- حركة مجتمع السّلم وجبهة القوى الاشتراكية تؤكدان على ضرورة الحوار العاجل والإصلاحات السياسية والمؤسسية، مشددتين على أهمية إشراك الطبقة السياسية والاجتماعية.
- الرئيس عبد المجيد تبون يضع الحوار الوطني في مرتبة متأخرة، مركّزاً على إصلاح الاقتصاد، مع تحديد نهاية 2025 كموعد محتمل للحوار، مما يثير قلق القوى السياسية.
تُعيد كبرى الأحزاب السياسية في الجزائر طرح مطالباتها بشأن الحاجة إلى إطلاق حوار سياسي وطني، ودعوة السلطة إلى إجراء نقاش وطني عام حول الأوضاع والسياسات الداخلية والإقليمية، وتعتبر أنّ الإكراهات الإقليمية والتوترات المحيطة بالبلاد، دافع أساسي لإطلاق الحوار الوطني، في وقت كان الرئيس عبد المجيد تبون قد أعلن أن موعد الحوار لن يكون قبل نهاية العام الجاري.
وفي أحدث هذه المطالبات السياسية، طالبت ثلاث من كبريات القوى السياسية في البلاد بإطلاق الحوار، وقال عبد العالي حساني رئيس حركة مجتمع السّلم (إسلامي)، أكبر أحزاب المعارضة السياسية في البلاد، في لقاء مع كوادر الحزب شرقي البلاد، السبت، إن هناك أوضاعاً تستدعي إقامة حوار وطني يساعد على بناء ثقة بين كل قوى المجتمع السياسي، في حماية البلاد من التهديدات، والتوافق على الخيارات الكبرى، وتلافي الأخطاء التي تمنح الأطراف الخارجية فرصة استغلالها. وأشار حساني إلى أن الحركة دعت إلى إطلاق مسار حوار وصفته "بالعاجل"، ونبّه إلى أن "الوضع السياسي العام يستدعي حواراً عاجلاً ومسؤولاً، ونقاشاً وطنياً واسعاً يُثمّن مساهمة الطبقة السياسية والفاعلين السياسيين والاجتماعيين، في مواجهة تداعيات التحولات الإقليمية والدولية، وانعكاساتها المباشرة على الشأن الوطني، بما يمكّن من أداء أدوارهم في بناء رأي عام يكرّس الحريات، ويثبت القيم، ويعزّز التماسك والوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الكبرى".
من جهتها، حثّت جبهة القوى الاشتراكية (تقدمي) السلطة على بدء حوار سياسي، وأكد السكرتير الأول للحزب يوسف أوشيش، خلال إطلاق سلسلة لقاءات مع كوادر الحزب، اليوم بورقلة جنوبي البلاد، أن هناك حاجة إلى "إطلاق حوار وطني شامل وصادق يهدف إلى حماية الدولة الوطنية وتقوية التماسك الاجتماعي، ومباشرة إصلاحات سياسية ومؤسّساتية عميقة تفضي إلى دولة القانون وتعزيز الحريات، وضمان الحقوق، وخلق مناخ ملائم للعمل السياسي وللمشاركة الشعبية"، وأشار أوشيش إلى أن "الدولة القوية هي التي تُبنى بإرادة جماعية، بمشاركة حقيقية، وبانفتاح على الجميع، لا بفرض رؤى أحادية وفوقية دون امتدادات سياسية ومجتمعية".
وحذر سكرتير الحزب مما وصفه "الغلق الممنهج لمساحات التعبير، ومن هوس التحكّم في تشكيل الرأي العام الذي تجاوزه الزمن مع الانفجار التكنولوجي الذي يشهده العالم"، مضيفاً أن "مواجهة هذه التحديات لن يكون إلّا بفتح فضاءات النقاش، في لحظة غير مسبوقة في تاريخ العالم وفي تاريخ وطننا تتطلب منا الالتزام والوحدة في ظل المسؤولية والرزانة، أمام التحرشات والاستفزازات المتكرّرة التي تطاول بلادنا".
وتعبّر هذه المواقف وغيرها عن وجود قلق لدى القوى السياسية المعارضة في الجزائر، على اختلاف توجهاتها، إسلاميةً كانت أو تقدمية أو يسارية، في حالة تعكس تقلصاً للنقاش السياسي في البلاد. وفي هذا السياق، دعا حزب العمال (يساري) إلى فتح باب حوار مسؤول وبنّاء مع القوى السياسية والحيّة في البلاد، يعزّز القوة والجبهة الداخلية للبلاد. وقالت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون خلال لقاء مع كوادر الحزب في ولاية بجاية شرقي الجزائر، إنّ مجموع الأوضاع الداخلية والإقليمية التي تحيط بالجزائر، تتطلّب فتح نقاش وطني حول المتطلبات والسياسات والمواقف التي تستجيب لحاجيات تأمين الصفّ الوطني.
وبرغم سلسلة المطالبات السياسية بالحاجة إلى إطلاق حوار وطني في الجزائر، فإنّ الرئيس عبد المجيد تبون يبدو في سياق وضعِ ذلكَ في درجةٍ متأخرة خلف أولويات أخرى، بينها أولوية إصلاح الاقتصاد الوطني وإعادة إنعاش القطاعات الحيوية في البلاد، والتركيز على قضايا اجتماعية. وكان تبون أعلن في خطاب عقب أدائه اليمين الدستورية بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية في انتخابات السابع من سبتمبر/ أيلول الماضي، أنه يرغب في "فتح حوار وطني مع القوى الوطنية كافّة لإشراكها في صياغة الخطط المرتبطة بالنهج السياسي والاقتصادي للبلاد، والقيام باتصالات كثيفة واستشارات مع كل الطاقات الحية للبلد، والدخول في حوار وطني مفتوح لنخطط معاً للمسيرة التي سننتهجها معاً"، لكنه اعتبر أن موعد هذا الحوار قد يكون نهاية عام 2025، وهي الأجندة الزمنية التي لم تطمئن القوى السياسية، كونها فترة بعيدة عن استحقاقات الظرف الحالي.