المحكمة العليا في بريطانيا تسمح لـ"بالستاين أكشن" بالطعن ضدّ حظرها
استمع إلى الملخص
- انتقد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة القرار، واعتبره غير متناسب، وكشف تقرير عن ضغوط اللوبي المؤيد لإسرائيل لتشديد الإجراءات ضد الحركة.
- شهدت المملكة المتحدة انقساماً حول الحظر، حيث أيد مجلس في أيرلندا الشمالية إسقاط التهم عن داعمي "بالستاين أكشن"، مما يعكس تزايد الدعم الشعبي للحركة.
قضت المحكمة العليا في لندن بأن المؤسسة المشاركة لمنظمة "بالستاين أكشن" هدى العموري يمكنها الطعن قانونياً في قرار وزيرة الداخلية إيفيت كوبر بحظر الحركة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب. وجادل محامو هدى عموري في جلسة استماع عُقدت في لندن الأسبوع الماضي بأن حظر منظمة "فلسطين أكشن"، ووضعها على قدم المساواة مع جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وبوكو حرام، أمر "مُقزز" و"إساءة استخدام سافرة للسلطة".
وحذر المحامون من أن الحظر يُؤثر بالفعل سلباً على حرية التعبير والاحتجاج، مُسلطين الضوء على عشرات الاعتقالات، فيما جادل السير جيمس إيدي، ممثل وزارة الداخلية، بأن المراجعة القضائية ليست السبيل الأمثل للطعن في الحظر، نظراً إلى أن البرلمان قد عيّن لجنة استئناف المنظمات المحظورة خصيصاً لهذا الغرض.
وقضت المحكمة العليا اليوم الأربعاء بتأييد العديد من الحجج التي قدمتها المنظمة للمحكمة لتبرير عدم معقولية تصرفات الحكومة. هذا القرار يعني فتح مسار قضائي أمام الحركة للطعن بقرار وزيرة الداخلية بحظر الحركة، وهو ما سيأخذ أشهراً عديدة مستقبلاً حتى تقر المحكمة لاحقاً قرارها حول إلغاء القانون أم الإبقاء عليه.
وجعل التعديل القانوني للحكومة العضوية في منظمة بالستاين أكشن، أو دعمها، جريمة جنائية يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 14 عاماً. حتى ارتداء قميص أو شارة تحمل اسم المجموعة يُعرّض صاحبها لعقوبة بالسجن تصل إلى ستة أشهر.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، طلب محامو الناشطة البريطانية الفلسطينية عموري من القاضي السماح لها بتقديم طعن أمام المحكمة العليا على الحظر، واصفين إياه بأنه "تدخل غير قانوني" في حرية التعبير. يأتي هذا الطلب للطعن الكامل أمام المحكمة العليا بعد فشل عموري في محاولة سابقة لمنع سريان الحظر مؤقتاً، ورفضت محكمة الاستئناف طعناً على هذا القرار قبل أقل من ساعتين من دخول الحظر حيز التنفيذ في 5 يوليو/تموز.
وحظرت الحكومة البريطانية بموجب قانون الإرهاب الحركة المعروفة باستهدافها مصانع السلاح وشركاته في المملكة المتحدة المرتبطة مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد استهداف ناشطين من الحركة طائرتين من طراز فوييجر في قاعدة بريز نورتون الجوية الملكية في 20 يونيو/ حزيران، ورشهما بالطلاء الأحمر؛ الأمر الذي "تسبب في أضرار تُقدر بنحو 7 ملايين جنيه إسترليني" بحسب وزيرة الداخلية.
وجاء القرار وسط تصاعد حراك تحدي حظر الحركة الأسابيع الماضية، من خلال رفع لافتات من قبل ناشطين ومواطنين بريطانيين كُتب عليها "لا للإبادة الجماعية، أنا أدعم بالستاين أكشن"، الأمر الذي دفع الشرطة البريطانية إلى اعتقال أكثر من 200 شخص حتى الآن.
وصرّح رضا حسين، ممثل هدى عموري، للمحكمة في جلسة الاستماع المنعقدة في 21 يوليو/ تموز بأن الحظر جعل المملكة المتحدة "دولة شاذة" و"مثيرة للاشمئزاز". وأضاف حسين: "إن قرار حظر منظمة فلسطين أكشن يحمل سمات الاستبداد وإساءة استخدام السلطة بشكل صارخ".
الآلاف يتظاهرون في #لندن رفضًا لتصنيف "بالستاين أكشن" منظمةً إرهابية pic.twitter.com/z4TzuVrpuU
— العربي الجديد (@alaraby_ar) July 4, 2025
وقال المفوّض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك إنّ حظر الحكومة البريطانية لمنظمة "بالستاين أكشن" يحدُّ من حقوق وحريات الأفراد في المملكة المتحدة، ويتعارض مع القانون الدولي، فيما تدافع وزارة الداخلية البريطانية عن هذا الإجراء القانوني. ووصف تورك، يوم الجمعة الماضي، قرار الوزراء بتصنيف "بالستاين أكشن" منظمة إرهابية بأنه "غير متناسب وغير ضروري"، ودعاهم إلى إلغائه. وذكر أن الحظر يرقى إلى "تقييد غير مقبول" لحقوق الأفراد في حرية التعبير والتجمع، ويتعارض مع التزامات المملكة المتحدة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنساني.
ونشر موقع "ديكلاسفايد" البريطاني تقريراً استقصائياً، الأسبوع الماضي، بناءً على وثائق عديدة، كشف فيه تفاصيل حصرية حول كيفية تصنيف الحركة بموجب قانون الإرهاب. ففي الوقت الذي يرى نشطاء "بالستاين أكشن" أن أفعالهم هي احتجاجات مباشرة وغير عنيفة تستهدف الشركات المتورطة في إمداد إسرائيل بالأسلحة المستخدمة ضد الفلسطينيين، فإن الشرطة البريطانية، بتوجيه من الحكومة، بدأت في تصنيفها "منظمة إجرامية رئيسية". هذا التصنيف، الذي يُطبق عادة على عصابات الجريمة المنظمة مثل تجار المخدرات، سمح بتطبيق صلاحيات استثنائية لملاحقة النشطاء وتجميد أصولهم.
يُظهر التحقيق أن وزير الداخلية السابق، روبرت جينريك، لعب دوراً حاسماً في الضغط على الشرطة لتشديد الخناق على الحركة، وكشف عن نفوذ كبير للوبي المؤيد لإسرائيل، بما في ذلك منظمة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين. وتطرّق التحقيق إلى التغطية الإعلامية السلبية والمنحازة التي ساهمت في تشويه صورة الحركة، ووصمها بالعنف والتطرف، منها ما اتّهم الحركة بتلقيها تمويلاً من إيران. وأشار أيضاً إلى دور جماعات الضغط في التأثير على وزيرة الداخلية.
وقال الكاتب جورج مونبيوت في مقال له نُشر اليوم في صحيفة ذا غارديان أن الحكومة البريطانية تُطبق قوانين جديدة "متشددة" بشكل متزايد لتكميم أفواه الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، مستهدفًة بشكل خاص حركة بالستاين أكشن. وقال صاحب كتاب "العقيدة الخفية: التاريخ السري للنيوليبرالية" إن هذه الإجراءات ليست فقط بهدف إيقاف التخريب الذي تقوم به الحركة بنشاطها السلمي، بل ردع التظاهرات واسعة النطاق وتقويض حرية التعبير بشأن القضية الفلسطينية، الأمر الذي يُمثّل على حد قوله "تهديداً خطيراً للديمقراطية وحق الاحتجاج في المملكة المتحدة".
وفي سياق الجدل الداخلي الواسع حول القانون والانقسام في الآراء، خالف مجلس في أيرلندا الشمالية توصيته القانونية، وصوّت لصالح إسقاط التهم عن الأشخاص الذين اعتُقلوا لدعمهم "بالستاين أكشن" المحظورة. ويُعتقد أن مجلس مدينة ديري ومنطقة سترابان من أوائل السلطات المحلية في المملكة المتحدة التي أيدت مثل هذا الاقتراح، الأربعاء الماضي.
وصرّح رويري ماكهيو، عمدة حزب شين فين، بأنه سيوافق على الاقتراح برمته (إسقاط التهم)، وقد تم إقراره بدعم من حزبه، والحزب الديمقراطي الاشتراكي العمالي، ومنظمة "الشعب قبل الربح"، وبعض المستقلين، فيما صوّت حزب أولستر الوحدوي والحزب الديمقراطي الوحدوي ضد الاقتراح. ودعا الاقتراح أيضاً إلى رفع الحظر، ولكن بما أنّ برلمان وستمنستر قد سنّه، فيجب إلغاؤه من قبله. وقال شون هاركين، عضو مجلس منظمة "الشعب قبل الربح"، ومقدّم الاقتراح، إن عشرات الآلاف من الناس "قُتلوا وذُبحوا" في غزة، وإن الأطفال الفلسطينيين "يُجوّعون حتى الموت"، مضيفاً أن الحكومة "متواطئة في هذا" وستجني "العواقب الوخيمة". ومن اللافت أن عدداً كبيراً من المعتقلين على يد الشرطة الذين تضامنوا مع الحركة بعد حظرها، كانوا مواطنين متقدمين في العمر ومسنين، من بينهم قسيسة وقاضٍ سابق يبلغ من العمر 81 عاماً.