استمع إلى الملخص
- أشارت تيتيه إلى أن الأزمة السياسية في ليبيا ناتجة عن التنافس على الموارد وتفكك المؤسسات، مؤكدة على أهمية استقلالية مؤسسات الرقابة وإجراء تدقيق لتحسين إدارة المالية العامة.
- تناولت الوضع الأمني المتقلب في ليبيا، محذرة من العنف في طرابلس والانقسام المؤسسي، مؤكدة على حماية حقوق الإنسان وتعزيز الحوكمة الديمقراطية عبر الانتخابات المحلية.
دعت المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا سيروا تيتيه إلى ضرورة أن يتعاون المجتمع الدولي "لوضع خطة موحدة لدعم دولة ديمقراطية تُلبّي الاحتياجات الأساسية للشعب الليبي، وتُعزّز النمو الاقتصادي والتنمية العادلة وذلك وعلى الرغم من المصالح المتباينة للدول ذات النفوذ"، مشددة خلال إحاطتها في اجتماع شهري اليوم الخميس لمجلس الأمن حول ليبيا على أن "التقاعس عن العمل سيكون أشد ضررًا من تكلفة التغيير".
وقالت تيتيه إن "معظم القادة الليبيين يدعون إلى عملية سياسية شاملة، ويؤكدون الحاجة الملحة لإنهاء الإجراءات أحادية الجانب، وتوحيد المؤسسات، واستعادة الاستقرار"، مؤكدة في الوقت ذاته أن البعض يعتقد "أن تشكيل حكومة موحدة جديدة هو الحل الوحيد، بينما يرى آخرون أنها ستطيل أمد الفترة الانتقالية التي استمرت قرابة خمسة عشر عامًا".
وشددت المبعوثة الأممية على أن هذا الرأي يؤكد "أهمية تعزيز المؤسسات القائمة، حيث يؤدي تشكيل حكومة انتقالية إلى علاج التحديات الجوهرية التي تواجهها ليبيا"، موضحة أن جميع الأطراف "تتفق على إجراء انتخابات، ولكن هناك اختلاف في وجهات النظر حول ضرورة وضع إطار دستوري يسبق الانتخابات العامة." وقالت إنها أجرت منذ وصولها إلى ليبيا في فبراير/شباط الماضي مشاوراتٍ مكثفة مع الجهات الليبية الفاعلة سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا وقضائيًا وممثلي مؤسسات رقابية وأحزاب سياسية وقياداتٍ من المجتمع المدني وقياداتٍ نسائيةٍ ومن السلك الدبلوماسي وتوقفت تيتيه عند أهمية "الإرادة السياسية للتسوية من أجل وضع خريطة طريق توافقية لحل الأزمة السياسية الليبية واستكمال المرحلة الانتقالية"، داعية إلى "دمج الانتخابات في إطار سياسي شامل يُعزز بناء الدولة من خلال توحيد المؤسسات وتعزيزها."
وأشارت إلى دعم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عمل اللجنة الاستشارية لوضع خيارات لمعالجة القضايا الانتخابية الخلافية. وتطرقت إلى عقد اللجنة الاستشارية لاجتماعات في بنغازي وطرابلس، بما فيها جلسات مع لجنة 6+6 والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، لمناقشة هذه التحديات. وتوقعت أن تقدم اللجنة تقريرها بحلول نهاية الشهر على أن يشمل خيارات للمضي قدمًا.
أسباب استمرار الأزمة السياسية في ليبيا
وشددت المبعوثة الأممية على أن "استمرار الأزمة السياسية في ليبيا يعود إلى التنافس على الموارد الاقتصادية"، مشددة على أن الوضع يتفاقم بسبب "تفكك المؤسسات، والإجراءات الأحادية التي تُعمّق الانقسامات، وغياب ميزانية موحدة، مما يُسبب عدم استقرار اقتصادي كلي يتميز بعجز في النقد الأجنبي، وتضخم، وانخفاض قيمة العملة."
وأشارت إلى أنه "بالتوازي مع عمل اللجنة الاستشارية، تواصلت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مع خبراء اقتصاديين لتحديد الإصلاحات اللازمة للإدارة المالية والاستدامة". وقالت تيتيه في هذا الصدد: "سنواصل المشاورات لتعزيز التقدم، ونحن على استعداد لدعم الأطراف السياسية الرئيسية للاتفاق على ميزانية موحدة لمنع أزمة وشيكة"، مشددة على أهمية "الحفاظ على استقلالية مؤسسات الرقابة الرئيسية"، وضرورة "أن تعمل الجهات السياسية الفاعلة الرئيسية صونها، وهذا يشمل ديوان المحاسبة الوطني. ويجب أن تلتزم تعيينات وإقالات قادة هذه المؤسسات بأحكام الاتفاق السياسي الليبي".
واعتبرت المبعوثة الأممية "وقف المؤسسة الوطنية للنفط معاملات بيع النفط الخام مقابل الوقود اعتبارًا من 1 مارس/آذار تطورًا إيجابيًا يعزز الشفافية في مبيعات النفط. نشجع الحكومة على ضمان تمويل واردات الوقود في الوقت المناسب بناءً على الطلب المحلي". وأشارت في الوقت نفسه إلى أنه "وفي ضوء الاتهامات المتبادلة عقب تخفيض قيمة الدينار الأسبوع الماضي من المصرف المركزي، اقترح عدد من الجهات المعنية الليبية إجراء تدقيق لمؤسسات الدولة الليبية الرئيسية من جانب إحدى أكبر خمس شركات تدقيق دولية". وتوقعت أنه "من شأن ذلك أن يوفر وضوحًا بشأن إدارة المالية العامة، ويساعد في معالجة أوجه القصور والنواقص في هذه المؤسسات."
الوضع العسكري
من جهة أخرى، أشارت هانا سيروا تيتيه إلى أنه على الرغم من أن "وقف إطلاق النار لعام 2020 ما زال صامدًا إلى حد كبير، إلا أن الوضع الأمني لا يزال متقلبًا"، لافتة إلى أنه وفي "ظل استمرار الحشد العسكري والتنافس على السيطرة الإقليمية... جددت التعبئة المسلحة الأخيرة في طرابلس ومحيطها المخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف في العاصمة".
الانقسام وعواقبه
وتطرقت المبعوثة الأممية لعواقب الانقسام وتبعاته على المؤسسات الليبية والفراغ الذي يخلفه ذلك مما "يسمح للجهات المسلحة بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان دون عقاب. ويُثير تصاعد خطاب الكراهية العنصري وكراهية الأجانب أخيرًا قلقًا بالغًا، إذ يُحرّض على العنف ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين والمنظمات الإنسانية التي تُقدّم الدعم المُنقذ للحياة". كما توقفت عند تعليق عمل بعض المنظمات الإنسانية المسجلة رسميا في ليبيا، واستجواب موظفيها. وشددت على أن ذلك أدى إلى إعاقة تقديم الدعم المنقذ للحياة، مما أدى إلى وفاة ثلاثة أشخاص".
وطالبت بضرورة "أن يتوقف استهداف المنظمات الإنسانية، والمهاجرين، وطالبي اللجوء، واللاجئين. نُشيد بالمناقشات الأخيرة بين الحكومة والأمم المتحدة لمعالجة الوضع، ونشجع جميع الأطراف السياسية على تبني نهج أكثر شمولاً لمحاربة الاتجار بالمهاجرين، وتأمين مساحة لإيصال المساعدات الإنسانية من خلال ضمان وصول وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة لها بشكل آمن ودون عوائق". كما حذرت من الاعتقالات التعسفية وخروقات حقوق الإنسان المستمرة.
وتوقفت تيتيه كذلك عند التحديات الكبيرة التي تواجهها النساء في ليبيا والتي تشمل العنف دون أن تكون هناك أي حماية اجتماعية أو قانونية كافية. ولفتت إلى أنه استجابةً لهذا الوضع المقلق "أجرى خبراء ليبيون مشاورات مكثفة لوضع مشروع قانون بشأن حماية المرأة من العنف. وقد أقرّ أعضاء مجلس النواب هذا القانون الشامل، الذي يُعالج ثغرات الحماية ويتماشى مع المعايير الدولية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأقرّته اللجنة التشريعية في يناير/كانون الثاني 2024. وأحثّ مجلس النواب على الإسراع في إقرار هذا القانون دون مزيدٍ من التأخير".
وشددت كذلك على أنه "ومع تسيس عملية المصالحة الوطنية، لا تزال دعوات الضحايا المستمرة لكشف الحقيقة والعدالة والتعويض بعيدة المنال. أؤكد التزام بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالتعاون مع جميع الأطراف الليبية المعنية والاتحاد الأفريقي لدعم عملية مصالحة شاملة قائمة على الحقوق، وتركز على الضحايا".
الانتخابات المحلية
وقالت المبعوثة الأممية: "في ما يتعلق بالمرحلة الثانية من الانتخابات المحلية في 62 بلدية، بما في ذلك طرابلس وبنغازي وسبها، اختُتم تسجيل الناخبين في 15 إبريل/نيسان. وتشير الأرقام الأولية إلى تسجيل أكثر من 570 ألف ناخب، 31% منهم من النساء". وشددت على أهمية الانتخابات والدور الحاسم الذي تلعبه "لإرساء حوكمة ديمقراطية على مستوى القاعدة الشعبية. إجمالاً، كانت المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية ناجحة؛ إلا أنه بسبب تنافس دوائر النفوذ في ظل غياب حكومة موحدة، لم تُحترم نتائج التصويت في بعض البلديات، واستُبدل المرشحون الفائزون بسلطات الأمر الواقع، كما حدث في هراوة". وأشارت كذلك إلى أنه وفي "حالات أخرى، يتم تغيير الحدود البلدية أثناء العملية الانتخابية أو يتم تعليق الإعلان عن النتائج بسبب مزاعم التدخل". وشددت على ضرورة حل النزاعات من خلال الأطر القانونية القائمة.