الكرملين يؤكد رفع موسكو القيود على مكان وضع صواريخها متوسطة المدى
استمع إلى الملخص
- يتزامن القرار مع تصاعد التوترات بين روسيا والولايات المتحدة، خاصة مع اقتراب انتهاء المهلة الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ونشر غواصتين نوويتين أميركيتين.
- تعود الأزمة إلى انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى في 2019، مما دفع روسيا لتطوير صواريخ جديدة، ويعكس تصاعد التوترات الاستراتيجية.
قال الكرملين، اليوم الثلاثاء، إن روسيا لم تعد تفرض أي قيود على مكان وضع صواريخها متوسطة المدى، وذلك بعد يوم من إعلان موسكو انسحابها مما وصفته بالوقف الذي فرضته على نفسها بشأن نشر تلك الصواريخ. وأوضح الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن تخلي روسيا عن القيود الذاتية على نشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى يعني أنها تحافظ على الحق في مثل هذه الأعمال عند الضرورة، وقال في تصريحات صحافية: "لم تعد هناك أي قيود على روسيا في هذه المسألة. لم تعد روسيا ترى نفسها مكبلة بشيء. يعني ذلك أن روسيا تعتبر أنه يمكنها الإقدام على خطوات مماثلة عند الضرورة".
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت، أمس الاثنين، أن روسيا لم تعد تعتبر نفسها مقيدة بالقيود الذاتية على نشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى. ووجهت الوزارة في بيان نشر على موقعها الرسمي، انتقادات إلى ما قالت إنها خطوات "الغرب الجماعي" (التسمية المتداولة في روسيا للإشارة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين) في مجال نشر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، ما يخلق تهديدات لأمن روسيا ويتطلب اتخاذ إجراءات من الجانب الروسي.
واللافت أن الإعلان الروسي عن رفع القيود الذاتية على نشر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى يتزامن مع موجة جديدة من التوتر الروسي الأميركي، مع قرب انقضاء المهلة التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ونشر غواصتين نوويتين أميركيتين رداً على تهديدات نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف باستخدام السلاح النووي، وسط ترقب زيارتي مبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف إلى موسكو وكييف هذا الأسبوع، وانعكاسها على آفاق التسوية الروسية الأوكرانية المحتملة.
وفي السياق، ألقى ميدفيديف بالمسؤولية على دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أمس الاثنين، في تخلّي موسكو عن الوقف الاختياري لنشر صواريخ نووية قصيرة ومتوسطة المدى، قائلاً إنّ بلاده ستتخذ خطوات أخرى رداً على ذلك. وكتب ميدفيديف باللغة الإنكليزية على موقع إكس: "بيان وزارة الخارجية الروسية بشأن سحب الوقف الاختياري لنشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى جاء نتيجة لسياسة دول حلف شمال الأطلسي المعادية لروسيا". وأضاف قائلاً: "هذا واقع جديد سيتعين على جميع خصومنا أن يضعوه في الاعتبار. توقعوا المزيد من الخطوات".
The Russian Foreign Ministry's statement on the withdrawal of the moratorium on the deployment of medium- and short-range missiles is the result of NATO countries’ anti-Russian policy.
— Dmitry Medvedev (@MedvedevRussiaE) August 4, 2025
This is a new reality all our opponents will have to reckon with. Expect further steps.
وكانت الولايات المتحدة قد انسحبت من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى في عام 2019. وقالت روسيا منذ ذلك الحين، وفق "رويترز"، إنها لن تنشر مثل هذه الأسلحة شريطة ألا تفعل واشنطن ذلك. ومع ذلك، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في ديسمبر/ كانون الأول، إلى أن موسكو ستضطر للرد على ما وصفه "بالإجراءات المزعزعة للاستقرار" من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في المجال الاستراتيجي.
وقالت الوزارة في بيان: "بما أن الوضع يتطور نحو النشر الفعلي لصواريخ برية متوسطة وقصيرة المدى أميركية الصنع في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإننا نشير إلى أن شروط الحفاظ على وقف أحادي الجانب لنشر أسلحة مماثلة لم تعد قائمة".
ما هي معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة؟
أصبحت تشكّل الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى منذ نهاية سبعينيات القرن الـ20 أكبر مصدر للخطورة على الطرفين المتخاصمين في "الحرب الباردة"، أي الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، نظراً لقدرتها على إصابة منصات الإطلاق ونقاط القيادة في غضون دقائق معدودة، على عكس الصواريخ البالستية العابرة للقارات والبالغة مدة وصولها إلى الهدف عشرات الدقائق. دفع هذا الوضع بموسكو وواشنطن إلى إبرام معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى في عام 1987، التي نصت على منع إنتاج ونشر صواريخ مجنحة وبالستية أرضية ذات مدى بين 500 و5500 كيلومتر.
وبعد سلسلة من الاتهامات المتبادلة بانتهاك أحكامها، أعلن ترامب أثناء ولايته الأولى في عام 2018 عن عزمه على الانسحاب من المعاهدة. وفي بداية عام 2019، أعلنت موسكو وواشنطن عن تعليق العمل بالمعاهدة.
وعند إعلانه عن الاستخدام الأول والوحيد حتى الآن لصاروخ أوريشنيك البالستي فرط الصوتي في أوكرانيا في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن إقدام روسيا على تطوير صواريخ متوسطة وقصيرة المدى جاء "على سبيل الإجراء الجوابي على خطط الولايات المتحدة إنتاج ونشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ"، معتبراً أن واشنطن "ارتكبت خطأ" عندما انسحبت من معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى "بشكل أحادي الجانب وتحت ذرائع مفتعلة"، وفق اعتقاده.