استمع إلى الملخص
- يركز المؤتمر على مواجهة تحديات مثل حرب الإبادة على غزة واستعادة الوحدة الوطنية، ويسعى لإعادة بناء المنظمة وإدخال الشعب الفلسطيني في معادلة الفصائل.
- تعرض المؤتمر لانتقادات من المجلس الوطني الفلسطيني وحركة فتح، لكن القائمين عليه يؤكدون هدفهم في تعزيز الوحدة وتقوية المنظمة لمواجهة التحديات الكبرى.
تبدأ اليوم الاثنين في الدوحة، وعلى مدى ثلاثة أيام، أعمال المؤتمر الوطني الفلسطيني بمشاركة نحو 400 شخصية فلسطينية، لمناقشة سبل إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بنائها، واستعادة المجلس الوطني الفلسطيني، وإنهاء التهميش الذي آلت إليه هذه المؤسسات الوطنية. وينعقد المؤتمر الوطني الفلسطيني تتويجاً لمبادرة أكثر من 1500 شخصية فلسطينية وقعوا على نداء قبل نحو عام دعوا فيه إلى عقد المؤتمر، وإلى إعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، وغالبيّتهم ناشطون، ومهنيون، وأطباء، وباحثون، وأكاديميون، وفنانون، وكتّاب، وصحافيون، وقانونيون، ونشطاء وطلاب، بالإضافة إلى أسرى سابقين وسياسيين من تجارب ومرجعيات متنوّعة بصفاتهم الشخصية. وعقد موقّعون على المبادرة من كل دولة اجتماعات تحضيرية لتنسيق المواقف والترتيب للمشاركة في المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي تبدأ أعماله اليوم، وذلك في بريطانيا، وهولندا، وقطر، والكويت، وإسبانيا، وبلجيكا، وفرنسا، والولايات المتحدة، ولبنان، وتركيا، وغيرها.
معين الطاهر: ضمانات نجاح المؤتمر تعتمد على جهود المشاركين في أعماله، وهم من 66 بلداً
وستقدم اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الفلسطيني تقريراً عن نتائج عملها في الفترة السابقة، ثم سيجري اختيار هيئة رئاسة المؤتمر، حيث يشهد اليوم الأول نقاشاً عاماً حول الأوضاع الفلسطينية الراهنة وتطورات القضية الفلسطينية، وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية. ويناقش المؤتمر الوطني الفلسطيني عبر لجان متخصّصة، هي اللجنة السياسية، ولجنة خطة المائة يوم، ولجنة إعادة بناء منظمة التحرير، ولجنة دعم الصمود، ولجنة اللاجئين وحق العودة، واللجنة القانونية والتنظيمية، تقارير عدة، على أن تقدم هذه اللجان توصيات وخططاً سينفذها المؤتمر، بعد أن يقرّها، ثم يقرّ هياكله.
مواجهة الإبادة ومخطط التهجير
وقال القيادي في حركة فتح وعضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الفلسطيني، أحمد غنيم، لـ"العربي الجديد"، إن التحضيرات للمؤتمر بدأت قبل عام على خلفية حرب الإبادة التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة، وكان البحث يجري عن آليات لاستعادة الوحدة الداخلية الفلسطينية لأنه لا يمكن مواجهة حرب الإبادة بقيادة منقسمة على نفسها، وفصائل فلسطينية منقسمة على نفسها. وأضاف: "كنا نريد للقيادة الفلسطينية ولكل الفصائل الفلسطينية أن ترتقي إلى مستوى الحدث، وأن تشكل حكومة وحدة وطنية، وأن تشكل قيادة موحدة لمواجهة الأحداث في ذلك العام. ولذلك أصدرنا النداء الأول، وهو نداء نحو الوحدة الوطنية ونحو إعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، لإدخال الفاعل السياسي على معادلة الفصائل التي غيبت، والفاعل السياسي هو الشعب الفلسطيني المغيب عن القرار، بعد 17 سنة من الحوار وفشل الفصائل الفلسطينية في إنتاج الوحدة الوطنية". وحول طبيعة النشاط الذي حصل، أوضح: "قمنا كقيادات وطنية فلسطينية من مختلف الفصائل والأيديولوجيات بوزننا السياسي وصفاتنا الشخصية، فلسطينيين تخطوا حدود الفصائلية والفئوية والجغرافية وكل الحدود الأخرى، حيث كان الوطن القاسم المشترك بينهم، وبالتالي كان هذا المؤتمر الذي حُضّر له لوضع الآليات والأسس التي تعيد الفاعل السياسي المؤثر أي الشعب الفلسطيني، ليكون قادراً على فرض حال جديد في الواقع الفلسطيني".
وقال غنيم: "نريد أن نقول للشعب الفلسطيني إننا قادرون أن ننهض من تحت الركام، وأن نعيد الأمل إلى شعبنا، وإحباط خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومواجهة خطر التهجير، والشرط الوحيد حتى نتمكن من ذلك، إعادة إنتاج الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهي الفكرة الأساسية للمؤتمر". ولفت إلى أن الشعب الفلسطيني لم يعد يقبل أن تحدّد فئة صغيرة منه مصيره، في غياب للديمقراطية، وبعد إلغاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتعطيل عمل المجلس الوطني طول هذه السنوات.
وعلّق غنيم على بيان اللجنة المركزية لحركة فتح، الذي هاجم يوم الجمعة الماضي، المؤتمر والقائمين عليه، بقوله بشكل واضح وبعيداً عن التشويه وشيطنة الآخر والهجوم على المبادرين في المؤتمر الوطني، إن البيان تحدث عن الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وعقد المجلس الوطني الفلسطيني وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير، نحن تبنينا هذا البيان، وأتحدّى أن ينفذوا ما قالوه فيه، وهو مقبول لدينا ومقبول عند الشعب الفلسطيني".
مصطفى البرغوثي: لا يوجد أمام الشعب الفلسطيني إلا خيار الوحدة وتقوية منظمة التحرير وتعزيز دورها
المؤتمر الوطني الفلسطيني يردّ على "فتح"
وكان المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي تستضيفه الدوحة، تعرض لموجة تحريض وتخوين من المجلس الوطني الفلسطيني، وحركة فتح، وأعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، متهمة المؤتمر بأنه يهدف إلى استبدال منظمة التحرير والتنكر لتضحيات الشهداء والأسرى. وقالت اللجنة المركزية لحركة فتح في بيان أصدرته يوم الجمعة الماضي، إنها، ومعها الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية، "سيتصدون بحزم" لما سمتها "المحاولات المشبوهة التي تحاول المسّ بوحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني"، واعتبرت أن الدعوات إلى عقد مؤتمر في إحدى عواصم المنطقة بحجّة إصلاح المنظمة، تتقاطع في هذه المرحلة المصيرية مع مخطّط تصفية القضية الفلسطينية، ودعوات التهجير والضم وإزاحة حل الدولتين عن جدول الأعمال الدولي". ورداً على ذلك، استهجن المؤتمر حملة "التخوين" ضدّه، حيث أكدت لجنة المتابعة فيه، أول من أمس، أن "الهدف الأساس والوطني للمؤتمر وآلاف المجتمعين والمنضوين تحت رايته، هو الدفاع عن منظمة التحرير وجوهرها ودورها وشرعية تمثيلها وإعادة الاعتبار لمكانتها ودورها الكفاحي، واستعادة المجلس الوطني الفلسطيني، وإنهاء التهميش الذي آلت إليه هذه المؤسسات الوطنية، التي بذل الشعب الفلسطيني الغالي والنفيس من أجل تأسيسها والدفاع عن شرعيتها".
من جهته، رأى الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، وعضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الفلسطيني، مصطفى البرغوثي، أن "الضمانة الأساسية لنجاح المؤتمر أنها تُعبّر عن رأي الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني وأنها تعبّر بشكل ديمقراطي عن هذه الأفكار التي تشمل كل الفلسطينيين ليس فقط في الداخل، بل في الخارج أيضا وفي أراضي الـ48". وقال لـ"العربي الجديد"، إن عقد المؤتمر الوطني الفلسطيني جاء ليس للبحث عن مناصب أو مكاسب شخصية، بل لهدف عام ومصلحة عامة للشعب الفلسطيني في ظل الظروف القاسية جداً التي نعيشها، وأهمها مخاطر التطهير العرقي الذي يلوح به الرئيس الأميركي والإسرائيليون في قطاع غزة وكذلك في الضفة الغربية ومخاطر الضم والتهويد، وهي مخاطر لم يسبق لها مثيل". وبرأي البرغوثي، فإنه "لا يوجد أمام الشعب الفلسطيني إلا خيار الوحدة وتقوية منظمة التحرير وتعزيز دورها واستعادة دورها الوطني التحريري، ومن هنا كان هذا المؤتمر الذي يمثل الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وفصائله واتجاهاته".
بدوره، رأى عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الفلسطيني معين الطاهر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ضمانات نجاح المؤتمر الوطني الفلسطيني تعتمد على جهود المشاركين في أعماله، وهم من 66 بلداً، كما أن المبادرة تجمع الشعب الفلسطيني من الداخل والخارج، كما تجمع اتجاهات سياسية وفكرية متعددة". وأضاف أن الضمانة الأخرى "تتمثل باللحظة التاريخية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وهو على أعتاب نكبة ثانية في مواجهة حرب الإبادة والضمّ والتهجير ومشروع الرئيس ترامب، ما يفرض تحديات كبرى على الشعب الفلسطيني أن يواجهها".