتباكات المسلحة بين جماعة الحوثيين وقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وذلك رغم تواصل مساعي الأمم المتحدة والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام.

وعاشت الأطراف الغربية لمحافظة مأرب ساعات عصيبة، اليوم الأحد، بعد هجوم ناري غير مسبوق للحوثيين على مواقع الجيش اليمني، وذلك في مفتتح الأسبوع الثاني من جولة التصعيد الجديدة.
وأكد مصدر في القوات الحكومية بمأرب لـ"العربي الجديد" أن المعارك التي تركزت في جبهات صرواح والمشجح، أسفرت عن عشرات القتلى في صفوف الحوثيين، وذلك بنيران المدفعية ومقاتلات التحالف السعودي الإماراتي.
وقال المصدر، الذي اشترط عدم كشف اسمه، إن جماعة الحوثيين دفعت بكامل قواتها في جبهة صرواح، من أجل السيطرة على جبل البلق القبلي والوصول إلى منطقة سد مأرب، لكنها تعرضت لمحرقة غير مسبوقة، ولم تستطع أن تحقق أي تقدم على الأرض.
وللمرة الأولى، شنت جماعة الحوثيين قصفاً مدفعياً غير مسبوق على مواقع الجيش اليمني، بالتزامن مع هجمات بطائرات مسيّرة، بهدف إرباك التحصينات الدفاعية الأولى للقوات الحكومية، وفقاً للمصدر ذاته.
وأشار المصدر إلى أن مقاتلات التحالف السعودي الإماراتي ساندت بفاعلية المعارك على الأرض، حيث شنت أكثر من 10 غارات جوية، استهدفت عربات وآليات عسكرية مختلفة للحوثيين، ما أسفر عن إحراقها بمن عليها من عناصر.
وبعيداً عن صرواح، نجحت مدفعية الجيش الوطني في إعطاب 3 آليات قتالية للحوثيين في جبهة المشجح، غربي مأرب، كما امتدت المعارك إلى جبهة الخنجر الصحراوية في محافظة الجوف، حيث كشفت مصادر عسكرية عن هجوم خاطف للقوات الحكومية، أوقع عددا من القتلى والجرحى في صفوف الحوثيين.
ولم تعلن جماعة الحوثيين، في المقابل، عن تحقيق أي مكاسب ميدانية في جبهات مأرب منذ الهجوم الأول، مطلع فبراير/شباط الماضي، رغم أنها سيطرت على عدد من السلاسل الجبلية في صرواح ومدغل ورغوان، لكنها ما زالت في مناطق ثانوية صحراوية، ولم تبلغ هدفها الرئيسي المتمثل في منابع النفط والغاز.
ولا يُعرف، حتى الآن، الحجم الحقيقي للخسائر البشرية في صفوف القوات الحكومية والحوثيين، خلال جولة التصعيد الجديدة، حيث أوردت وكالة "فرانس برس" أن المعارك التي دارت، منذ الخميس الماضي وحتى اليوم الأحد، أسفرت عن 111 قتيلاً.
بدورها، نقلت وكالة "رويترز" عن ثلاثة مصادر موالية للحكومة، لم تكشف عن هويتها، قولها إن الاشتباكات اشتدت، أمس السبت، بين الطرفين.
وذكرت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين أن طائرات التحالف شنت 13 ضربة جوية، مساء السبت.
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول محلي، "استمر القتال حتى الساعات الأولى من الصباح. هذه أعنف اشتباكات منذ أسابيع".

وأعلنت جماعة الحوثيين، مساء الأحد، تنفيذ ما أسمتها بـ"عملية الشهيد طومر"، في جبهة الدحيضة بين مأرب والجوف، نسبة إلى أحد مقاتليها، يُدعى فاضل طومر، قضى خلال المعارك، منتصف فبراير/شباط الماضي، وتم الكشف عن لقطات له اليومين الماضيين وهو يخترق خطوط النار لفك الحصار عن مجاميع حوثية تعرضت للحصار في جبال الدحيضة.

وقالت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، إن العملية انطلقت من 5 مسارات، وانتهت بالسيطرة على سلسلة جبال الدحيضة الاستراتيجية وما جاورها بالكامل.
وأشارت القناة إلى أنه تم خلال العملية، تدمير وإحراق أكثر من 50 آلية و4 أسلحة رشاشة، فضلا عن اغتنام أسلحة متنوعة.
ولم يتسنّ لـ"العربي الجديد" التحقق من المزاعم الحوثية، إلا أن الجيش اليمني أعلن رسميا، مساء الأحد، أن قواته "نفذت هجوما خاطفا" في جبهة الجوف، عقب محاولة المليشيا الحوثية، استعادة مواقع خسرتها في معارك سابقة، لافتا إلى أن تلك المحاولة باءت بالفشل.
ونشر المركز الإعلامي للجيش اليمني، لقطات ليلية مصورة لسُحب من النيران قال إنها سحقت عناصر حوثية أثناء محاولتها التسلل إلى مواقعه غربي مأرب، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. 

وأظهرت اللقطات، إطلاق نيران بشكل مكثف من مدافع أرضية- عيار 23، فضلا عن صور تم التقاطها عبر الليزر، تكشف إعطاب آليات عسكرية للحوثيين على مسافة قريبة.
ومنذ تصاعد المعارك، مطلع الأسبوع الماضي، ما تزال محافظة مأرب هي المسرح الرئيسي للعمليات العسكرية، جراء استمرار الهجمات الحوثية التي لم تحقق أي تقدم جوهري على الأرض، رغم النزيف البشري الواسع في صفوف مقاتلي الجماعة.
ويعمل الطرفان المتحاربان على التوصل إلى الشروط التي يمكن من خلالها تنفيذ مسعى تقوده الأمم المتحدة لرفع القيود المفروضة على الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين ومطار صنعاء، لتخفيف الأزمة الإنسانية المتردية، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار لإحياء المفاوضات السياسية التي جرى آخر فصولها في أواخر 2018، وفق "رويترز".
ويصر الحوثيون، الذين سيعزز استيلاؤهم على مأرب وضعهم في أي محادثات مستقبلا، على رفع الحصار قبل أي محادثات لإرساء هدنة. ويريد التحالف التوصل إلى تسوية في الوقت نفسه.
وكانت الخارجية الأميركية قد ذكرت، في تصريحات سابقة نقلها الحساب الرسمي لسفارة واشنطن في اليمن على "تويتر": "إنها بحاجة لرؤية التزام جاد من قبل الحوثيين بوقف إطلاق النار"، باعتبار ذلك هو ما سيمكن الناس من التنقل بحرية، ويسمح بعودة النازحين إلى ديارهم لاستئناف حياتهم الطبيعية.

وشدد المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، والذي توارى عن الأنظار منذ بداية جولة العنف الجديدة في مأرب، هو الآخر على ضرورة "وقف إطلاق النار من أجل تحسين الوضع الإنساني، وذلك في تصريحات لـ"التلفزيون العربي"، ناقش فيها الجهود الأميركية والدولية للمساعدة في حل نزاع اليمن، والحاجة الملحّة لوقف إطلاق النار، وزيادة المشاركة البناءة والإجماع على إنهاء الحرب.
ولا يُعرف ما إذا كانت جماعة الحوثيين ستوافق على الدعوات الأميركية المنسجمة مع مطالب الحكومة اليمنية بضرورة وقف إطلاق النار كمطلب إنساني أم لا، خصوصاً أن تصعيدها الجديد في مأرب كان الهدف منه تحسين شروط التفاوض لوقف الحرب.

المساهمون