المطلوب عربياً إزاء التوحش الأميركي

12 فبراير 2025   |  آخر تحديث: 01:03 (توقيت القدس)
شارع الرشيد، في منطقة النصيرات، 11 فبراير 2025 (أشرف عمرة/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تحديات سياسية واقتصادية: يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتغيير الديمغرافيا الاقتصادية لقطاع غزة والمنطقة العربية، مما يتطلب من الدول العربية اتخاذ مواقف جريئة لمواجهة هذه التحديات.

- فرصة للإجماع العربي: القمة العربية المقبلة في القاهرة تمثل فرصة لتحقيق إجماع عربي لمواجهة السياسات الأميركية، من خلال مراجعة المواقف السياسية ووقف التطبيع مع إسرائيل.

- خطة لإعادة إعمار غزة: يجب أن تقدم القمة خطة عربية واضحة لإعادة إعمار غزة، بدعم من الشعوب والدول الإسلامية، كبديل للمقترحات الأميركية، لتعزيز الصمود الفلسطيني.

ليس واضحاً إلى أي حد يمكن أن يذهب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تصوراته السياسية، ليس تجاه قطاع غزة فحسب، ولكن إزاء كامل المنطقة العربية التي باتت معنية بالكامل بأي خطوة يدعو ترامب إلى تنفيذها. ذلك أن ما يريده لا يغير من ثوابت القضية الفلسطينية بما يتعلق برفض التهجير وسياسات الترانسفير وإعدام حق العودة فقط، فهو يريد تغيير الديمغرافيا الاقتصادية لقطاع غزة والمنطقة بالكامل.

ربما هي فرصة، ولعلها حانت ساعة أن يقف النظام العربي الرسمي على الجانب السليم من التاريخ، للمرة الأولى منذ عقود، وأن يتخذ قرارات جريئة ومواقف شجاعة بحجم المخاطر التي تحيط بالمنطقة وبالقضية الفلسطينية. وقد تكون القمة العربية المقبلة في القاهرة في 27 فبراير/ شباط الحالي، فرصة لتحقيق إجماع عربي لم يتحقق منذ عقود، وإنجاز مواقف تترجم إلى خطوات وقرارات بديلة عن التصورات الأميركية الهجينة.

ما يجب أن تنتهي إليه القمة العربية المقبلة بالأساس، في مواجهة هذا التوحش الأميركي، أولاً، إحداث مراجعات ولو بالحد الأدنى، على صعيد الموقف السياسي إزاء هذا الكيان الغاصب والمتعجرف، ووقف كل أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي، وتحييد وتجميد كل الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي، وفك كل الارتباطات القائمة به. ما يعزز ذلك بالأساس، أن بعض الدول العربية وجدت نفسها مضطرة للعودة إلى مواقف قومية، بعدما كانت نأت عن هذا الخطاب بعيداً، باسم الحداثة الواقعية السياسية، والشعوب العربية مستعدة لا شك أن تغفر ما فات، إذا كانت المواقف القومية في مستوى اللحظة العصيبة.

لن يكتشف النظام العربي الرسمي جديداً إذا نجح في تفعيل عوامل قوة كامنة في التضامن العربي، تحت أي عنوان كان. كما لن تكون هذه الأنظمة العربية، خصوصاً تلك التي فقدت نسبياً خط الرجعة في مسار التطبيع، أو التي كانت متحمسة للقضاء على المقاومة، بحاجة إلى دليل من التاريخ السياسي، على عدم احترام إسرائيل لأي طرف عربي، لا لصديق ولا لعدو. مصر والأردن، كما السعودية خصوصاً، يريان ذلك رؤى العين الآن، بدليل التصريحات الأخيرة لرئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو المهينة بشأن السعودية، وإن كان ذلك صبّ في مصلحة الموقف العربي كونه يباعد بين الرياض والتطبيع، ويفكك علاقات كان يبدو نتنياهو منتشياً بها قبل فترة، لم تكن لتخدم القضية الفلسطينية بأي حال من الأحوال.

لكن الأهم من إحداث مراجعات في الموقف من العلاقة والتواصل السياسي مع إسرائيل، أن توفر القمة العربية المقبلة خطة عربية طارئة وواضحة في آليات تنفيذها وتمويلها لإعادة إعمار قطاع غزة، ستلقى بالتأكيد دعماً من الشعوب العربية (على أوضاعها الصعبة اجتماعياً واقتصادياً)، ومن الدول الإسلامية، تمثل بديلاً للمقترح الأميركي المتوحش، وتعيد تأهيل قطاع غزة للحياة وتعزز الصمود الفلسطيني. والمطلوب هو أن تستعيد الدول العربية المبادرة والقرار في هذا الاتجاه، عدا ذلك، ستكون القمة العربية نكتة سخيفة أكبر من نكتة ترامب.