القوات الحكومية اليمنية تتحول من الدفاع إلى الهجوم في مأرب: استعادة مواقع من الحوثيين بعد أسبوع من القتال
بدأت القوات الحكومية اليمنية بترتيب أوراقها وامتصاص الصدمة، وذلك بعد أسبوع من هجمات لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) غير مسبوقة على محافظة مأرب النفطية شرقي البلاد، التي سقط فيها مئات القتلى، وسط رفض تام من الحوثيين الانصياع للدعوات الدولية المتكررة الداعية لوقف المعركة، وإفساح المجال أمام تحركات إحياء عملية السلام.
وشهدت الساعات الماضية معارك طاحنة في الأطراف الغربية والشمالية الغربية لمدينة مأرب، بعد تصدي قوات الجيش الوطني ورجال القبائل لهجمات مزدوجة للحوثيين في مديرية مدغل وجبهات المشجح وصرواح.
وقال مصدر ميداني في القوات الحكومية لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ كتائب من الجيش الوطني والقبائل صدت سلسلة هجمات نفذها الحوثيون في جبهة هيلان، وقادت هجوماً معاكساً في جبهة الكسارة، مستعيدة أبرز المواقع التي كانت جماعة الحوثيين قد تسللت إليها خلال الأيام الماضية، غربي مأرب.
ووفقاً للمصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه، فقد "أثمر التحوّل النوعي من وضعية الدفاع إلى الهجوم في تأمين خطوط إمداد هامة للجيش الوطني، فضلاً عن تكبيد مليشيات الحوثي خسائر كبيرة في العتاد والأرواح"، من دون أن يكشف مزيداً من التفاصيل.
وفيما أكد وجود تحول لافت في سير المعركة على الأرض، أشار المصدر إلى أن الخطر في جبهات صرواح وهيلان "لا يزال قائماً"، خصوصاً أن المليشيات الحوثية التي تجيد حرب العصابات تشن هجمات من مواقع غير متوقعة، وتحقق تقدماً كبيراً من خلال ذلك، كما حدث خلال اليومين الماضيين في هيلان ومدغل.
وحصلت القوات الحكومية على دفعة معنوية كبيرة خلال الساعات الماضية، بعد تلقيها إسناداً بشرياً كبيراً من محافظتي شبوة وأبين، وهو ما جعلها تلجأ للتحول من وضعية الدفاع وتلقي الضربات الحوثية إلى استعادة مواقع خسرتها خلال الأيام الماضية.
وساندت مقاتلات التحالف السعودي الإماراتي المعارك على الأرض بقوة، وخلال آخر 48 ساعة، ارتفع عدد الضربات الجوية إلى 44 غارة، تركزت بدرجة رئيسية في مديريتي صرواح ومدغل، حيث تدور أعنف المعارك بين الطرفين.
ودفعت القوات الحكومية ثمناً باهظاً لاستعادة بعض المواقع التي خسرتها، ووفقاً لمصدر عسكري، فقد سقط أكثر من 20 قتيلاً خلال معارك الكسارة فقط.
وفيما يخص خسائر الحوثيين، تحدث الجيش الوطني عن حصيلة قياسية في صفوف الجماعة، وقال إنّ معارك الـ24 ساعة الماضية أسفرت عن مقتل أكثر من 80 عنصراً حوثياً على الأقل.
وقال الجيش، في بيان صحافي، إنّ مدفعيته تمكنت من استهداف تجمعات حوثية في جبهة هيلان، كما دمرت نقطة مراقبة للمليشيات في ركن جبال هيلان، فيما تمكنت مقاتلات التحالف من تدمير عربة ودبابة و3 دوريات قتالية تابعة للحوثيين في الجبهة ذاتها.
ولم يتسن لـ"العربي الجديد" التحقق من دقة تلك الأرقام، كما أن وسائل الإعلام التابعة للحوثيين توقفت، أمس الجمعة، عن إذاعة بيانات التشييع التي كانت تنقلها بشكل يومي، وذلك غداة الكشف عن تشييع 36 ضابطاً في صنعاء قتلوا في معارك مأرب والجوف.
وأثارت الاستراتيجية العقيمة، التي تتبعها القوات الحكومية في التفريط بمواقع ثم استعادتها بعد خسائر بشرية واسعة، انتقادات خبراء عسكريين.
وقال محمد اليفرسي وهو خبير عسكري موال للشرعية، في تغريدة على "تويتر" أمس الجمعة، إنّ "الاعتماد على التصدي وترك إدارة وقت ومكان المعارك للعدو مكنّه من كسب مساحات حُررت سابقاً".
وأضاف "الضعف السياسي للشرعية والصراعات بين مكونات الشرعية وتغليب المصالح الخاصة على الثوابت الدينية والوطنية ستجعل الجميع يندم في وقت لا يجدي فيه الندم، فالحوثي ليس له عهد ولا ميثاق".
هجوم واسع في كل الجبهات وانتزاع مناطق مهمة من يد الحوثيين وضرب النقاط المفصلية، هو ما سيردع الحوثيين.
— Mohamed A. Yfrosi (@moh_Yfrosi) February 12, 2021
أما المراهنة على الصمود والتصدي مقابل استفراد الحوثي بكل جبهة على حدة فلن يجدي.
وبعيداً عن جبهات مأرب، احتدمت المعارك أيضاً في مناطق المزاريق الصحراوية بين محافظتي الجوف ومأرب، والتي تشن جماعة الحوثيين هجمات مكثفة عبرها بهدف الوصول إلى حقول النفط والغاز في ريدان وصافر.
وأعلنت القوات الحكومية أنّ وحدات من الجيش الوطني استدرجت مجاميع حوثية إلى كمين باتجاه المواقع العسكرية في مليفيفة وقرن الصيعري، شرقي بير المزاريق، قبل أن تطبق عليها الحصار وتشتبك معها نحو أربع ساعات متواصلة، ما أسفر عن سقوط عدد من العناصر بين قتيل وجريح، من دون ذكر رقم محدد.