الكونغرس أمام المهمة الأخيرة: تصديق فوز بايدن يقسم الجمهوريين

الكونغرس أمام المهمة الأخيرة: تصديق فوز بايدن يقسم الجمهوريين

06 يناير 2021
أكد ترامب أنه سيواصل القتال ضد فوز بايدن (ألكس وونغ/Getty)
+ الخط -

بعدما ظلّ لأكثر من شهرين رافضاً نتائج الانتخابات الرئاسية، ومستخدماً جميع الأساليب في محاولة للانقلاب عليها، يصل الرئيس الأميركي الخاسر دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، إلى نهاية مشوار التعبئة ضد فوز نائب الرئيس السابق جو بايدن، وذلك مع التئام الكونغرس الأميركي، وفي جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ، للمصادقة على أصوات الهيئة الناخبة، التي كانت بدروها قد انصاعت للتصويت الشعبي، ومنحت الفوز للمرشح الديمقراطي. وقد تحصل جلسة الكونغرس، وهي واحدة من أكثر شبيهاتها إثارة في التاريخ الأميركي، بسبب ما سبقها من حرب معلنة من الرئيس الخاسر ضد الرئيس المنتخب، بالتزامن مع خطاب جديد لترامب، يلقيه لمناصريه الذين دعاهم للتظاهر. وذهبت صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير لها أمس، إلى حدّ يلامس وصف ترامب بالمريض نفسياً، بعدما نقلت عن مستشارين له رفضوا الكشف عن هوياتهم، إنه يعيش مُصدّقاً فعلاً ما يقوله له المحيطون به، من أنه وقع ضحية لسرقة الانتخابات، وهو ما عاد وردّده فعلاً أول من أمس في ولاية جورجيا. لكن الأهم هو الانقسام الحاد لدى الجمهوريين، والذي سيظهر اليوم في الجلسة، وانقلاب ترامب على عدد كبير منهم، بعدما نعتهم بالمجموعة المستسلمة. وإذا كان أكثر من 100 نائب جمهوري قد أعلنوا أنهم سيرفضون المصادقة على النتائج، فإن 13 سيناتوراً جمهورياً سيمتنعون أيضاً، بحسب آخر إحصاء لـ"واشنطن بوست". لكن العديد من الممتنعين سيفعلون ذلك، خشية سقوطهم لاحقاً في استحقاقات انتخابية مستقبلية، ولو على حساب إنهاء الانتقال السلمي للسلطة.

انقلب ترامب على عدد كبير من الجمهوريين، بعدما نعتهم بالمجموعة المستسلمة

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن 13 سيناتوراً جمهورياً أعلنوا أنهم سيعارضون المصادقة، فيما أعلن 22 منهم أنهم سيوافقون، ليبقى 16 سيناتوراً مترددين أو جوابهم غير واضح. وكان بايدن قد هزم ترامب في أصوات الهيئة الناخبة (الناخبين الكبار أو المجمع الانتخابي) بحصوله على 306 أصوات مقابل 232 صوتاً لترامب. وكان بايدن أيضاً قد فاز بالانتخاب الشعبي، بحصوله على 7 ملايين صوت إضافية عما حصل عليه الرئيس الجمهوري. ويعتزم جزء من النواب الجمهوريين، وعددهم 100، بقيادة مو بروكس، عن ألاباما، الاعتراض على أصوات أعضاء المجمع الانتخابي عن بعض الولايات. وفي مجلس الشيوخ، سيوقع أيضاً على الاعتراضات كلّ من جوش هولي وتيد كروز وكيلي لوفلر، و10 آخرون. وحذّر الرئيس السابق للجنة الوطنية الجمهورية، وأحد المنتقدين لترامب، مايكل ستيل، من التداعيات الخطرة والطويلة الأمد التي سيواجهها المعترضون. وقال "إنهم يدفنون أنفسهم في القبر ذاته الذي بناه ترامب لهم. سيصبحون مثل المديرين الذي يديرون فنادقه، أو الرجال والنساء الذين ينظفون المراحيض فيها".

من جهته، لا يكترث الرئيس الخاسر كثيراً بالمعترضين، بل يواصل صبّ غضبه على أولئك الذين سيصادقون على فوز غريمه. ومن هؤلاء، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الذي لم يتحدث مع ترامب لأسابيع طويلة، بحسب "واشنطن بوست". من جهته، سيكون نائب الرئيس الخاسر، مايك بنس، والذي سيرأس الجلسة ويعلن اسم الرئيس الفائز، في أصعب مواقفه، بعدما ظلّ رجل الظلّ لترامب، وسنده المطيع لأربع سنوات. ولا يزال موقف بنس ملتبساً، وهو أعلن أول من أمس من ولاية جورجيا، التي أجرت أمس، الثلاثاء، انتخابات إعادة لعضوية "الشيوخ": "إني أعدكم. يوم الأربعاء (اليوم)، سيكون يومنا في الكونغرس". من جهته، قال ترامب من جورجيا أيضاً: "إني آمل أن ينهي نائب الرئيس الرائع العمل لأجلنا، إنه رجل رائع، ولكن إن لم يفعل، فلن أحبه بقدر ما أحبه اليوم". وأكد الرئيس الخاسر أنه سيحارب بشدة للحفاظ على رئاسته، مضيفاً أن "أصوات المجمع الانتخابي التي فاز بها بايدن لن تأخذ منه البيت الأبيض".

وبالعودة للجلسة، فإنها ستشهد مطالبة المعترضين بإنشاء لجنة للتحقيق في مزاعم ترامب حول حصول تزوير انتخابي. وعلى الرغم من ضعف حظوظ مرور الطلب، فإنه من المتوقع أن تشهد الجلسة، التي عادة ما تكون شكلية، جدالاً حاداً بين النواب والسيناتورات المنقسمين. ومن بين السيناتورات الذين لم يفصحوا بعد عن توجههم، كل من ليندسي غراهام، راند بول، وماركو روبيو. أما الأبرز ممن أكدوا أنهم سيصادقوا على النتيجة، فهم توم كوتون، الذي شنّ ترامب هجوماً عليه أخيراً على "تويتر"، وماكونيل، وميت رومني وليزا موركوفسكي. وذكر موقع "أن بي سي" أن الجلسة، وهي ملزم أجراؤها في الدستور، قد تدوم أياماً، إذا ما رافقها الكثير من الجدل والاعتراضات. وذكر الموقع أن أي اعتراض يجب أن يكون في إطار وثيقة موقعة، وأن اعتراضاً على تصويت كل الناخبين الكبار في ولاية محددة، لم يرفع إلا مرة واحدة في التاريخ الأميركي منذ أن بدأ تفعيل قانون عدّ أصوات الناخبين الكبار (من قبل الكونغرس)، في العام 1887، وهو المتوقع أن يحصل مرة جديدة اليوم.

سيعترض 13 سيناتوراً و100 نائب على فوز بايدن

في الأثناء، طالب أكثر من 170 من رؤساء كبريات الشركات الأميركية، في رسالة مشتركة نشرت أول من أمس الإثنين، أعضاء الكونغرس بالمصادقة على انتخاب بايدن رئيساً للولايات المتحدة خلال الجلسة المرتقبة اليوم، مشدّدين على أهمية الانتقال السلمي والهادئ للسلطة. وكتب الموقّعون على الرسالة، وبينهم رؤساء مصارف وصناديق استثمارية ومجموعات استشارية وشركات طيران، كثير منها مدرجة أسهمها في مؤشر داو جونز الرئيسي في وول ستريت: "لقد حان الوقت لكي تمضي البلاد قدماً"، في انتكاسة جديدة للرئيس الخاسر الذي لطالما تباهى بصداقاته مع كبار أرباب العمل في البلاد. ومن بين الموقّعين رئيس مجموعة "فايزر" الدوائية ألبرت بورلا، ورئيس "غولدمان ساكس" ديفيد سولومون، ورئيس الفرع الأميركي لشركة "آلتيس" ديكستر غوي، ورئيس صندوق "بلاكستون" الاستثماري جوناثن غراي. كما وقّع على الرسالة مسؤولو كلّ من "دويتشه بنك يو أس إيه" و"ماستركارد" و"ليفت" و"موديز" و"إرنست إند يونغ" واتّحاد كرة السلة "إن بي إيه". وكتب الموقعون أن "المحاولات الرامية إلى عرقلة أو تأخير هذه العملية تتعارض مع المبادئ الأساسية لديمقراطيتنا"، مطالبين المعسكرين الديمقراطي والجمهوري بدعم الإدارة المقبلة في مواجهة "أسوأ الأزمات الصحية والاقتصادية في التاريخ الحديث".

إلى ذلك، يعتزم ترامب التوجه بكلمة إلى مناصريه الذين دعاهم للتجمهر والاحتجاج، اليوم، بالقرب من البيت الأبيض. من جهتهم، دعا مسؤولون في مدينة واشنطن أنصار الرئيس الخاسر إلى عدم إحضار أسلحة نارية إلى احتجاجاتهم على تصديق الكونغرس على النتائج، ونشروا المئات من قوات الحرس الوطني للمساعدة في حفظ النظام. وقال قائد الشرطة في العاصمة روبرت كونتي، في مؤتمر صحافي: "تلقينا بعض المعلومات عن أفراد يعتزمون إحضار أسلحة إلى مدينتنا، وهو أمر لن يتم التهاون معه"، مضيفا أنه سيتم اعتقال أي شخص يحمل سلاحاً أو يثير العنف. وذكر الحرس الوطني بواشنطن أن أكثر من 300 جندي سيكونون جاهزين لدعم حكومة المدينة، والسيطرة على الحشود ومساعدة خدمات الإطفاء والإنقاذ، في مؤشر آخر إلى إدراك أغلب المسؤولين السياسيين في البلاد، والقطاع الأمني، بالإضافة إلى العسكري، أهمية "إنهاء المهمة"، وحصول انتقال سلمي للسلطة.