اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في السويداء: لأجل بناء دولة مدنية

19 فبراير 2025
اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في السويداء، 19 فبراير 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد مؤتمر الحوار الوطني في السويداء نقاشات حول بناء سورية جديدة قائمة على العدالة والمساواة، مع التركيز على بناء جيش وطني وتحديد مهام السلطات. تم التأكيد على العدالة الانتقالية والبناء الدستوري ودور المجتمع المدني.

- ركز المشاركون على وحدة الشعب السوري ودستور يضمن الحريات والتعددية وفصل الدين عن الدولة، مع تفعيل مؤسسات الدولة وحل الفصائل العسكرية. انتقد بعض الناشطين طريقة الدعوة للمؤتمر.

- قدم نضال عامر ورقة عمل حول حقوق الإنسان، مشدداً على الديمقراطية وقيمها. دعا إلى الاعتماد على الشباب، وأصدر التجمع المهني بياناً حول دور النقابات في العدالة الانتقالية.

على الرغم من الانتقادات الموجهة للقائمين على الدعوة للقاء أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في السويداء، والدعوة لمظاهرة احتجاجية أمام مبنى المحافظة، سار المؤتمر بشكل جيد في تفاصيله ونقاشاته، فقد التقت المطالب بغالبيتها على بناء سورية جديدة، قائمة على العدالة والمساواة، واحترام الإنسان وحريته الشخصية، وصولاً إلى الجيش الوطني، ومهمات الرئيس، والسلطات الأخرى.

وبدأ اللقاء بالتعريف بأعضاء اللجنة التحضيرية، ما ساهم في إضفاء أجواء من الود والألفة بين اللجنة والحضور، بعدما شهدت القاعة بعض التشنج، علي خلفية حضور بعض الأشخاص المحسوبين على النظام البائد، فقد أجمع الحضور على طردهم من القاعة قبل حضور وفد اللجنة التحضيرية. وأكدت هدى الأتاسي أن هذا اللقاء ليس عابراً، بل هو بداية حقيقية للعمل والبناء بعد سقوط نظام الأسد، وهو المقدمة لبناء دولة بقوانين واضحة تجمعنا دون أي تمييز، وإن كل ما تقدمونه من آراء وتوصيات سيكون حاضراً في المؤتمر الوطني القادم.

وتحدثت عن برنامج عمل اللقاء، الذي يبدأ بمناقشة العدالة الانتقالية والبناء الدستوري الذي يشكل الوثيقة والعقد الاجتماعي بين السوريين، ثم الرؤية لدى الحضور لكيفية إصلاح وبناء المؤسسات العامة وفق الحفاظ على الحريات الشخصية والعامة، بالإضافة إلى دور منظمات المجتمع المدني في بناء الدولة بوصفها شريكاً أساسياً، بعدما أثبتت حضورها في سنوات الثورة، بالإضافة للوضع الاقتصادي والتوصيات.

وركز المشاركون في المؤتمر في توصياتهم، على وحدة الشعب السوري، والدستور الناظم والعادل بين مكونات الشعب السوري الضامن للحريات العامة، والتعددية السياسية، وفصل الدين عن الدولة في جميع التعيينات والتوجهات السياسية والإدارية، والتي تضمن حق المواطنة في دولة مدنية، وركزوا في توصياتهم على تفعيل مؤسسات الدولة في المحافظة، خاصة المؤسسة الشرطية والعسكرية، والبدء بتطبيق العدالة الانتقالية خطوةً رئيسية في بناء السلم الأهلي بين السوريين.

كما طالب الحضور بحل جميع الفصائل العسكرية، وتفعيل الضابطة العدلية، والسعي الحثيث لانتخاب مجلس نواب ممثل حقيقي للشعب السوري، فيما ركز الناشط معن العفلق على أهمية ألا يكون هناك بنود تتم تحت الطاولات.

وفي السياق، تمنى الناشط السياسي مروان حمزة في حديثه مع "العربي الجديد"، نجاح المؤتمر في تشكيل رؤية جامعة لكل السوريين، منتقداً طريقة الدعوة، وانتقاء المشاركين والحضور، متمنياً تشكيل لجنة مصغرة من المكونات والتيارات المدنية والسياسية، تكون أكثر جدوى في إيصال الصوت الحقيقي للناس، بعيداً عن الاصطفاف والتبعيات التي تعانيها المحافظة.

من جهته، طرح الناشط السياسي نضال عامر ورقة عمل لمؤتمر الحوار الوطني، ركز في بنودها على الإنسان. وقال لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد 14 عاماً من المعاناة والألم، انتصر الشعب السوري على العصابة التي كانت تتحكم في مصيره، واختار الشعب السوري أن يدفع أبهظ الأثمان وأقساها في سبيل حريته، وكان أول هتاف له "الله سورية حرية وبس"، وباعتقادي أن الحرية التي كانت غايته بعد السقوط يجب أن تكون مبدأ ليس قبلها شيء، والتي ترجمتها في النظام السياسي هو النظام الديمقراطي، الذي يتم تداوله بشكل مجتزأ وضيق على أنه صناديق اقتراع وحكم الأغلبية، فهو أكبر من ذلك، الديمقراطية هي مجموعة قيم ومبادئ ضامنة لحقوق الناس وحرياتهم، قيم ومبادئ غير قابلة للتصويت عليها، فقد تم إقرار هذه القيم بدماء وآلام عشرات الآلاف وبطولاتهم أيضاً، وحقوق وحريات يجب أن تُرسى في دستور".

وأضاف عامر أن الشعار الثاني الذي نادى به السوريون هو "الشعب السوري واحد" ، وأُطلق الرصاص عليهم عندما قالوا "واحد واحد الشعب السوري واحد"، لأن الطغيان والاستبداد يريد أن يكون هذا الشعب جمعاً جبرياً لمكونات وطوائف ومذاهب وقوميات، يريد التفتيت، ليطاول هذا التفتيت المدمر كيان الدولة نفسه، الدولة التي هي كيان يعبر عن المواطنة المتساوية، صودرت لصالح طائفة، وهذا درس علينا التعلم منه، والحذر منه، فلن يكون هناك اتفاق سوري على كيان الدولة، وهو المطلوب الآن بشدة، إلا اذا كان تعريف الشعب السوري أنهم مواطنون بتعدد أديانهم ومذاهبهم، ليتحول هذا التعدد والتنوع إلى مصدر غنى وليس تفتيت، أو الاستثمار فيه من أجل طغيان. وأشار عامر إلى ضرورة أن تكون الأديان هي الوجدان الداخلي الناشر لقيم المحبة والتآخي والتقدم، فـ"سمو الله يؤسس لسمو القانون، وأن وحدانيته تلغي كل تصنيم لسلطة أو نص أو تغول"، كما قال.

وختم عامر حديثه عن الشباب الباني لسورية المستقبل، إذ دعا إلى الاعتماد عليهم، وتحفيزهم لبناء الدولة التي نريدها، وأضاف: "منذ أن بدأ الحديث عن مؤتمر وطني للسوريين، بدأ شباب وصبايا حراك السويداء بورشات عمل وتقديم أوراق تنبض باقتراحات من الواجب تمثيلها في المؤتمر الوطني كي يكون حقيقياً.

من جهة أخرى، التقى ممثلون عن التجمع المهني الذي يشكل أكبر التشكيلات في الحراك الشعبي في السويداء، اليوم الأربعاء، وأصدر بياناً يتضمن رؤية التجمع المستقبلية ونشاطه خلال هذه المرحلة من التاريخ السوري. وركز على مبادئه الأساسية في دور النقابات، ومؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز حريتها واستقلالها، مؤكداً سعيه لتشكيل اتحاد سوري للنقابات المهنية، ودوره في تحقيق العدالة الانتقالية والسلم الأهلي. كما دعا البيان كامل النقابات المهنية لأخذ دورها في مكافحة الفساد في مؤسسات الدولة، وعدم تدوير الرموز القديمة، وزيادة نسب تمثيل الشباب والنساء في كل المؤسسات العامة والخاصة.

وفي هذا الإطار، لفت المحامي نضال غزالة لـ"العربي الجديد" إلى أن التجمع المهني هو تشكيل مدني يمثل جميع النقابات المهنية في السويداء بعيداً عن التحزب والانخراط في التيارات السياسية، ويهتم أولاً في إيصال صوت العمال والمهنيين من كافة شرائح المجتمع، والحفاظ على حرياتهم العامة، وقد انتقل من مرحلة النضال الثوري في الساحات، إلى مرحلة البناء انطلاقاً من أهدافه بالحفاظ على السلم الأهلي، من خلال تفعيل العدالة الانتقالية التي هي مفتاح للسلم الأهلي والمصالحة الاجتماعية.

المساهمون