القاهرة تعزو سجلها الحقوقي السلبي إلى "أزمات المنطقة"

19 يناير 2025
إحدى المحاكمات في القاهرة، سبتمبر 2018 (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مراجعة حقوق الإنسان في مصر: تخضع مصر لمراجعة سجلها الحقوقي أمام مجلس حقوق الإنسان، حيث سترد على 372 توصية من 133 دولة حول سياساتها المتعلقة بالحريات وحقوق الأفراد، وسط انتقادات بشأن قانون الإجراءات الجنائية.

- انتقادات وتقارير حقوقية: منظمات حقوقية مصرية تنتقد انتهاكات مثل الملاحقات السياسية والإخفاء القسري، مع وجود أكثر من 60 ألف معتقل سياسي. يُعتبر قانون الإجراءات الجنائية خرقاً للمواثيق الدولية.

- فرصة للمساءلة: المراجعة الدورية تمثل فرصة لمساءلة الحكومة المصرية عن الانتهاكات، مع الحاجة إلى تحسين الشفافية في القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة.

في 28 يناير/كانون الثاني الحالي، تخضع الحكومة المصرية لمراجعة سجلها الحقوقي أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل (مرة كل أربع سنوات) والتي انطلقت عام 2008. ويُنتظر أن تقدم القاهرة ردوداً على 372 توصية وُجهت لها خلال الدورة السابقة في 2019، من قبل 133 دولة، تضمنت ملاحظات بشأن السياسات والتشريعات المتعلقة بالحريات العامة وحقوق الأفراد. وتواجه القاهرة انتقادات بشأن الأوضاع الحقوقية في مصر وحول التشريعات التي تعتزم تمريرها، مثل قانون الإجراءات الجنائية، الذي أثار قلقاً دولياً بسبب ما يعتبره مراقبون خرقاً للمواثيق الحقوقية الدولية.

واستباقاً لهذه الجلسة، أرسلت مصر وفداً رسمياً إلى جنيف في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ضم رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ومنسق الحوار الوطني ضياء رشوان، ووزير الشؤون النيابية والاتصال السياسي محمود فوزي. ركز الوفد خلال الاجتماعات التحضيرية على إبراز التحديات التي تواجهها مصر، معتبراً أن أزمات المنطقة، مثل الوضع في السودان وحرب غزة، تفرض على مصر اتخاذ إجراءات استثنائية للحفاظ على استقرارها الداخلي، وهو ما ربطه الوفد باستقرار الإقليم ككل. كما تحدث الوفد عن الجهود المبذولة في مواجهة الهجرة غير النظامية، معتبراً هذه الأدوار التزاماً وطنياً ودولياً يستنزف موارد الدولة البشرية والمالية. ومع ذلك، انتقدت أطراف أممية هذه الطروحات، وعدّتها محاولة للتهرب من المحاسبة على الانتهاكات الحقوقية الموثقة من قبل منظمات محلية ودولية.

الأوضاع الحقوقية في مصر

وقدمت منظمات حقوقية مصرية مستقلة تقريراً مشتركاً، الشهر الماضي، إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، سلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان خلال السنوات الماضية، ضمن استعراض الأوضاع الحقوقية في مصر. وركز التقرير على الملاحقات السياسية التي شهدتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة، خصوصاً قضية المرشح أحمد الطنطاوي، الذي واجه أحكاماً بالسجن مع عدد من أنصاره بتهم اعتُبرت واهية. كما وثق التقرير اعتقال أكثر من أربعة آلاف شخص على خلفيات سياسية منذ عام 2019، وهي الفترة ذاتها التي أشارت الحكومة المصرية إلى أنها شهدت إطلاق سراح حوالي 1500 سجين سياسي ضمن مبادرة العفو الرئاسي.

كما تناول التقرير ظاهرة الإخفاء القسري وإعادة توجيه التهم للمعتقلين في قضايا جديدة، رغم استمرار احتجازهم داخل السجون. كذلك انتقد التقرير فشل المبادرات الحكومية، مثل الحوار الوطني، في تحسين المناخ السياسي أو تعزيز التعددية والتداول السلمي للسلطة. من بين أبرز القضايا المثارة خلال المراجعة حول الأوضاع الحقوقية في مصر يأتي قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي تواجهه انتقادات من خمسة مقررين أمميين. وأجمع هؤلاء أخيراً على أن القانون ينتهك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ويمنح سلطات واسعة للشرطة والنيابة على حساب حقوق المتهمين وضمانات الدفاع.

خلف بيومي: تصدرت مصر المشهد الحقوقي بأنها واحدة من أسوأ الدول في منطقة الشرق الأوسط

التقارير الحقوقية ترصد انتهاكات

قال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، لـ"العربي الجديد"، إنه "في ظل إطلاق سراح السجناء في سورية وفتح صفحة جديدة في ملف حقوق الإنسان هناك، تصدرت مصر المشهد الحقوقي بأنها واحدة من أسوأ الدول في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بناءً على التقارير الحقوقية التي رصدت انتهاكات واسعة النطاق". وأوضح أنه "في مصر، يوجد الآن أكثر من 60 ألف معتقل سياسي، و18 ألف حالة إخفاء قسري، بالإضافة إلى مئات أحكام الإعدام، وسط سوء أوضاع النساء داخل السجون". واعتبر بيومي أنه لن تنجح أي محاولات دبلوماسية مصرية لتحسين الصورة ما لم تقترن بخطوات فعلية لحل أزمة المعتقلين وإحداث تغيير جذري في سياسات حقوق الإنسان. وأشار إلى أن "الوضع ازداد سوءاً بعد تورط الحكومة المصرية في توقيف وتسليم المعارض والشاعر عبد الرحمن يوسف إلى دولة الإمارات، وهو ما خلّف تداعيات خطيرة تزيد من تعقيد المشهد الحقوقي". ورأى أن "الأوراق التي تقدمها الحكومة المصرية في المحافل الدولية تفتقر إلى المصداقية، حيث تعج بعبارات فضفاضة وأقوال مرسلة، ولم نلمس أي تأثير حقيقي للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان أو لجان العفو والحوار الوطني، التي باتت أقرب إلى كونها مجرد أدوات شكلية دون تأثير فعلي على الأرض".

بهي الدين حسن: المراجعة الدورية فرصة نادرة للمساءلة

وحول الأوضاع الحقوقية في مصر وعملية المراجعة لها في الأمم المتحدة، قال مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، لـ"العربي الجديد"، إن "عملية المراجعة الدورية الشاملة أمام الأمم المتحدة تمثل فرصة نادرة لمساءلة الحكومة المصرية عن انتهاكات حقوق الإنسان، في ظل غياب أي آليات حقيقية للمحاسبة داخل البلاد، سواء في هذا المجال أو في قطاعات حيوية أخرى مثل التعليم والصحة والسياسة والاقتصاد، التي تفتقر جميعها إلى الشفافية والرقابة".

المساهمون