الفيليبين تعود إلى ماضيها.. ماركوس الابن رئيساً

الفيليبين تعود إلى ماضيها.. ماركوس الابن رئيساً

10 مايو 2022
ماركوس الابن خلال حملته الانتخابية، فبراير الماضي (جورج كالفيلو/Getty)
+ الخط -

اقترع الناخبون الفيليبينيون، الإثنين، لاختيار رئيسهم المقبل في انتخابات بالغة الأهمية، شهدت عودة عائلة ماركوس إلى الساحة السياسية، بعد حملة تضليل إعلامي واسعة النطاق من أجل تلميع صورة النظام الدكتاتوري السابق، وفي ظل تفشي المحسوبية وخيبة أمل الناخبين حيال الحكومات الأخيرة.

وبعد فرز الأصوات في أكثر من 90% من الدوائر الانتخابية، حصل ماركوس الابن الملقب "بونغ بونغ" على نحو 30 مليون صوت، أي قرابة ضعف ما حصلت عليه منافتسه الرئيسية نائبة الرئيس الحالي ليني روبريدو. وفي خطاب ألقاه، فجر الثلاثاء، من مقرّ حملته في مانيلا امتنع "بونغ بونغ" (64 عاماً) عن إعلان فوزه واكتفى بشكر أنصاره على شهور من "التضحيات والعمل".

ابن الديكتاتور فرديناند ماركوس

يأتي ماركوس الابن من خلفية معروفة في التاريخ الفيليبيني في العقود الستة الأخيرة، فهو نجل الرئيس الراحل فرديناند ماركوس الأب، الذي حكم البلاد بين عامي 1965 و1986، بطريقة ديكتاتورية.

وكان من أبرز تفاصيل سنوات ماركوس الأب في السلطة، اغتيال المعارض بينينيو أكينو، في مطار مانيلا، في 21 أغسطس/آب 1983.

كما استشرى الفساد في عهد الأب، وتدهور اقتصاد البلاد. وفي عام 1986 انتفض معارضوه ضمن "الثورة الشعبية" بين 22 فبراير/شباط 1986 و25 منه، ما أدى إلى استقالته وخروجه من السلطة، فاراً إلى جزيرة هاواي الأميركية.

اتُهم ماركوس الابن بالكسب غير المشروع وأُدين بالتهرب الضريبي

 

بعدها، باشرت السلطات الفيليبينية بفتح ملفات ماركوس وعائلته، واتهمته بسرقة 10 مليارات دولار من خزينة البلاد. ومع وفاة ماركوس الأب في عام 1989، أصدرت الرئيسة كورازون أكينو، زوجة المعارض المُغتال، قراراً بالسماح بعودة أفراد عائلة ماركوس لمحاكمتهم في مانيلا.

وعاد ماركوس الابن في عام 1991، مباشراً عمله السياسي في مسقط رأسه في إيلوكوس نورتي. ونجح في الفوز بنيابة المقاطعة بين عامي 1992 و1995.

وبين عامي 1998 و2007 أصبح حاكماً لمقاطعة إيلوكوس نورتي. وفي عام 2010 أصبح عضواً في مجلس شيوخ الفيليبين. وفي عام 2016 أعلن ترشحه لنيابة الرئاسة الفيليبينية لكنه فشل. غير أنه قرر الترشح لمنصب الرئاسة في انتخابات العام الحالي، بعد الاتفاق مع ابنة الرئيس سارة دوتيرتي، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وكان لافتاً فوز ماركوس الابن في مانيلا، لأسباب عدة، تبدأ من سلسلة الدعاوى القضائية المرفوعة ضده، سواء تلك المتعلقة بإرث والده، أو في قضايا أخرى.

فقد سبق أن اتُهم ماركوس الابن بالكسب غير المشروع وأُدين بالتهرب الضريبي، فضلاً عن تورطه في إحدى الفضائح في عام 2013، التي اتهم خلالها عدد من أعضاء الكونغرس بتحويل الأموال إلى منظمات غير حكومية زائفة مقابل عمولات.

ونفى ماركوس الابن تورطه بالقضية، مشيرا إلى أن توقيعه على نماذج الإفراج عن الأموال لمنظمات غير حكومية، كان مزوراً. وعدا ماركوس الابن، فقد تولت شقيقته إيمي، منصب حاكمة مقاطعة إيلوكوس نورتي خلفاً له، ثم خلفها ابنها ماثيو مانوتوك في المنصب في عام 2019، وهي حالياً عضوة في مجلس الشيوخ. 

وعمل ماركوس الابن بذكاء خلال حملته الانتخابية، فتجنّب المناظرات التلفزيونية مع المنافسين وابتعد عن المقابلات، باستثناء تلك التي أجراها مشاهير مؤيدون له، وفضّل اللجوء إلى تسجيلات الفيديو على منصة يوتيوب التي تسعى إلى تصويره وعائلته الثرية على أنهم فيليبينيون عاديون.

ومرت إعادة كتابة تاريخ عائلته بحملة واسعة من المعلومات المضللة على شبكات التواصل الاجتماعي، استهدفت خصوصاً الناخبين الشباب الذين لم يعيشوا مرحلة حكم والده التي اتسمت بالفساد والعنف.

يخشى مراقبون أن يعمل ماركوس الابن على مراجعة دستور 1987

 

لكن فوزه مع حليفته سارة دوتيرتي التي ستكون نائبته، وهي ابنة الرئيس المنتهية ولايته رودريغو دوتيرتي، يحمل في طياته تفاصيل عدة. فدوتيرتي الذي حكم البلاد في السنوات الست الماضية، عانى بدوره من الإشكالات المتعلقة بحقوق الإنسان، خصوصاً اعتماده على "فرق الموت" لتصفية من يسميهم بـ"المجرمين"، ومن بينهم "متعاطو المخدرات" و"القتَلَة" وفق قوله.

كما اصطدم دوتيرتي بالكنيسة الكاثوليكية، ذات النفوذ الكبير، في الفيليبين، بسبب "فرق الموت". وقد يكون تحالفه مع ماركوس الابن في سياق منع رفع أي قضية ضده مستقبلاً. وساهم دوتيرتي في تعزيز صورة ماركوس الأب في عام 2016، عندما أعاد دفنه في "مقبرة الأبطال" في مانيلا.

مخاوف النشطاء والكنيسة

ويخشى الناشطون الحقوقيون وقادة الكنيسة الكاثوليكية والمحللون السياسيون أن يعتمد ماركوس الابن نهجاً أكثر تشدداً بعد من سابقه دوتيرتي المتسلط، في حال تحقيقه فوزاً واسعاً.

ويخشى مراقبون أن يعمل ماركوس الابن على مراجعة دستور 1987، بما في ذلك إلغاء المادة التي تحدد عدد الولايات الرئاسية بواحدة.

ورأى المحلل السياسي ريتشارد هايداريان، في تصريح نقلته وكالة فرانس برس، أن مثل هذا الانتصار قد يسمح له بتعديل الدستور لإرساء سلطته وإضعاف الديمقراطية. وكانت هيئة الانتخابات الفيليبينية، قد رفضت في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، التماساً يطالب بمنع ماركوس الابن من خوض الانتخابات الرئاسية.

وجاء الالتماس ضمن عدة شكاوى قدمتها جماعات كانت تسعى لاستبعاده بدعوى بطلان ترشحه، بسبب ارتكابه مخالفات ضريبية. لكن هيئة الانتخابات رفضت الشكوى، قائلة: "إنه ليس هناك ما يدعو إلى إلغاء شهادة ترشيح ماركوس الابن على أساس تمثيل مادي".

(العربي الجديد، فرانس برس)