الكاظمي إلى واشنطن وسط انقسام بشأن انسحاب القوات الأميركية من العراق

الكاظمي إلى واشنطن وسط انقسام بشأن انسحاب القوات الأميركية وتلويح مليشيات بالتصعيد

25 يوليو 2021
يلتقي الكاظمي بايدن غداً الإثنين (أمين سنسار/الأناضول)
+ الخط -

غادر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، اليوم الأحد، إلى الولايات المتحدة الأميركية، في ثاني زيارة له خلال أقل من عام، لبحث ملفات مختلفة، على رأسها وضع القوات الأميركية في العراق، التي تطالب قوى حليفة لإيران بانسحابها كلياً من البلاد.

ويأتي ذلك بالتزامن مع صدور مواقف متباينة من قوى سياسية مختلفة إزاء الملف، إذ تعتبر أطراف مطالبات الانسحاب بأنها "رغبة إيرانية" وليس لمصالح عراقية.

ومن المقرر أن يلتحق الكاظمي بالطاقم الوزاري والعسكري العراقي الذي يجري منذ أيام، برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين، جولة المباحثات الرابعة والأخيرة بين بغداد وواشنطن.

وقال المكتب الإعلامي للحكومة العراقية إن الكاظمي توجه، اليوم الأحد، إلى الولايات المتحدة الأميركية على رأس وفد حكومي، وذلك في زيارة رسمية تستغرق عدّة أيام، تشهد بحث العلاقات العراقيةـ الأميركية في مختلف المجالات، والقضايا الثنائية ذات الاهتمام المشترك.

ونقل البيان عن الكاظمي قبيل مغادرته قوله إن "هذه الزيارة تأتي في إطار جهود العراق لترسيخ علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية، مبنية على أسس الاحترام المتبادل والتعاون الثنائي في مختلف المجالات، كما أنها تتوّج جهوداً طويلة من العمل الحثيث خلال جلسات الحوار الاستراتيجي لتنظيم العلاقة الأمنية بين البلدين على أساس المصلحة الوطنية العراقية".

ومن المقرر أن يعقد الكاظمي (54 عاماً)، غدا الإثنين، اجتماعاً مع الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، وفقاً لبيان سابق لوزارة الخارجية الأميركية.

ويجري ذلك في وقت أطلقت فيه ما تسمى بـ"الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة الإسلامية العراقية" تهديدات باستئناف الهجمات في حال عدم الانسحاب، واضعة شروطاً مشددة لتطبيق الانسحاب، من بينها عدم الاعتراف بقوات استشارية أميركية أو تدريبية، وأن يكون الانسحاب لكامل القوات الأميركية وغير الأميركية، بما فيها التحالف الدولي وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو). واعتبرت أن الحديث عن قوات قتالية وأخرى غير قتالية "محاولة التفاف وخداع".

من جهتها، بدت القوى السياسية الكردية الأكثر تحفظاً على دعوات الانسحاب الأميركي.

ووفقاً للنائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ديار برواري، فإن "العراق يتعرض لتهديدات أمنية، ومنظومته الدفاعية غير متكاملة لإدارة الملف الأمني، ما يجعل وجود القوات الأميركية شيئا مهما للبلاد".

وشدد برواري، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن "البلد غير مستقر، فالتهديد الإرهابي مستمر، وكل يوم هناك ضحايا وخسائر من القوات الأمنية والمدنيين".

واعتبر أن المطالبة بخروج القوات "مطلب سياسي أكثر مما هو واقعي. يجب أن يترك هذا الملف للجهات الأمنية وللحكومة لتقدر الموقف"، متسائلاً: "من يتحمل مسؤولية أي خلل يحدث بالملف الأمني في حال انسحاب القوات؟ الملف لا يتقبل المهاترات والاستغلال السياسي".

وأضاف: "الموضوع خطير جداً، ويجب أن يكون للحكومة موقف تراعي فيه مصلحة البلد، وأن لا تستجيب لأي ضغوط أخرى، فإذا خرجت قوات التحالف والقوات الأميركية فكيف سيدار الملف الأمني؟ هل نتجه نحو دولة إقليمية للحصول على الدعم؟".

وتابع النائب الكردي: "المستقبل لا يبدو مطمئناً في ظل هذا الجدل السياسي، والتراجع الأمني، وهناك احتقان سياسي كبير وتهديد أمني متصاعد"، محذراً "من مفاجآت غير سارة للشعب، لذلك يجب على كل القوى النظر إلى مستقبل الشعب والدولة، وتقديم مصلحة العراق على كل المصالح الأخرى".

النائب عن الحزب الإسلامي الكردستاني، جمال كوجر، بدا أكثر خشية من سابقه، إذ حذّر من "حرب أهلية" في حال تم الانسحاب. وقال إن "العراق في حال انسحبت القوات الأميركية سيشهد سيناريو مماثلا لسيناريو حركة "طالبان" في أفغانستان، وتمدد للمليشيات المنفلتة التي لها العدة والعتاد بشكل أكبر من القوات العراقية". وحذر، في تصريح صحافي، من "حرب أهلية طاحنة في العراق".

من جهته، قال النائب عن تحالف "القوى الوطنية"، ظافر العاني، إن "القوات العراقية غير مهيأة لإدارة الملف الأمني بالكامل، والانسحاب ليس في مصلحة العراق".

وقال العاني، لـ"العربي الجديد": "لا نرى أن من المصلحة أن يكون هنالك انسحاب دولي متسرع من العراق، خصوصاً أن أمامنا تجربة أفغانستان التي عاد إليها الإرهاب من جديد بمجرد خروج القوات الأميركية". وأكد أن "قرار الانسحاب لا ينبغي أن يكون تحت ضغط المزايدات السياسية، وإنما وفقاً لاحتياجاتنا في مواجهة الإرهاب وتقوية المؤسسة العسكرية العراقية".

وأضاف العاني: "نعتقد أننا ما نزال بحاجة لأي مساعدة دولية، خصوصاً أن قواتنا ليست مؤهلة بعد لمواجهة التحديات لوحدها"، معتبراً أنه "من الصعب أن نرى العراق معافى في وقت قريب، إلا إذا استطاعت الدولة أن تبسط سيطرتها وسيادتها على كل مفاصل المؤسسات والمجتمع، واستطاعت أن تكبح جماح الدولة العميقة وسلاحها المنفلت، وأوقفت الفساد والتدخلات الخارجية، وهي مشكلات مستعصية تحتاج إلى إرادة وطنية أولاً، وإلى زمن، فالخراب في العراق ليس قليلاً أبداً".

مقابل ذلك، حذّر "تحالف الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، من أي تراجع بشأن الانسحاب الأميركي من البلاد. وقال النائب عن التحالف، وليد السهلاني: "يجب أن يتم الانسحاب الأميركي، ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي تعهد بذلك".

وأكد السهلاني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القرار السياسي واضح إزاء الملف، كتحالف الفتح وبعض التحالفات الأخرى، وكبرلمان وكحكومة، موقفنا محسوم، لا نقبل إلا بالانسحاب"، مشدداً: "ننتظر مخرجات الحوار، لكن وجود أي قوات أجنبية مرفوض".