المالحة.. قرية تواجه التهجير رغم تبعيتها الإدارية للسلطة الفلسطينية

19 اغسطس 2024
منظر عام لمستوطنة تكواع الإسرائيلية، 16 يوليو 2023 (وسام الهشلمون/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تصاعد التهديدات الإسرائيلية ومحاولات التهجير:** تهدد إسرائيل بالسيطرة على قرية المالحة شرقي بيت لحم وتنفيذ أوامر إخلاء، مما يهدد أهلها بالتهجير ضمن أطماع استيطانية استراتيجية.

- **الاقتحامات والتحريض الإسرائيلي:** شهدت القرية اقتحامات متكررة من مسؤولين إسرائيليين، بهدف إزالة التجمعات الفلسطينية لصالح التمدد الاستيطاني وربط المستوطنات، مما يعزز السيطرة الإسرائيلية.

- **استعدادات الأهالي لمواجهة التهديدات:** يتجهز أهالي قرية المالحة بأوراقهم الثبوتية لمواجهة أي إجراءات استيطانية، مؤكدين على الصمود أمام القرارات والمخططات الإسرائيلية للحفاظ على وجودهم.

تتصاعد التهديدات الإسرائيلية بالسيطرة على قرية المالحة شرقي بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، ومحاولة تنفيذ أوامر إخلاء منازلها، ما يهدد أهلها فعلياً بالتهجير، وسط أطماع استيطانية استراتجية في المنطقة، التي تتبع إدارياً للسلطة الفلسطينية في منطقة مصنفة (ب) وفق اتفاقية أوسلو.

ويتجهّز أهالي قرية المالحة بأوراقهم الثبوتية كافة لمواجهة القرارات الإسرائيلية المرتقبة بحقّ المنطقة. وتقع قرية المالحة إلى الشرق من بلدة زعترة الواقعة شرق بيت لحم جنوب الضفة الغربية، وتأتي ضمن أراضي "برية القدس" التي أعلن الاحتلال ضمها إليه قبل شهور. وفي القرية نحو 400 منزل ومنشأة، فيما يبلغ عدد سكانها 2800 نسمة، وكانت محمية طبيعية تابعة لبلدة زعترة، إلى حين إعلان الحكومة الفلسطينية عنها قبل شهرين أنها مجلس قروي مستقل.

وكان مجلس الوزراء الفلسطيني قد أعلن في الثاني عشر من يونيو/ حزيران الماضي استحداث هيئة محلية باسم مجلس قروي المالحة والتي يقطنها نحو 2800 مواطن على مساحة تقدر بستة آلاف دونم في 400 منزلٍ تعود ملكيّتها لعائلات التعامرة في محافظة بيت لحم، بهدف إضفاء صفة قانونية على المكان، في مواجهة الاقتحامات الإسرائيلية، كما يقول رئيس مجلس المالحة، مراد جدّال، في حديث لـ"العربي الجديد".

رغم ذلك، ردّ قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي يهودا فوكس (المسؤول عن مناطق الضفة الغربية، المعروف بالحاكم العسكري إسرائيلياً) على قرار السلطة بتنفيذ توجيهات وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، يوآف غالانت، الصادرة في 17 يوليو/ تموز الماضي، والتي تسمح بهدم بيوت الفلسطينيين في المناطق المصنّفة "ب" التابعة للسيطرة المدنية للسلطة الفلسطينية، ومنع البناء فيها، ويخصّ القرار الأراضي الشرقية لمحافظة بيت لحم، والتي تعتبر قرية المالحة جزءاً منها.

سموتريتش يقتحم المالحة ويهدد بتنفيذ عمليات الهدم

وبحسب جدّال، فقد كانت آخر الاقتحامات بحقّ القرية من قبل وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، يوم أمس الأحد، حيث قال خلال الاقتحام "إن استحداث السلطة الفلسطينية مجلساً محلياً في المنطقة يعدّ حدثاً استراتيجياً ويقطع التواصل الاستيطاني جغرافياً لمناطق شمال وجنوب بيت لحم، وشرقها وغربها".

ويضيف سموتريش: "هذا تشويه لأهم مناطق دولة إسرائيل، ولذا قررنا إعادة الأمور لما كانت عليه استناداً لقرار الكابينت، وسندخل هذه المنطقة، وتطبيق القانون وتنفيذ عمليات هدم، لإعادة الوضع إلى سابق عهده". وسبق اقتحام سموتريتش للمالحة، تحريض من أعضاء في حزب الليكود الإسرائيلي على المنطقة، ومن الجماعات الاستيطانية، ومن زعيم حزب (إسرائيل بيتنا) المتطرف أفيغدور ليبرمان، كما يقول مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم، يونس عرار، خلال حديث مع "العربي الجديد".

ويشير عرار إلى أن التحريض الإسرائيلي يركّز على إزالة التجمعات الفلسطينية بالمنطقة، لصالح التمدد الاستيطاني في مستوطنة "تكواع" التابعة لمجلس غوش عتصيون الاستيطاني، جنوب شرقي بيت لحم. ويتابع عرار: "حتى الآن لم يعلن الاحتلال عن مخططات استيطانية للمنطقة، لكن يفهم ضمنيًا أن هناك تحريض كبير على المنطقة وسير باتجاه حسم الصراع، ومن غير المستبعد أن تكون هناك مخططات غير منشورة للمكان، إذ إن السلوك الإسرائيلي يعبر عن نوايا للسيطرة على المكان، ولذا جاء القرار الفلسطيني بإنشاء مجلس محلي في المالحة ليكون الوجود الفلسطيني مشرعنًا وقانونيًا في وجه القرارات الإسرائيلية".

ولا يهدف اقتحام سموتريتش للمالحة وتهديده بتنفيذ هدم في المكان إلى تهيئة الأجواء لربط المستوطنات بعضها ببعض فقط، بل يسعى للهدف الأهم وهو فصل التجمعات الفلسطينية المترابطة، وهو ما يعني فعلياً فصل الريف الشرقي لمحافظة بيت لحم، عن القرى والتجمعات الفلسطينية، وبالتالي إحلال بؤر استيطانية في المكان تكون خطاً واصلاً مع المستوطنات الكبيرة، والحيلولة في النهاية أمام إمكانية إقامة دولة فلسطينية مترابطة جغرافياً، بحسب عرار.

ويلفت عرار إلى أن البناء الفلسطيني في المنطقة يمتد إلى مسافة 12 كيلومتراً من شرق بلدة زعترة إلى المناطق البرّية في المالحة، لكنها باتت الآن جميعها مهددة بالسيطرة الإسرائيلية، إضافة إلى كلّ المنطقة الشرقية البرية البالغة مساحتها 167 كيلومتراً.

ووفق رئيس مجلس قروي المالحة، فإن اقتحام الوزير سموتريتش يعني أن المنطقة مقبلة على مرحلة خطرة، إذ كانت الاقتحامات الإسرائيلية مستمرة منذ نحو عام بقيادة رئيس المجلس الإقليمي لمجلس غوش عتصيون شلومو نئمان وقرابة 12 عضواً في الكنيست، وشخصيات من الجماعات الاستيطانية الأخرى، وكلّ ذلك رغم أن المنطقة مصنفة "ب" وليست "ج".

وينظر الاحتلال إلى أهمية السيطرة على قرية المالحة انطلاقاً من كونها منطقة محاذية لمجمع غوش عتصيون، حيث تحيط بها مستوطنات عتصيون، تكواع، نيكوديم، كفار الداد، وبؤر أخرى، وتبعد حدود قرية الملحة عن عتصيون مسافة 200 متر هوائياً، ما يجعلها محل أطماع إسرائيلية لتنفيذ سيطرة إسرائيلية كاملة شرق بيت لحم، وفق جدّال.

ويوضح جدّال أن أهالي قرية المالحة يتجهّزون لتجميع الأوراق الثبوتية وأوراق التراخيص والطابو التي تؤكد ملكيّتهم الأراضي، استعداداً لمواجهة أي إجراءات إسرائيلية استيطانية، بالإضافة إلى إجماع سكّان القرية على أن لا خيار سوى الصمود أمام القرارات والمخططات الإسرائيلية، مشيراً إلى عدم استلامهم حتى اللحظة أي قرار أو ورقة إسرائيلية من المحكمة تشير إلى إخلاء أو إخطار المنازل، وأن ما يصل فقط تهديدات من ضبّاط الاحتلال.