المؤسسات الدينية تدخل على خط الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا
استمع إلى الملخص
- أكد البيان على أهمية الاستفادة من الإرث الديني المشترك لتعزيز العلاقات، مشيراً إلى شخصيات تاريخية مثل الأمير عبد القادر الجزائري والقديس أوغيسطين كنماذج للانفتاح.
- شدد الطرفان على ضرورة المصالحة التاريخية لتجنب صراعات الذاكرة، محذرين من أن عدم المصالحة سيبقي الجروح مفتوحة ويمنع التقدم.
دخلت المؤسسات الدينية على خط الأزمة بين الجزائر وفرنسا، في مسعى للحد من تفاقم التوتر السياسي بين البلدين، والدعوة إلى العودة إلى الحوار والتفاهم وحل المشكلات السياسية القائمة، دون التأثير في سير العلاقة بين البلدين ومصالح الشعبين. ووقع عميد مسجد باريس شمس الدين حفيظ، ورئيس أساقفة الجزائر الكاردينال جان بول فاسكو، نداء مشتركاً، بعنوان "الأخوة هي السبيل الوحيد لرسم مستقبل متضامن بين الجزائر وفرنسا"، نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، مساء أمس، دعا إلى تغليب صوت العقل والحكمة بين فرنسا والجزائر وتجنب التصعيد السياسي. وحثّ البيان صناع القرار في البلدين على الاستفادة من "إرث ديني مشترك ساهمت في تكريسه شخصيات تاريخية قدمت نماذج في الانفتاح"، كالأمير عبد القادر الجزائري والقديس أوغيسطين الذي عاش في منطقة سوق أهراس شرقي الجزائر.
وعبّر الطرفان عن رفضهما أن تتحول الأزمة بين الجزائر وفرنسا إلى صراع دائم، ودعيا إلى العودة إلى مسار الحوار، بحسب النداء، الذي اعتبر أن العلاقات بين البلدين "تمر بمرحلة تأزم خطير، لكن هذه الأزمة لا يجب أن تطغى على الروابط التاريخية والإنسانية العميقة بين الشعبين"، مؤكداً أن "الخلافات بين الدول لا ينبغي أن تنعكس على حياة الشعوب"، وبأن "الهوية ليست شيئاً جامداً، بل واقعاً حياً يتطور بالحوار والانفتاح".
وأقر حفيظ وفاسكو بأنه "لا يمكن إنكار أن التوتر الحالي في العلاقات بين فرنسا والجزائر متجذر في ماض مثقل بالجراح"، وشددا على أن المصالحة التي كان يمكن أن تفتح أفقاً من السلام، "لا تزال ممكنة"، ودعيا إلى بناء علاقة متينة بين الشعبين الفرنسي والجزائري، على قاعدة الحقيقة والمصالحة التاريخية التي "تفتح طريق المستقبل بلا إذلال"، بدلاً من الاستمرار في ما وصفه البيان "صراعات الذاكرة". واعتبرا أن عدم إنجاز مصالحة بين البلدين، من شأنه أن "يبقي الجروح مفتوحة ويمنع التقدم".
وجاءت هذه الخطوة من المرجعيات الدينية في البلدين، في ظرف تشهد فيه العلاقات بين الجزائر وفرنسا، أعلى درجات التوتر وفي ظل قطيعة دبلوماسية، حيث للمرة الأولى في تاريخ العلاقات السياسية بين البلدين، تشهد القنوات الدبلوماسية تجميداً كاملاً، بفعل سحب كل طرف لسفيره، وكانت آخر فصول الأزمة توقيف السماح باستلام الحقائب الدبلوماسية من كلا الطرفين في المطارات الجزائرية والفرنسية، وإعلان باريس تعليق العمل بالاتفاق الجزائري-الفرنسي لسنة 2013 الخاص بالإعفاء من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة، وهو ما ردت عليه الجزائر بقرار إلغاء كامل للاتفاق.