المتحدث باسم "الجنائية الدولية" لـ"العربي الجديد": أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت سارية

17 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 15:31 (توقيت القدس)
العبدالله: موارد المحكمة الجنائية الدولية محدودة (حسين بيضون)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أكد المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية أن تجميد عمل المدعي العام لا يؤثر على أوامر القبض بحق نتنياهو وغالانت، وأن إجراءات التقاضي مستمرة.
- تناول العبدالله مقتل 254 صحافياً في غزة، مشيراً إلى أن المحكمة الجنائية الدولية يمكنها وصف هذه الجرائم كإبادة أو ضد الإنسانية، وأن الصحافيين يُعاملون كمدنيين.
- شدد العبدالله على أهمية دعم المؤسسات الدولية لحماية الصحافيين، مشيراً إلى إمكانية تعزيز التشريعات الحالية والتعاون الدولي لتنفيذ الأوامر القانونية.

العبدالله: تجميد عمل المدعي العام لا يعني أن أوامر القبض أُلغيت

لا يحق للأعضاء في نظام روما تقرير تطبيق قرار الاعتقال أو عدمه

الصحافيون مشمولون بالحماية كالمدنيين في النزاعات المسلحة

أكد المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية فادي العبدالله أن تجميد عمل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم أحمد خان لا يلغي أوامر القبض والاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية

بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت. وقال في مقابلة مع "العربي الجديد" في الدوحة على هامش "المؤتمر الدولي حول حماية الصحافيين في النزاعات المسلحة" الأسبوع الماضي، إن إجراءات التقاضي لا تزال مستمرة، وإن إسرائيل تقدمت بطلب استئناف لم يُحدَّد موعد النظر به بعد ضد قرارات الاعتقال. وأُوقِف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان عن ممارسة مهماته مؤقتاً في شهر مايو/ أيار الماضي بسبب إجراء تحقيق بحقه، وأعلن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن خان قرر التنحي مؤقتاً عن منصبه مع اقتراب انتهاء تحقيق تجريه الأمم المتحدة بشأن مزاعم تتعلق بسوء سلوك جنسي.
وحول توصيفه لمقتل أكثر من 254 صحافياً في قطاع غزة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عامين من الحرب، قال فادي العبدالله إن المحكمة الجنائية الدولية هي المخوّلة وحدها بوصف هذه الجرائم بأنها جرائم إبادة أو جرائم ضد الإنسانية بعد انطباق الشروط عليها، لافتاً إلى أن القانون الدولي يتعامل مع الصحافيين في مناطق النزاعات بوصفهم مدنيين يجب حمايتهم. وفي ما يلي نص المقابلة:

ما هو مصير أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم الإبادة ضد الشعب الفلسطيني بعد تجميد عمل المدعي العام للمحكمة كريم أحمد خان؟
هناك أوامر قبض صدرت عن المحكمة الجنائية الدولية وإجراءات التقاضي مستمرة، بما في ذلك إجراءات الاستئناف التي قدمتها إسرائيل ولم يُبتّ فيها بعد من قضاة المحكمة الذين يقومون بدراستها. وأشير هنا إلى أن مكتب المدعي العام للمحكمة لا يزال يعمل، رغم أن المدعي العام نفسه في إجازة إدارية. هناك نائبان له يقومان بالعمل، وتجميد عمل المدعي العام لا يؤثر على القضية التي لا تزال مستمرة.

هل حددت المحكمة موعداً للنظر في استئناف الاحتلال الإسرائيلي ضد أوامر القبض؟
كلا، لم يُحدَّد بعد موعد لصدور قرار الاستئناف والبت فيه، فالتحقيقات مستمرة، والقضاة أصدروا قراراً بالقبض، وتجميد عمل المدعي العام لا يعني أن أوامر القبض أُلغيت.

وكيف تعلّق على عدم تطبيق أي دولة حتى الآن قرار المحكمة الجنائية بالقبض على نتنياهو وغالانت؟
هناك واجب قانوني على الدول المنضمة لنظام روما للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك تنفيذ أوامر القبض والاعتقال. إذا ارتأت هذه الدول أن هناك ما يمنعها من تنفيذ أوامر الاعتقال، فينبغي لها أن تقدّم التماساً إلى قضاة المحكمة الجنائية لإعفائها من تنفيذ قرار الاعتقال. وليس من حق الدول الأعضاء في نظام روما أن تقرر تطبيق قرار الاعتقال أو عدم تطبيقه، فالأمر يعود لقضاة المحكمة أنفسهم. وعندما ننظر إلى تجربة المحكمة الجنائية الدولية أو تجارب المحاكم الأخرى السابقة، سنرى أن هناك عاملاً مهماً جداً في القضاء الدولي يتمثل في أن الجرائم لا تسقط بالتقادم وبمرور الزمن، وهذا يعني أن الأوامر الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ستظل سارية المفعول مدى الحياة إذا لزم الأمر أو قرر قضاة المحكمة الجنائية أنفسهم إلغاءها لسبب قانوني مقنع. فإذا كانت هناك ظروف تمنع القبض على شخص معين لكونه فارّاً من وجه العدالة أو مشمولاً بحماية سياسية أو عسكرية معينة، فإن هذه الظروف قد تتغير يوماً ما، وهناك أوامر اعتقال نُفّذت بعد عشر سنوات أو خمس عشرة سنة من إصدارها، فالقضاء الدولي يبقى مصمماً على تطبيق العدالة مهما طال الزمن.

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة التي تعرّض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أكثر من 254 صحافياً وصحافية، من هي الجهة التي تستطيع محاكمة قتلة الصحافيين؟
أي قانون موجود ومصادَق عليه، هناك مؤسسات مكلفة بتطبيقه، والمحكمة الجنائية الدولية عادة تكون هي الملاذ الأخير في مثل هذه الجرائم. فالمسؤولية أولاً في محاكمة قتلة الصحافيين تقع على عاتق القضاء الوطني في الدول المعنية، وفي حال عدم ملاحقة القضاء الوطني مرتكبي هذه الجرائم، يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تتدخّل، ولكن بعد توفر عدد من الشروط، منها ما يتعلق باختصاص المحكمة ومدى فداحة الجريمة وتأثيرها على المجتمعات، والتكامل بين القضاء الوطني والقضاء الدولي.

ومن هي الجهة التي يمكن أن تتقدّم للمحكمة الجنائية الدولية بطلب لمحاكمة القتلة؟
هناك تحقيق مفتوح أمام المحكمة الجنائية الدولية في ما يتعلق بالجرائم التي تُرتكب على الأراضي الفلسطينية، وهذا ضمن الإطار القانوني لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وهناك أوامر قبض واعتقال صدرت عن المحكمة، كما أن هناك تحقيقات جارية، ووحده مكتب المدعي العام للمحكمة الذي يستطيع تقديم طلبات للقضاة لاستصدار أوامر القبض والاعتقال. وأي شخص أو جهة أو منظمة يمتلكون معلومات عن جرائم محددة، عليهم التواصل مع مكتب المدعي العام، وفي النهاية المحكمة تتخذ القرار بالنظر في هذه الجرائم ومدى انطباق الشروط القانونية المطلوبة عليها، مع ضرورة التركيز على الجرائم الأكثر جسامة وخطورة، خصوصاً أن موارد المحكمة محدودة.

في ما يتعلق بجرائم قتل الصحافيين، هل هناك جهة أو جهات تقدّمت للمحكمة للتحقيق في هذه الجرائم؟
هذا سؤال لا أستطيع أن أجيب عنه، فأي تواصل من هذا النوع يجب أن يكون مع مكتب المدعي العام، وأنا لا أعمل مع مكتب المدعي العام وإنما مع المحكمة الجنائية، ومثل هذا التواصل يكون عادة مشمولاً بالسرية، إلا إذا أعلنت الجهة أو الجهات التي قدّمت المعلومات عن ذلك. المبدأ أن تكون التحقيقات سرّية حرصاً على سلامة من قدم المعلومات وحرصاً على سرية التحقيقات.

الجرائم التي ارتُكبت ضد الصحافيين الفلسطينيين هل ينطبق عليها وصف جرائم حرب أو جرائم إبادة؟
وفقاً للقانون الدولي، فإن الصحافيين مشمولون بالحماية كالمدنيين في النزاعات المسلحة، وبالتالي إذا توفرت الشروط القانونية من حيث الاختصاص والموضوع ومن حيث مبدأ التكامل وخطورة وجسامة الجريمة المرتكبة، يمكن أن ينطبق الوصف القانوني عليها بوصفها جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية. أنا لا أستطيع أن أبتّ بموضوع لم يُعرض أمام القضاء، وإن كانت هناك قضية من هذا النوع فعلى القضاء أن ينظر في الأدلة وأن يحدد هل ينطبق وصف جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية عليها. نحن نتحدث هنا عن الإطار القانوني الذي يسمح بحماية الصحافيين، ونتحدث بشكل عام عن الإطار القانوني الذي يسمح بحماية المدنيين بشكل عام في مناطق النزاع.

هل يستطيع شخص من عائلة صحافي قُتل في غزة التقدم للمحكمة الجنائية الدولية لملاحقة حكومة الاحتلال الإسرائيلية؟
لا يستطيع الشخص تحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية، وإنما يستطيع التواصل مع مكتب المدعي العام لتوصيل المعلومات التي يمتلكها، وبدوره يقوم المدعي العام بالتحقيق فيها، ومن ثم يقرر أن يحوّل هذه المعلومات إذا ثبتت لديه إلى قضية يقدمها للمحكمة.

التشريعات والقوانين الدولية المعمول بها هل هي قادرة على حماية الصحافيين أم أننا نحتاج لتشريعات وقوانين جديدة؟
التشريعات والقوانين موجودة بطبيعة الحال، ويمكن في كل الأحوال تعزيزها وتحسينها وتطويرها، ولكن الأمر الأهم برأيي هو دعم وتعزيز المؤسسات المكلفة بتطبيق هذه القوانين، مثل المحاكم الدولية، وتعزيز التعاون على مستوى القانون الدولي من أجل تنفيذ الأوامر التي تصدر عن هذه المؤسسات لتطبيقها. ولا يمنع ذلك النص على حماية الصحافيين في عدد من التشريعات لتحسينها، فالنص صراحة على حماية الصحافيين غير موجود في القوانين الدولية، لكن هناك نصاً عاماً يتحدث عن حماية المدنيين. ويمكن إضافة النص لحماية الصحافيين إلى قانون روما الذي يتحدث بالنص عن حماية القوات المكلفة بحفظ السلام في أماكن النزاعات، لكن الأهم كما قلت هو أن تتمتع المؤسسات المكلفة بتطبيق هذه القوانين والتشريعات بالدعم الدولي الكافي لتطبيقها.

فادي العبدالله
كاتب ومتحدث وحقوقي وشاعر ومحامٍ ومحاور وناقد موسيقي، عمل على طيفٍ واسع من العروض والكتب المنشورة. وتتنوع أعمال العبدالله المنشورة من المقالات التي تدور حول القانون والموسيقى والأفلام. من مواليد طرابلس ـ لبنان، عام 1967، وحالياً يشغل موقع المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

المساهمون