استمع إلى الملخص
- رغم الضغوطات والتهديدات، استمر البيطار في التحقيقات وأصدر قرارات بإخلاء سبيل بعض الموقوفين، مما أدى إلى ادعاء النائب العام التمييزي عليه ومنعه من السفر. رحبت منظمات حقوقية دولية باستئناف التحقيقات.
- دعت "هيومن رايتس ووتش" الحكومة اللبنانية لإزالة العوائق السياسية والقانونية، مؤكدة على استقلالية القضاء. من المتوقع استمرار الجلسات حتى أبريل، تمهيدًا لإصدار القرار الاتهامي.
استأنف المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار تحقيقاته في القضية، اليوم الجمعة، بعد نحو سنتين على عرقلة عمله بفعل التدخلات الممنهجة من قبل السلطات اللبنانية، وذلك بعدما عمد أيضاً إلى إضافة موظفين ومسؤولين أمنيين إلى دائرة الجلسات، لصلتهم بالانفجار.
وحضر الوكلاء القانونيون لعددٍ من المدعى عليهم بالقضية أمام القاضي البيطار في قصر العدل في بيروت اليوم، حيث تقدّم، بحسب معلومات "العربي الجديد"، كلّ من مدير إقليم بيروت في الجمارك بالإنابة سابقاً موسى هزيمة، والموظف في المرفأ محمد أحمد قصابية، بعذر لعدم حضور جلسة التحقيق، الأول لوجوده خارج لبنان، والثاني لوجوده في المستشفى، في حين تقدّم الموظف في المرفأ مروان كعكي بدفوع شكلية، بينما حضر مسؤول الأمن في العنبر رقم 12 ربيع سرور، وجرى استجوابه وتُرك رهن التحقيق، أما فلاديمير فيرغونول صاحب شركة سافارو، فلم يحضر.
وشركة سافارو ليميتد البريطانية هي الشركة المسؤولة عن توريد شحنة نترات الأمونيوم التي انفجرت في العنبر رقم 12. وشهدت القضية، منذ انطلاق التحقيقات بها عقب انفجار الرابع من أغسطس/ آب 2020، العديد من العراقيل والتدخلات السياسية الفاضحة، فكان أن كُفت يد المحقق القاضي فادي صوان عام 2021، قبل أن يُعيَّن البيطار خلفاً له، ويتعرّض بدوره لسلسلة دعاوى من قبل المدعى عليهم، والمعنيين في القضية، من أجل إطاحته وطمس الملف.
وحاول البيطار، رغم التهديدات والضغوطات التي تعرّض لها، استئناف التحقيق في 23 يناير/ كانون الثاني 2023، مضيفاً إلى قائمته أسماء جديدة من المدعى عليهم، ومقرراً إخلاء سبيل خمسة موقوفين، ما دفع حينها النائب العام التمييزي غسان عويدات إلى الادعاء عليه بتهمة اغتصاب السلطة، ومنعه من السفر، ومنع جميع الأجهزة الأمنية من تنفيذ قراراته، كما إطلاق سراح جميع الموقوفين بالقضية. ورحّبت منظمات دولية حقوقية، ضمنها "هيومن رايتس ووتش"، باستئناف التحقيق، معتبرة أنه "يعطي أملاً مشوباً بالحذر في محاسبة المسؤولين عن الانفجار المدمّر الذي طاول مرفأ بيروت في 2020، وقتل أكثر من 200 شخص وجرح الآلاف، بعد طول انتظار".
وخلص تحقيق أجرته "هيومن رايتس ووتش" إلى أن الكارثة، أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ القريب، نتجت عن تقاعس الحكومة عن حماية الحق بالحياة، مشيراً إلى ضلوع محتمل لمسؤولين كبار في لبنان. وفي 14 يناير الماضي، تعهّد القاضي نواف سلام، في خطابه الأول كرئيس وزراء مكلَّف تشكيل الحكومة اللبنانية، بالعمل على تحقيق العدالة لضحايا انفجار مرفأ بيروت. وكان قد سبقه بذلك الرئيس جوزاف عون، الذي أعلن في خطاب القسم أمام مجلس النواب في 9 يناير، أنه لن يكون هناك أي تدخل في عمل القضاء خلال عهده، وأن "لا حصانات لمجرم أو فاسد".
وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن "على الحكومة والرئيس اللبنانيين الجديدين أن يعملا مع مجلس النواب على إزالة الحواجز السياسية والقانونية التي عرقلت التحقيق، وأن يضمنا أن تنفذ القوى الأمنية بفعالية فعلياً أوامر التحقيق والتوقيف التي يصدرها القاضي البيطار. وينبغي لمجلس النواب اللبناني إقرار قانون لاستقلالية القضاء، يتوافق مع المعايير الدولية، وتعديل مواد قانونَي أصول المحاكمات الجزائية والمدنية اللبنانيَّين التي يستغلها المشتبه فيهم لشلّ التحقيق".
وأضافت "في ملاحظاتهما الأولى بعد تولي منصبيهما، أشار كل من رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية إلى أن مرحلة جديدة من تاريخ لبنان قد بدأت. لكن الإنهاء الفعلي لعقود من الإفلات من العقاب الذي ميّز تاريخ لبنان يحتاج إلى قضاء مستقل عن أي تدخل سياسي، يكون حجر الأساس للمرحلة الجديدة". وقال مصدر قانوني مطلع لـ"العربي الجديد"، إنّ "جلسات الاستجواب ستضم موظفين في مرفأ بيروت وأمنيين سبق أن تم التداول بأسمائهم، وآخرين لم يخضعوا لأي جلسة استجواب، مع الإشارة إلى أن هؤلاء كانوا أساساً على لائحة البيطار، وأسماؤهم واردة في ملفه، لكنه لم يعطَ فرصة لتكملة عمله واستجوابهم في الفترة الماضية".
ويشير المصدر إلى أنّ "من بين الأسماء التي سيتم استجوابها، رئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي، العميد في الجمارك عادل فرنسيس، العميد في الأمن العام نجم الأحمدية، مدير المخابرات السابق في الجيش اللبناني العميد إدمون فاضل، مسؤول أمن مرفأ بيروت السابق العميد المتقاعد مروان عيد، العميد المتقاعد في الأمن العام محمد حسن مقلد، العضو السابق في المجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي، ومدير عام الجمارك ريمون خوري".
وبحسب المصدر، فإن "جلسات الاستجواب ستستمرّ حتى شهر إبريل/ نيسان المقبل، وستشمل تبعاً للمراحل، المدعى عليهم، بدءاً بالموظفين والإداريين في مرفأ بيروت والأمنيين، مروراً بكبار القادة الأمنيين، والقضاة والمسؤولين السياسيين، تمهيداً لإصدار القرار الاتهامي في القضية". ويضيف المصدر أنّ "المشكلة التي قد تواجه البيطار هي عدم قدرته على إصدار مذكرات توقيف أو إلقاء قبض، علماً أنه قد يعمد إلى ذلك بموجب القرار الاتهامي، أما الجلسات فلن يكون بمقدوره تنفيذها عبر القوى الأمنية، في ظل إصرار النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار على تنفيذ التعميم الصادر عن القاضي عويدات بمنع جميع الأجهزة الأمنية من تنفيذ قراراته، ليصار بالتالي تبليغ المدعى عليهم موعد الجلسات عبر دائرة المباشرين".