المسيرات الانتحارية الإسرائيلية... وسيلة إضافية لقتل المدنيين في غزة

24 ابريل 2025
آثار غارة بمسيرة إسرائيلية بغزة، 22 إبريل 2025 (داود أبو الكاس/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منذ مارس 2023، يستخدم الاحتلال الإسرائيلي المسيرات الانتحارية لاستهداف المدنيين في غزة، بما في ذلك خيام النازحين، في محاولة لتهجير الفلسطينيين والضغط على المقاومة، وسط فشل الوساطات لوقف الحرب.

- يشير رامي أبو زبيدة إلى أن الاحتلال يستخدم غزة كمختبر لتجربة طائرات مسيرة جديدة، مما يزيد من الخوف وعدم الاستقرار، ويعد انتهاكاً للقانون الدولي، مع دعوات حقوقية لتحقيقات دولية.

- وفقاً لإياد القرا، يسعى الاحتلال لاستخدام وسائل أقل تكلفة وأكثر دقة، مما يؤدي لضحايا مدنيين، ويهدف للضغط على حماس وتجنب خسائر قواته.

لم يترك الاحتلال الإسرائيلي وسيلة للقتل في قطاع غزة منذ بداية حرب الإبادة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى الآن إلا واستخدمها بحق الفلسطينيين، في إطار حربه التي يسعى من خلالها لتهجير الفلسطينيين وقتلهم، ومنها المسيرات الانتحارية الإسرائيلية التي اعتمدها أسلوباً جديداً له. ومنذ استئناف حرب الإبادة في 18 مارس/آذار الماضي، باشر الاحتلال استخدام هذه المسيرات، التي لم يستخدمها في الفترة التي سبقت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل له في 19 يناير/كانون الثاني الماضي. ومن بين الأدوات التي استخدمها الاحتلال خلال الحرب "الكواد كابتر" التي كان من خلالها يقوم الاحتلال باستهداف الفلسطينيين، عبر إطلاق النار بواسطتها بشكل متكرر ما تسبب في استشهاد المئات. ومنذ استئناف الحرب استخدم الاحتلال المسيرات الانتحارية الإسرائيلية لاستهداف المدنيين الفلسطينيين، إذ شهد الأسبوع الأخير عمليات استهداف لخيام نازحين بواسطة هذه المسيرات للمرة الأولى.


رامي أبو زبيدة: الفترة الأخيرة شهدت استخدام المسيرات الانتحارية الإسرائيلية بشكل واضح

استخدام المسيرات الانتحارية الإسرائيلية

وتكرر استخدام المسيرات الانتحارية الإسرائيلية ما لا يقل عن تسع مرات خلال الأسبوعين الماضيين بالحد الأدنى، إذ استخدمها الاحتلال يستخدم مثل هذه الطائرات في عمليات الاغتيال التي تطاول قيادات سياسية وعسكرية في المقاومة الفلسطينية. ويعتبر استخدامها لاستهداف المدنيين الفلسطينيين الأول من نوعه في هذه الحرب، مقارنة مع ما كان يستخدمه الاحتلال في السابق من عمليات قصف وأحزمة نارية أو قصف مدفعي أو حتى بعمليات القنص. ويربط البعض بين استخدام الاحتلال المسيرات الانتحارية الإسرائيلية وبين إدخال الاحتلال أساليب جديدة في الاستهداف بهدف التضييق على الحاضنة الشعبية الفلسطينية، والضغط على المقاومة في عمليات التفاوض.

على جانب آخر يرى البعض الآخر أن ما يجري قد يكون في إطار عمليات تطوير يقوم بها الاحتلال على المسيرات الانتحارية الإسرائيلية وتجربتها، للاستفادة منها لاحقاً في عمليات الاغتيال في إطار الحرب متعددة الجبهات التي يشنها الاحتلال. غير أن اللافت أن غالبية الضحايا في عمليات الاستهداف التي تمت بواسطة هذه المسيرات كانت لمدنيين مثل النساء والأطفال وكبار السن، فضلاً عن تسببها عدة مرات في حرائق وتفحم في جثامين الشهداء. ولم تفلح كل محاولات الوسطاء القطريين والمصريين في الوصول إلى اتفاق جديد يوقف حرب الإبادة الإسرائيلية، في ظل تنصل الاحتلال من الاتفاق واستئنافه للحرب بالرغم من اتفاق المراحل الثلاث الذي وقع عليه.

في الأثناء، يقول الكاتب رامي أبو زبيدة، إن الفترة الأخيرة شهدت استخدام المسيرات الانتحارية الإسرائيلية بشكل واضح، من قبل جيش الاحتلال، وهو بخلاف التكتيكات العسكرية السابقة التي يقوم بها الاحتلال. ويضيف أبو زبيدة في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال يتعمد الاستهداف المتكرر للمناطق المدنية المكتظة، بما في ذلك خيام النازحين والملاجئ، ما يعزز من القناعة بأن الاحتلال يتعمد تعريض السكان المدنيين للخطر والضغط على الحاضنة الشعبية. ويقدر أن القطاع تحول لمختبر مفتوح بالنسبة للاحتلال لاختبار أنواع جديدة من الطائرات المسيرة والمتفجرات الجديدة، فضلاً عن سعيه للبيئة الحاضنة للمقاومة وتقويض أي دعم للأذرع العسكرية.

ويشير أبو زبيدة إلى أن الاحتلال يسعى إلى ⁠الضغط على السكان المدنيين، إذ يبدو أنه يسعى من خلال هذه الهجمات إلى دفع المدنيين نحو مزيد من النزوح، وخلق حالة من عدم الاستقرار والخوف، مما يخدم أهدافه العسكرية في بيئة الحرب الحضرية. وبحسب أبو زبيدة فإن ما يجري يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، إذ يُحظر استهداف المدنيين أو استخدام القوة بشكل غير متناسب، وقد وثقت منظمات حقوقية، مثل منظمة العفو الدولية، هذه الانتهاكات، ودعت إلى إجراء تحقيقات دولية ومحاسبة المسؤولين عنها.


إياد القرا: غالبية الأهداف من المدنيين الأطفال والنساء وكبار السن

وسائل أقل تكلفة للاحتلال

إلى ذلك، يقول الكاتب إياد القرا، إن الاحتلال يحاول التقليل من استخدام الطائرات الحربية ويلجأ لاستخدام وسائل أقل تكلفة، بالإضافة لسعيه للوصول إلى الأهداف بطريقة أكثر دقة خاصة فيما يتعلق باستهداف المقاومين أو عائلاتهم. ويضيف القرا في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن استخدام المسيرات الانتحارية الإسرائيلية تكرر عدة مرات في الأيام الأخيرة، وهو ما نتج منه إيقاع ضحايا في صفوف المدنيين، إذ ثبت أن غالبية الأهداف مدنيون من الأطفال والنساء وكبار السن. ويشير إلى أن ما يجري هو استهداف مباشر حيث إن الخيام لا تحمي النازحين من شيء، وبالتالي فإن هذا التنوع في استخدام الأدوات العسكرية يندرج في إطار ما يريد الاحتلال من تحقيقه في هذه الأهداف. ويلفت القرا إلى أن الاحتلال بات يستخدم أسلحة متنوعة كالآليات المفخخة والبراميل المتفجرة، إلى جانب التقنيات التي تستند للذكاء الصناعي، في ظل رغبته في تجنب أي خسائر في صفوف قواته أو الوقوع في كمائن للمقاومة.

بدوره، يعتقد مدير مركز رؤية للتنمية السياسية أحمد عطاونة أن استخدام الاحتلال الإسرائيلي لمثل هذه الأساليب، يندرج في إطار استكمال الاحتلال ما أعلن عنه عند استئناف الحرب، فيستخدم أشد أساليب الضغط على السكان بهدف الضغط على حركة حماس. ويقول عطاونة في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن ما يقوم به الاحتلال مكمل لما قام به منذ أن فرض الحصار قبل نحو شهرين، إذ إن ما يجري هو استكمال حلقة الضغط على المدنيين بهدف الضغط على قيادة المقاومة. ويلفت إلى أن استهداف المدنيين بواسطة المسيرات الانتحارية الإسرائيلية لا يصنف ضمن الضغط العسكري على المقاومين، لأن ما يقوم به الاحتلال لا يستهدف المقاتلين بشكل مباشر، وإن كانت تطاول هذه الاستهدافات عائلات المقاومين أو العاملين في مجال الإغاثة أو القطاع الحكومي. ويرى عطاونة أن استخدام مثل هذه المسيرات الانتحارية، غير مرتبط بنقص في التسليح لا سيما وأن الولايات المتحدة زودت الاحتلال بكل ما يريد من أسلحة خلال الأشهر الأخيرة، وبالتالي فإن الاحتلال يريد ممارسة القتل للضغط على المقاومة.