استمع إلى الملخص
- في السويداء، سيطرت المعارضة على المراكز الأمنية بعد مهلة قصيرة للجيش، وأعلنت بدء "معركة الحسم"، مما أدى إلى إخلاء المواقع دون قتال وانشقاق مئات العسكريين.
- الجنوب السوري أصبح خالياً من الوجود العسكري للنظام، وسط قلق من الفوضى، مع إعلان وزارة الدفاع عن "إعادة انتشار" ودعوة المعارضة للحفاظ على النسيج الاجتماعي.
شهدت محافظة درعا جنوبي سورية تطورات متسارعة مساء أمس الجمعة، تمثلت في إعلان غرفة عمليات الجنوب السيطرة على كامل مدينة درعا، وإعلان الوصول إلى أهم معقلين للنظام السوري في المحافظة، وهما المربع الأمني وسط المدينة، ومدينة إزرع، الثقل العسكري الأساسي للنظام في محافظة درعا. جاء ذلك فيما أعلن جيش النظام أنه نفذ "إعادة انتشار" في محافظتي درعا والسويداء.
وقال الناشط أيمن أبو محمود، من "تجمع أحرار حوران" لـ"العربي الجديد" إن فصائل المعارضة دخلت مساء أمس المربع الأمني في مركز مدينة درعا المحطة، وسيطرت على مبنى السرايا في المدينة، حيث يقيم القادة الأمنيون للنظام، وعلى رأسهم رئيس فرع الأمن العسكري العميد لؤي العلي، الذي ارتبط اسمه بمجمل عمليات الاغتيال في المحافظة خلال السنوات الماضية، وبتشكيل مجموعات محلية تعمل لصالح النظام، فيما تمكن العلي مع ضباطه من مغادرة المحافظة والوصول إلى دمشق.
وأضاف أبو محمود أن فصائل المعارضة تسلّمت مديرية المنطقة وسجن إزرع المركزي والأقسام الأمنية في مدينة إزرع بشكل كامل، مشيراً إلى أن إزرع هي مركز الثقل العسكري للنظام في محافظة درعا. وبث ناشطون لقطات لتحرير المعتقلين من سجن إزرع المركزي.
كذلك سيطرت الفصائل على اللواء 12 في محيط إزرع، بعد انسحاب قوات النظام ومليشيات إيران باتجاه العاصمة دمشق، حيث انسحبت تلك القوات على شكل دفعات من الفروع الأمنية في مدينة إزرع. وأعلنت غرفة عمليات الجنوب تأمين انشقاق 314 عنصراً من قوات النظام من الكتائب المحيطة بمدينة بصر الحرير في ريف درعا الشرقي.
ومع هذه التطورات تكون مجمل مدن وبلدات محافظة درعا قد أصبحت بأيدي فصائل المعارضة، باستثناء المناطق الشمالية القريبة من دمشق، مثل الصنمين حيث مقر الفرقة التاسعة، وخبب، وبصير، والمسمية حيث يوجد لواءان من قوات النظام.
ونشر "تجمع أحرار حوران" بياناً موجّهاً إلى أهالي وعشائر حوران حث فيه المواطنين على الالتزام بقرارات غرفة عمليات الجنوب، باعتبارها المرجعية الوحيدة للجنوب، وضرورة المحافظة على سلامة النسيج الاجتماعي والتأكيد على حرمة الدم والمال والعرض، مع دعوة جميع العسكريين إلى الانشقاق عن النظام والتأكيد أنه سيتم تأمين سلامتهم وتسييرهم إلى أهلهم آمنين. كذلك دعا جميع الموظفين والعاملين إلى الاستمرار في تقديم الخدمات للمواطنين، مع تعهدها بالحفاظ على هذه المؤسسات والعاملين فيها.
ونشر التجمع أيضاً بياناً صادراً من غرفة عمليات الجنوب موجّهاً إلى الأردن، جاء فيه أن الشعب السوري يخوض معركة "كسر القيود" في درعا لتحرير سورية من الظلم والفساد، "بهدف بناء دولة القانون التي تضمن الحرية وتحترم دول الجوار". وقال البيان إن "نجاحنا في هذه المعركة سينعكس إيجابياً على أمن المنطقة والمملكة، فالأردن وسورية شعب واحد تربطه روابط تاريخية وأواصر أخوة، ونحن نعمل اليوم على دفع خطر النظام السوري ومليشيات إيران والمخدرات بعيداً عنا وعنكم، مؤكدين جاهزيتنا لحراسة حدودنا الجنوبية والتنسيق لضمان أمن البلدين". وقال البيان: "نثمّن استضافة المملكة اللاجئين، ونسعى لتأمين مناطقنا لعودة المهجرين، ونطمح لعلاقات شراكة قائمة على الاحترام المتبادل مع أشقائنا العرب، وعلى رأسهم المملكة الأردنية الهاشمية".
الجنوب السوري خال تماماً من الوجود العسكري للنظام
وسقطت في أيدي فصائل السويداء آخر المراكز الأمنية، وتم إخلاء الأفرع الأمنية الثلاثة تباعاً وانسحاب القوات العاملة في مطار الثعلة العسكري، لُتعلن الفصائل إسدال الستار على تاريخ من حكم العسكر لمحافظة السويداء. ولم تمض دقائق على إعلان ليث البلعوس، قائد قوات شيخ الكرامة الذي صدر في الساعة الثالثة من بعد ظهر أمس، مهلةً للجيش والقوى الأمنية لمغادرة السويداء خلال 24 ساعة، حتى تحركت الفصائل وحاصرت الحواجز الأمنية والعسكرية بدءاً من مناطق الريف وصولاً إلى المدينة، وماهي إلا ساعات قليلة حتى بدأت تتهاوى النقاط الأمنية والعسكرية والحواجز والكتائب وصولاً إلى فروع الأجهزة الأمنية لتسقط تباعاً في الساعات الأولى من صباح اليوم السبت.
وبالتزامن مع حراك فصائل شيخ الكرامة، أعلنت "غرفة عمليات السويداء" التي تقودها حركة رجال الكرامة ولواء الجبل الذي أسسه مرهج الجرماني، بدء "معركة الحسم" بالسيطرة على نقاط وحواجز ومفارز عسكرية وصولاً إلى مبنى المحافظة وقيادة الشرطة وفرع الأمن الجنائي، تلك التي تم إخلاؤها وتأمين عناصرها من دون اقتتال. وبدأت عشرات المفارز والحواجز والثكنات العسكرية ومخافر الشرطة بسحب عناصرها من دون قتال بعد حصار ومفاوضات أدت إلى انشقاق مئات العسكريين الذين غصت بهم بعض البيوت في السويداء لحين تأمينهم إلى أماكن آمنة.
في الأثناء، كانت الاشتباكات على أشدها عند فرع أمن الدولة وفرع الأمن السياسي والعسكري والمخابرات الجوية، لتسقط هذه تباعاً بعد الساعة الرابعة من صباح اليوم ويتم إخلاؤها. وكانت حركة رجال الكرامة قد أعلنت في الساعات الأولى سقوط أول ضحاياها الشاب لورنس شنان لتتبعه عشائر البدو بإعلان سقوط شاب آخر هو خمري العميري ومن ثم الشاب المدني وشاح نفاع والشاب طارق أبو خليل ليزيد العدد الأولي للضحايا عن 25 بين قتيل وجريح.
وبالتزامن مع الحراك العسكري في السويداء، كانت غرفة علميات الجنوب في محافظة درعا تصدر بيانها الأول يلقيه العقيد المنشق عن الجيش نسيم أبو عرة المنحدر من بلدة خربة غزالة في ريف محافظة درعا الشرقي، معلناً سقوط المربع الأمني وسط مدينة درعا ونهاية الوجود العسكري والأمني للنظام في المحافظة. وأكد أبو عرة أن وجهة الفصائل المسلحة هي دمشق والملتقى في ساحة الأمويين، مشيداً بأحرار الجنوب في السويداء والقنيطرة وداعياً إلى اللقاء في العاصمة دمشق، من أجل الخلاص من حكم الاستبداد وبناء سورية الحرة والموحدة.
وكانت الفصائل المسلحة في محافظة درعا بدأت أعمالها القتالية قبل أيام قليلة واستطاعت أن تنهي وجود العديد من المفارز الأمنية والمواقع والكتائب والألوية العسكرية تباعاً في أرياف درعا وصولاً إلى المربع الأمني في المدينة. وفي الوقت الذي كانت قوات النظام السوري تقصف بالمدفعية البعض من البلدات في ريف درعا ويسقط عدد من الضحايا، كانت القيادات العسكرية والأمنية تهرب من المحافظة وفي مقدمها العميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري.
ووسط هذا التهاوي والسقوط السريع للمؤسسة العسكرية والأمنية في السويداء، ودرعا، يتجه الجنوب السوري إلى فراغ أمني وسط قلق من الأهالي من الفوضى والعنف خاصة أن العصابات الأمنية المنتشرة في المحافظتين اعتادت على أعمال السطو والخطف والجريمة، وبانتظار الأيام القليلة المقبلة، لتُظهر إمكانات الفصائل المسلحة على ضبط الشارع وحماية الأهالي والممتلكات العامة والخاصة.
جيش النظام: ننفذ إعادة انتشار في درعا والسويداء
من جانبه، أعلن جيش النظام السوري أنه نفذ "إعادة انتشار" في محافظتي درعا والسويداء جنوبيّ سورية، وذلك بعد تقدّم المعارضة الواسع هناك. ونقلت وكالة سانا عن بيان لوزارة الدفاع قولها: "قامت قواتنا العاملة في درعا والسويداء بتنفيذ إعادة انتشار وتموضع وإقامة طوق دفاعي وأمني قوي ومتماسك على ذلك الاتجاه بعد أن قامت عناصر إرهابية بمهاجمة حواجز ونقاط الجيش المتباعدة"، وفق تعبيرها.
قامت قواتنا العاملة في درعا والسويداء بتنفيذ إعادة انتشار وتموضع وإقامة طوق دفاعي وأمني قوي ومتماسك على ذلك الاتجاه بعد أن قامت عناصر إرهابية بمهاجمة حواجز ونقاط الجيش المتباعدة
— الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@SanaAjel) December 7, 2024
وأكدت وزارة الدفاع أن "قواتنا المسلحة تتعامل مع مجريات الأحداث انطلاقاً من حرصها على أمن الوطن والمواطنين، وستواجه هذا الإرهاب بكل حزم وقوة"، وفق وصفها.