المعارضة الجزائرية تدين لائحة البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان

المعارضة الجزائرية تدين لائحة البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان وتشكك في توقيتها

28 نوفمبر 2020
ترفض المعارضة الجزائرية الاستقواء بالخارج (العربي الجديد)
+ الخط -

ما زالت المواقف في الجزائر تصدر تباعاً بشأن اللائحة التي أصدرها البرلمان الأوروبي الخميس الماضي، حول وضعية حقوق الإنسان، ولمطالبة السلطات الجزائرية بتعديل سياساتها إزاء قضايا الحريات، والتزام مضمون الاتفاقات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي، التي تشمل تعهدات جزائرية بالتقيد بالمواثيق المتصلة بالحريات الأساسية وحرية التعبير والصحافة.  

وتميل أغلب المواقف في الجزائر إلى إبداء مواقف رافضة للائحة الأوروبية ومعترضة عليها، لكن اللافت أن أكثر المواقف جدية هي تلك الصادرة عن قوى معارضة للسلطة ومشككة في التوقيت السياسي لصدورها، لتزامنه مع قرب اجتماع يعقد في  النصف الأول من شهر ديسمبر كانون الأول المقبل، بين الجزائر والاتحاد الأوروبي لتقييم ومراجعة اتفاق الشراكة الموقع عام 2002، الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2005.

فرض الوصاية

وقال رئيس حركة مجتمع السلم، كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر، عبد الرزاق مقري، إن اللائحة تعبّر عن توجه نحو محاولة فرض الوصاية على الجزائر، لتضمنها "عبارات بصيغة أوامر وبلا حياء في قضايا داخلية وسيادية نحن من يتكفل بها، ولا دخل لهم بشأنها"، مشيراً إلى أن الحركة التي تعارض السلطة وقاطعت الانتخابات الرئاسية الماضية ورفضت مسودة الدستور الجديد، لا تثق في الأطراف الأوروبية.

 وشدد مقري على القول في منشور على صفحته الرسمية في "فيسبوك": "نحن لا نثق بهم مطلقاً، يسكتون عن حقوق الإنسان والديمقراطية حين تتحقق مصالحهم، ويضغطون باسم حقوق الإنسان من أجل الابتزاز والتحكم".

وأبدى ذات المصدر اعتراضاً شديداً بشأن فقرة في اللائحة الأوروبية، تخص مطالبة السلطات الجزائرية بتغيير التشريعات المتعلقة بالهوية والمنظومة الأسرية، ولاحظ مقري أن البرلمان الأوروبي "يستغل رعونات وانحرافات وأخطاء النظام السياسي في مجال الحريات".

لائحة #البرلمان_الأوربي بخصوص #الجزائر: كلام خطير يؤكد التوجه نحو محاولة فرض الوصاية على بلادنا، عبارات بصيغة أوامر...

Posted by ‎عبد الرزاق مقري Abderrazak Makri‎ on Friday, 27 November 2020

وكان مقري يعلّق على تخصيص البرلمان الأوروبي جلسة لمناقشة وإصدار لائحة من 11 صفحة تخص وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، وقضية معتقلي الرأي وناشطي الحراك الشعبي في السجون، وحالة الصحافي خالد درارني الموقوف منذ مارس الماضي، وإغلاق السلطات الجزائرية لتسع كنائس مسيحية، وطالبت مؤسسات الاتحاد الأوروبي التنفيذية بحث السلطات الجزائرية على ضرورة التقيد باتفاقية الشراكة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي عام 2002، التي تنص على احترام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.  

من جانبه، عبّر رئيس حركة "البناء الوطني" عبد القادر بن قرينة عن القلق مما وصفه بـ"ارتفاع أصوات التحامل هذه الأيام على الجزائر، وعلى شعبها ورموز دولتها من مُحترفي التضليل والتدليس، لعرقلة مسار الإصلاح لبناء الجزائر الجديدة، التي أصبح مجرد شعارها هذا مثيراً لخصوم الجزائر وأعدائها".

 ودعا بن قرينة في بيان، إلى "تضافر الجهود لمجابهة المخططات المشبوهة التي تهدد الأرض والشعب، وفي نبذ الفرقة والاختلاف لصالح الوحدة الوطنية بين كل مكونات الساحة الجزائرية، وبروز الجبهة الداخلية القوية، الملتحمة بقوة مع الجيش، والتصدي لكل مهددات مصالحنا الحيوية".

أما القيادي في "جبهة القوى الاشتراكية" (معارض) رشيد شايبي، فربط بين توقيت صدور اللائحة وقرب اجتماع جزائري أوروبي حول مراجعة اتفاق الشراكة.

 وذكر شايبي في تقدير موقف نشر باللغة الفرنسية أنه "سيكون من السذاجة حقاً الاعتقاد بأن البرلمان الأوروبي أو أي مؤسسة أجنبية أخرى تهتم بالحريات الديمقراطية في بلدنا بعد 18 شهراً تقريباً منذ الحركة الشعبية والسلمية لشعبنا، يمكننا أن نقرأ ما بين سطور هذه اللائحة لنفهم أنه لا يدين فقط انتهاكات حقوق الإنسان، ولكنه يدعم أيضاً الانتقال السياسي للنظام والعملية الدستورية".

 وأضاف: "هل كان من قبيل المصادفة أن أعلن اجتماع المفوضية الأوروبية هذا في 7 ديسمبر مع السلطات الجزائرية بشأن اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي التي طلبت الأخيرة مراجعتها في ضوء المصالح الاقتصادية؟ إنه مجرد اسم ابتزاز اقتصادي. لا يزال هناك ثروة تبدد في بلدنا".

قيمة خاصة

ويفسر الباحث في الشؤون السياسية مولود الصديق مواقف المعارضة الجزائرية، المختلفة عن مواقف قوى المعارضة في دول أخرى بأنه "قيمة خاصة تتميز بها المعارضة الجزائرية التي ترفض منذ فترة طويلة الاستقواء بالخارج".

وأضاف الصديق في هذا السياق: "هذه قيمة إيجابية لدى المعارضة في الجزائر، وعقيدة ثابتة لدى القوى الوطنية التي تتحسس من التدخلات الأجنبية، ولا تثق بمواقف الأنظمة والمؤسسات الغربية، في قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، وتعتبر أنها قضايا تستغل للابتزاز ليس إلا".

وأشار خلال تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "المعارضة الجزائرية لم تلجأ إلى الخارج حتى في الظروف الصعبة، والأزمة الأمنية التي مرت بها البلاد في التسعينيات، وظلت تحاول صياغة حل جزائري - جزائري".  

وقبل قوى المعارضة، كانت قوى سياسية موالية للسلطة كـ"جبهة التحرير الوطني"، و"التجمع الوطني الديمقراطي"، و"حركة الإصلاح الوطني"، قد أدانت من جهتها اللائحة التي أصدرها البرلمان الأوروبي.

 كذلك استنكرت "المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء" (منظمة موالية تمثل أبناء شهداء ثورة التحرير) بشدة لائحة البرلمان الأوروبي، واعتبرت أن الأخير "يبني مواقفه على وثائق وتقارير مشكوك فيها، ويتلاعب بمصطلاحات حقوق الإنسان، للتدخل في شؤوننا الداخلية". ودعت نواب البرلمان الأوروبي في بيان إلى "الاهتمام أولاً بحقوق شعوبهم، والسعي إلى حماية حقوق وحريات الأجانب الموجودين في الأراضي الأوروبية، الذين تطاولهم يومياً العنصرية والكراهية". 

دلالات

المساهمون