المسيّرات الإيرانية... سلاح روسي "مزعج" بلا فاعلية كبيرة

المسيّرات الإيرانية... سلاح روسي "مزعج" بلا فاعلية كبيرة

06 أكتوبر 2022
جندي أوكراني ينظر إلى السماء بعد سماع صوت مسيّرة، خاركيف 24 سبتمبر (فرانس برس)
+ الخط -

مع توسع استخدام روسيا الطائرات المسيّرة الإيرانية في حربها في أوكرانيا، والإعلان أمس الأربعاء عن هجوم بمسيّرات انتحارية إيرانية من طراز "شاهد 136" استهدفت بلدة بيلا تسركفا، على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب كييف، يتحوّل هذا السلاح إلى أداة مزعجة بيد موسكو، من دون أن يصل ليُحدث تحوّلاً كبيراً في الصراع.

طريقة بدائية لصنع المسيّرات الإيرانية

وعلى مدى الأسابيع الأخيرة، انتشرت أنباء على نطاق واسع عن لجوء روسيا لاستخدام مختلف الطرازات من المسيّرات الإيرانية، مثل "غيران 2" و"شاهد 136" و"مهاجر 6". وكان استخدامها الأكبر في مناطق جنوب أوكرانيا القريبة من خط التماس، مثل مقاطعتي ميكولايف وأوديسا، في ظل حديث عن أن مدى المسيّرات الإيرانية يراوح بين 1.5 كيلومتر و3 كيلومترات فقط.

وبعد اطلاعه على حطام لمسيّرة "غيران 2" الإيرانية، يلفت المتحدث باسم الإدارة العسكرية في مقاطعة ميكولايف، الفاصلة بين مقاطعتي أوديسا وخيرسون، دميتري بليتينتشوك، إلى أن الطريقة البدائية لصنعها تعكس خضوع الدولة المصنّعة للعقوبات لعقود طويلة، مقراً في الوقت نفسه بأن المسيّرات الإيرانية سلاح "مزعج" كونها قادرة على استهداف مخازن النفط ومستودعات الذخيرة.

ويقول بليتينتشوك في حديث مع "العربي الجديد": "أول ما أود الإشارة إليه هو مستوى جودة معالجة المكونات، ومن الواضح أن البلد المصنع يخضع لعقوبات منذ أربعة عقود، فيتم صنع القطع يدوياً ولصقها بالسيليكون كما هو الأمر في نادي هواة الطائرات الشراعية. لم أرَ أي عنصر مركب باستثناء محرك قاطعة عشب".

يسهل رصد المسيّرات الإيرانية وإسقاطها بسبب ضجيجها

ويقلل بليتينتشوك من فاعلية أداء المسيّرات الإيرانية، مضيفاً أن "هذه مسيّرات بدائية للاستخدام مرة واحدة، ولكن فاعلية استخدامها مشكوك فيها". ويشرح أنه "صحيح أن 40 كيلوغراماً من المتفجرات ليست بقليلة، وهي تعادل نصف قوة راجمة (سميرتش) تقريباً، ولكن هذا غير كافٍ إلا لشنّ هجمات على مخازن النفط ومستودعات الذخيرة. ومع ذلك، يواصل الجيش الروسي إطلاقها على كل ما يستطيع الوصول إليه".

وفي السياق، يتوقع بليتينتشوك أن يصل "عدد المسيّرات التي يتم اعتراضها قريباً إلى 100، وذلك ليس فقط نتيجة لكفاءة نظمنا للدفاع الجوي، وإنما أيضاً جراء عدم احترافية مشغليها والركود التكنولوجي للدولة المنتجة"، ويخلص إلى أن المسيّرات الإيرانية "مزعجة"، ولكنها لا ترقى إلى مستوى السلاح الأكثر خطورة.

كميات كبيرة بكلفة منخفضة

على الرغم من النفي الإيراني وعدم اعتراف روسيا رسمياً باستخدامها المسيّرات الإيرانية في أعمال القتال شرق أوكرانيا، إلا أن الخبير العسكري الروسي يوري ليامين يقر بأن اللقطات الواردة من ساحة القتال تظهر ما يشبه مسيّرات "شاهد 136" وغيرها، لافتاً إلى أن إيران تتبع أسلوب إنتاج كميات كبيرة من المسيّرات ذات كلفة منخفضة.

ويقول ليامين، الذي حرّر كتاب "الحصن الفارسي" في عام 2019، في حديث مع "العربي الجديد": "يظهر عدد من الصور ومقاطع الفيديو الواردة من منطقة أعمال القتال، لقطات لمسيّرات أو حطام تشبه مسيّرات كاميكازي (شاهد 136) ومسيّرات استطلاع ضاربة (مهاجر 6) أيضاً".

وتستخدم كلمة كاميكازي للإشارة إلى مسيرات "شاهد 136" نظراً لاقتصار مهمتها على هدف واحد فقط، وهو الوصول إلى نقطة محددة والانفجار فيها، ولذلك يتم إنتاجها بأقصى درجة من البساطة وأقل كلفة. وإحدى نسخ "شاهد" مزودة بكاميرا، ويمكن التحكم بها عن بُعد وتغيير مسار التحليق وحتى إعادة تصويب المسيّرة على أهداف أخرى، وفق ما ذكرته تقارير إعلامية أوكرانية الأسبوع الماضي.

دميتري بليتينتشوك: رغم قلّة كفاءتها، يواصل الجيش الروسي إطلاق المسيّرات الإيرانية على كل ما يستطيع الوصول إليه

وفي ظل عدم قدرة "شاهد 136" على البحث عن الأهداف وإصابة المتحركة منها، لا يتم إرسالها إلا إلى الأهداف الثابتة كبيرة الحجم نظراً لضعف دقة التصويب.

وحول تقييمه لأداء المسيّرات الإيرانية، يضيف ليامين: "طورت إيران وتنتج طيفاً واسعاً جداً من المسيّرات، والطرازات المختلفة لها نقاط ضعف وقوة. بشكل عام، يمكن الإشارة إلى أن الإيرانيين يسعون لصنع مسيّرات منخفضة التكاليف حتى يتسنى إنتاج كميات كبيرة منها".

ويقلل ليامين من أهمية تأثير توريد المسيّرات الإيرانية إلى روسيا على آفاق العودة للعمل بالاتفاق النووي الإيراني، ويقول في هذا الصدد إن "المفاوضات مستمرة وتتخللها خلافات أكبر من ذلك، ومن بينها مطالبة إيران بإغلاق تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول جزئيات اليورانيوم المخصب التي تم العثور عليها ببعض المنشآت الإيرانية، وهو ما تعارضه الولايات المتحدة، وكذلك بتقديم ضمانات جدية لعدم انسحاب واشنطن من خطة العمل الشاملة المشتركة مرة أخرى".

وبالعودة إلى المسيّرات الإيرانية، فقد كانت المتحدثة باسم قوات الدفاع بقيادة العمليات "يوغ" ("جنوب") الأوكرانية ناتاليا غومينيوك قد قالت في حديث تلفزيوني سابق، إن وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية تعلمت إسقاط المسيّرات الإيرانية.

وأضافت: "نواصل دراسة تكتيكها، وإذا تحدثنا على وجه الخصوص عن نسبة حالات الإسقاط قياساً للوصول إلى الأهداف، فإن النسبة لصالح الإسقاط بمقدار الضعف رغم أنه من الصعب رصد هذه المسيّرات بواسطة الدفاع الجوي بسبب تحليقها على ارتفاعات منخفضة، ولكنها مثيرة للضجيج". وتابعت: "لذلك أصبح يطلق عليها اسم (دراجة نارية)، فيمكن رصدها بسبب ضجيجها، وهناك سوابق لإسقاطها بالأسلحة النارية والرشاشات".

وتعود الأحاديث عن عزم روسيا على استخدام المسيّرات الإيرانية في أوكرانيا إلى يوليو/ تموز الماضي، إذ كشفت واشنطن عشية زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران حينها، أن إيران تستعد لتوريد بضع مئات من المسيّرات لموسكو.