استمع إلى الملخص
- بعد سقوط نظام الأسد، تسعى القوى الكردية لتشكيل رؤية موحدة حول مستقبلهم في سورية، مع التركيز على بناء الثقة ووقف الحملات الإعلامية وتشكيل وفد كردي موحد.
- تتطلب المرحلة الحالية فصل ملف "قوات سوريا الديمقراطية" عن الملف الكردي العام، مع مطالب بسورية ديمقراطية تعددية لا مركزية وحل قضية الكرد وفق الأعراف الدولية.
لم تتفق القوى السياسية الكردية السورية حتى اللحظة على رؤية واحدة وجامعة، فالتباين لا يزال سائداً، ما يعرقل تشكيل مرجعية سياسية واحدة، تفاوض الإدارة الجديدة في العاصمة دمشق. وفي خطوة من المتوقع أن تلقي بظلالها على المشهد الكردي في سورية، عقدت هيئة الرئاسة في المجلس الوطني الكردي، أكبر تشكيل سياسي يمثل الكرد السوريين، اجتماعاً أمس الثلاثاء، وُصف بـ"الإيجابي"، مع قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم عبدي، يندرج ضمن المساعي لتوحيد الصف السياسي الكردي في سورية.
وفرض سقوط نظام الأسد المخلوع في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول من العام الفائت، على القوى الكردية السورية، وأكبرها المجلس الوطني، وحزب الاتحاد الديمقراطي (المسيطر على قوات قسد عبر ذراعه العسكرية)، تحديات عدة، لعل أبرزها الخروج برؤية سياسية واحدة حول مستقبل الكرد في سورية، وتشكيل مرجعية واحدة لهم، تواجه استحقاقات المرحلة الانتقالية وأبرزها الدستور.
وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني السوري فيصل يوسف، لـ"العربي الجديد"، إن أجواء الاجتماع كانت إيجابية، حيث اتُّفق على عقد لقاءات في الأيام المقبلة. وأشار إلى أنه تم التأكيد خلال الاجتماع "على اتخاذ خطوات لعقد اللقاءات، وإنجاز وحدة الموقف والصف الكردي بين الأطراف المعنية في الأيام المقبلة، لمواجهة التحديات الراهنة". وبيّن أنه "طُرحت إجراءات لتعزيز الثقة، من بينها وقف الحملات الإعلامية"، ما بين المجلس وأحزاب الإدارة الذاتية، وأبرزها "الاتحاد الديمقراطي"، مشيراً إلى أنه لم يحدد جدول زمني حتى الآن لهذه الخطوات.
لكن يوسف أكّد أنّ "هناك تفاهماً على ضرورة الإسراع في استكمال الخطوات المطلوبة لضمان تشكيل وفد كردي، يعكس التوافقات السياسية بين الأطراف". وأشار إلى "ضرورة ملحة لوحدة الموقف الكردي، سواء على المستوى الوطني لدفع عملية الانتقال السياسي بمشاركة جميع المكونات السورية، أو على المستوى الكردي لضمان مشاركة فاعلة في صياغة مستقبل البلاد".
ويقع على القوى الكردية السورية عبء الفصل بين ملف قوات "قسد" التي يُنظر إليها على أنها نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني، وبين الملف الكردي في البلاد، ولا سيما أن المجلس الوطني يحاول النأي بنفسه عن هذه القوات، التي اتخذت لنفسها مسار تفاوض مع الإدارة الجديدة في دمشق حول مصيرها. وقال عبدي في تصريحات صحافية، الثلاثاء، إن الإدارة الجديدة في دمشق أرسلت مطالب لقيادة "قسد"، مشيراً إلى أن الأخيرة أرسلت هي الأخرى مطالب مقابلة، رافضاً الخوض في التفاصيل. ولكن بات من المعروف أن عبدي يريد دخول قواته صفوف الجيش السوري القادم كتلة واحدة، بحيث تحافظ على نفوذها شمال شرقي سورية، إلا أن هذا الشرط رُفض من دمشق. كما يُطالب بالمحافظة على الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية بشكلها الراهن، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تفاهمات تجنّب المنطقة معركة جديدة، تحاول الإدارة تفاديها ما استطاعت.
من جهته، أكد محمد موسى، وهو سكرتير حزب اليسار، وهو من أحزاب الإدارة الذاتية، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه حتى اللحظة، "لم نتمكن من تشكيل وفد كردي موحد للتفاوض مع دمشق"، مضيفاً أن هناك مداولات على مستويات مختلفة. وتابع: "نرى أن هناك ثوابت على المستويين السوري والكردي يجب ألا تخضع للمساومة السياسية بين الأطراف". وفصّل بالقول: "من هذه الثوابت أن سورية يجب أن تكون ديمقراطية تعددية لا مركزية (فيدرالية)، ويجب حل قضية الكرد في سورية وفق الأعراف الدولية، والإقرار الدستوري بأن اللغة الكردية لغة رسمية في البلاد". وأشار إلى أن التفاوض بين "قسد" والإدارة الجديدة له طبيعة عسكرية، مضيفاً: "وفق معلوماتنا، لم يتوصل الجانبان لاتفاق، فالإدارة الجديدة تطالب جميع الفصائل بحل نفسها، بينما ترى "قسد" أن لها خصوصية، لذا لا يشملها هذا المطلب، وتطالب بالدخول إلى الجيش المنشود ككتلة وليس كأفراد".