Skip to main content
الكاظمي يعود إلى واجهة الوساطة العراقية بين الرياض وطهران
حسام محمد علي ــ بغداد
رئيسي مستقبلاً الكاظمي في طهران، يونيو 2022 (الأناضول)

أثارت زيارة رئيس الوزراء العراقي السابق، مصطفى الكاظمي، الأسبوع الماضي، إلى العاصمة الإيرانية طهران، ولقاؤه كبار المسؤولين في البلاد، بالتزامن مع تسريبات حول زيارة مماثلة أجراها الرئيس العراقي السابق برهم صالح، الكثير من الجدل مع تكهنات عديدة حول سببها، خصوصاً أنها جاءت قبيل توجه وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إلى بغداد.

استقبال رسمي للكاظمي في إيران

وتقاطعت الكثير من المعلومات حول زيارة الكاظمي إلى طهران، واستقباله بشكل رسمي من قبل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ورئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، إلى جانب وزير الخارجية، الذي ظهر في صور نقلتها وكالة أنباء "فارس" الإيرانية في اجتماع مع الكاظمي إلى جانب العلم العراقي، في إشارة اعتُبر أنها تأكيد آخر على رسمية الزيارة.

وأصدر الكاظمي عقب الزيارة بياناً قال فيه: "قمنا بزيارة لإيران استمرت أياماً عدّة تبادلنا خلالها وجهات النظر مع كُلّ من رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، وعدد من المسؤولين".

وأضاف الكاظمي: "ناقشنا خلال اللقاءات قضايا الأمن والاستقرار والتكامل بين دول المنطقة مما يصبّ في مصلحة شعبنا العراقي وشعوب المنطقة، وتقريب وجهات النظر بين الإخوة والأصدقاء، بناءً على مبدأ التعاون والشراكة الذي نؤمن به ونعمل لأجله، ولأجل مستقبل على قدر الآمال والتطلعات"، دون ذكر أي تفاصيل أخرى. 

مصدر عراقي: الكاظمي نقل رسائل جديدة بين الإيرانيين والسعوديين، يمكن اعتبارها إيجابية

وتحدث مسؤولان عراقيان بارزان في بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن الزيارة. وقال أحدهما، وهو يعمل في وزارة الخارجية، إنها كانت ضمن ملف الوساطة بين طهران والرياض، والتي أسّس لها الكاظمي عندما تولى رئاسة الحكومة العراقية عام 2020. وأضاف المسؤول ذاته أن "الكاظمي بصفته وسيطاً، نقل رسائل جديدة بين الإيرانيين والسعوديين، يمكن اعتبارها إيجابية وتُبشّر بحصول تقدم كبير خلال الفترة الماضية على مستوى العلاقات بين البلدين".

وأكد المصدر أن الكاظمي "عاد بشكل رسمي إلى أداء دور وسيط ضمن الجهود العراقية، وحكومة محمد شيّاع السوداني وافقت على ذلك، لوجود رغبة سعودية إيرانية في استمرار الكاظمي بدوره السابق في ملف الوساطة".

أجواء إيجابية... ولقاء رسمي مُمكن 

من جهته، رجّح المسؤول الآخر إمكانية استضافة بغداد لقاءً رسمياً بين السعودية وإيران في وقت قريب، على أثر ما وصفه "رسائل إيجابية تمّ نقلها للطرفين خلال الفترة الماضية". وبيّن المسؤول لـ"العربي الجديد"، أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أبدى تجاوباً خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد في هذا الصدد، وأن السعوديين نقلوا رسائل مماثلة خلال وجود الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في بغداد مطلع شهر فبراير/شباط الحالي".

ولفت المسؤول إلى أن "لقاء رئيس الجمهورية السابق برهم صالح مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل أيام كان لإطلاعه على نتائج الحوار الذي قاده هو والكاظمي في إيران وتمّ الاتفاق على أن يكون الجهد موحداً في هذا المجال".

في السياق ذاته، قال مقرّر لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، عامر الفايز، لـ"العربي الجديد"، إن "توقيت الزيارة الأخيرة للكاظمي ولبرهم صالح والتقدم الحاصل في سير الوساطة العراقية، تمّ بعد حصول قناعة لدى الرياض وطهران أنه لا بد من إنهاء الصراع الدائر في المنطقة، وهو بطبيعة الحال أمرٌ سيصب بمصلحة العراق".

ولفت الفايز إلى أن "جانباً مهماً من الفوضى السياسية العراقية والصراعات الداخلية، سببها المباشر صراعات إقليمية وتضارب مصالح دول داخل العراق عبر أذرعها الحزبية والسياسية". ورأى أنه "إذا استطاعت الحكومة العراقية تقريب وجهات في ما بين الدول المتخاصمة، فذلك سينعكس إيجاباً على الداخل، وبالتالي تقتنع تلك الدول بأنه ليس من مصلحتها أن يكون هناك صراع عراقي داخلي يضر بمصالحها"، وفقاً لقوله.

رئيس مركز "التفكير السياسي"، في بغداد، إحسان الشمري، قال لـ"العربي الجديد"، إن "إيران لديها حماسة لعقد مصالحة مع السعودية وطلبت من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي أيام رئاسته للحكومة لعب دور الوسيط". ولفت إلى أن "الحكومة الحالية برئاسة السوداني تدفع باتجاه استكمال الحوارات بين طهران والرياض والتي سبق وعقدت 5 جلسات من المفاوضات قدمت الكثير للوصول إلى مساحة مشتركة".

وأضاف الشمري: "حدثت اختلافات حول بعض المفاهيم وعدم قبول من إيران لبعض الاشتراطات السعودية، ما أوقف تلك المفاوضات، ولكن يبدو الآن أن طهران وبسبب عدم وصولها إلى حلول مع الغرب حول موضوع ملفها النووي، ووجود الأزمة الاقتصادية الداخلية، تدفع بشكل كبير باتجاه مساحة للصلح أو ترطيب الأجواء مع السعودية ودول أخرى، لذلك نتوقع أن تعود المفاوضات قريباً جداً وبرعاية عراقية"، بحسب رأيه.

مؤيد الحيدري: الكاظمي يتمتع بعلاقات شخصية جيّدة مع قادة كبار وسياسيين في المنطقة وخصوصاً ولي العهد السعودي

وأشار رئيس مركز "التفكير السياسي" إلى أن "إيران، وفي حال وصلت إلى حلول، وأجرت مصالحة مع السعودية، فإنها ستكون بوابة لها للانفتاح في العلاقات مع الدول الخليجية من جهة، والعربية ككل، وستُحرج الدول الغربية التي تقول إن دول الجوار الإيراني متخوفة من برنامجها النووي، وبالتالي ستكون لدى مسؤولي جارة العراق الشرقية، بطاقة مهمة للحوار مع الغرب، ترتبط بالبرنامج النووي".

كما رأى أن العراق سيكون جرّاء ذلك "ثاني المستفيدين، إذ إن دوره سيسمح بإيجاد ظروف ملائمة في المنطقة تشجع الشركات العالمية والعربية على الانفتاح في الاستثمار". كما أن السعودية بحسب رأيه "ستستفيد دعماً لتوجهاتها المؤيدة للاستقرار والسلام ووقف التمدد الإيراني في المنطقة، وهو أحد أهم اشتراطاتها".

بدوره، اعتبر الباحث العراقي، مؤيد الحيدري، أن "الكاظمي يتمتع بعلاقات شخصية جيّدة مع قادة كبار وسياسيين في المنطقة وخصوصاً مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من الممكن استثمارها لتحقيق أهداف سياسية تصب في مصلحة العراق الذي يهمه جداً أن تتحسن العلاقات بين الرياض وطهران".

وأضاف الحيدري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الكاظمي التقى مسؤولين كبارا في إيران، وعلى رأسهم الرئيس إبراهيم رئيسي، "ما يؤكد أهمية وثقل هذه الزيارة من ناحية الأهداف والأسباب". واعتبر أنه "بسبب ما يتمتع به الكاظمي من علاقات جيدة مع الدول الغربية ربما كانت هنالك رسالة أرادت واشنطن إرسالها من خلاله أيضاً"، مشدّداً على أن "الدور العراقي إيجابي ومدعوم إقليمياً على اعتبار أن دول الجوار تدعم استقرار العراق كونه سوقاً للطاقة، وأيضاً سوقاً مربحة لصادراتها واستثماراتها".

والشهر الماضي، أعلنت وزارة الخارجية العراقية، استمرار وساطة بغداد بين الرياض وطهران، مؤكدة أن الحوار الإيراني انتقل من مساره الأمني إلى الدبلوماسي.

وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف، في تصريح نقلته الوكالة الرسمية العراقية، إن "وزارة الخارجية تعمل باتجاه تكييف الشراكات الإستراتيجية المتعددة والتي تكرّس لأمن واستقرار المنطقة، واستقرار المنطقة لا يتم إلَّا بالعمل على تكريس المصالح الجماعية، كما أن هناك أهمية تعزيز مسارات الحوارات بين الأطراف على مستوى المنطقة، ولهذا فإن وزارة الخارجية تعمل بحسب نظمها الدبلوماسية على تلك المبادرة".

وبيّن الصحاف أن "الحوار الإيراني السعودي انتقل من مساره الأمني إلى المسار الدبلوماسي، ولهذه الخطوة أهمية في اتجاه تقريب وجهات النظر وحلحلة الملفات العالقة بين الجانبين بما يحقق مصالح كلِّ طرف وانعكاسات هذه المصالح على مستوى المنطقة".

وأكد المتحدث باسم الخارجية أن "العراق لا يزال يدفع بالرؤى الإيجابية ووجهات النظر المقربة، خصوصاً أن آخر اجتماع لجلسات التفاوض تمّ في بغداد وبرعاية وزارة الخارجية، ولا نزال ننسق بين الجانبين لإمكانية تحقيق جولات حوار أخرى تنعقد على المزيد من التوافقات".

وتستضيف العاصمة العراقية بغداد، منذ إبريل/نيسان 2021، مباحثات مباشرة على مستوى منخفض التمثيل بين إيران والسعودية، ضمن فرق ضمّت ممثلين أمنيين ودبلوماسيين لكلا البلدين، ورعى رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي 5 جولات منها، عقدت جميعها في بغداد، آخرها في إبريل الماضي.