استمع إلى الملخص
- تدهور الأوضاع الإنسانية: الأوضاع في مخيمات النازحين، خاصة في أبو شوك، أصبحت كارثية بسبب القصف المستمر، مما أدى إلى نقص حاد في الإمدادات الأساسية، مع مناشدات للتدخل الدولي العاجل.
- ردود فعل دولية: أعربت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والسعودية عن قلقها، داعية إلى وقف العنف وحماية المدنيين، وسط مناشدات لتقديم الدعم للنازحين.
سقط مخيم زمزم في شمال دارفور في السودان بيد قوات الدعم السريع اليوم الأحد، وذلك عقب أيام من الهجمات التي طاولته، بالإضافة إلى مخيم أبو شوك ومدينة الفاشر المجاورين. وكثفت قوات الدعم السريع، التي تقاتل الجيش السوداني منذ 15 إبريل/نيسان 2023، هجماتها على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، غربي السودان، وشنت هجمات متواصلة برياً وبالطائرات المسيرة والمدافع منذ أربعة أيام على الفاشر ومخيمات النازحين المقامة حولها، وارتكبت العديد من الانتهاكات بحق سكانها، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى بينهم طواقم طبية وعاملون في المجال الإنساني. وفجّر ذلك موجة تنديد دولية ودعوات لوقف الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وتنفيذ ما تم التوقيع عليه بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" في إعلان جدة في السعودية حول الالتزام بحماية المدنيين في السودان بتاريخ 11 مايو /أيار 2023. ويأتي تكثيف الدعم السريع هجماتها على الفاشر والمناطق حولها بعد الهزائم التي تعرضت لها في الأشهر الماضية، وإبعادها عن ولايات سنار، والجزيرة، والنيل الأبيض، وغالبية ولاية الخرطوم، ما دفعها لتكثيف هجماتها على مدينة الفاشر التي فشلت في اجتياحها رغم سيطرتها على المدن الكبرى بأربع ولايات من أصل خمس ولايات في دارفور (غرب ووسط وشرق وجنوب دارفور)، ولم يتبق لها سوى الفاشر.
الهجمات على الفاشر
وبدأت قوات الدعم السريع والمليشيات التابعة لها، منذ الخميس الماضي، هجمات متواصلة على مدينة الفاشر، آخر وأكبر معاقل الجيش في إقليم دارفور، ومعسكري زمزم وأبو شوك للنازحين حول المدينة، واستخدمت المدافع الثقيلة والطائرات المسيّرة قبل أن تنفذ هجوماً برياً على معسكر زمزم. وتجددت الاشتباكات، اليوم الأحد، داخل مدينة الفاشر بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، وقالت تنسيقية لجان المقاومة (تنظيم شعبي) في مدينة الفاشر، في بيان اليوم الأحد، إن المعارك تدور في الاتجاه الشرقي والشرقي الشمالي للمدينة. وقالت التنسيقية، أمس السبت، إن الحصيلة الأولية لضحايا هجمات الدعم السريع على معسكر زمزم بلغت 46 قتيلاً. وأضافت التنسيقية في بيان صحافي أن هناك قتلى آخرين لم يتم حصرهم ومعرفة هويتهم بعد، بجانب عدد كبير جداً من المصابين، وأضافت أنه من جانب آخر، بلغ عدد ضحايا مدينة الفاشر ومعسكر أبو شوك، غربي المدينة، نتيجة للقصف، أكثر من 320 شخصاً بين قتيل وجريح.
سلطات مخيم أبو شوك تتحدث عن تدمير المرافق فيه
من جهتها، أفادت غرفة طوارئ مخيم أبو شوك للنازحين (مجموعة تطوعية) في بيان صحافي، أمس السبت، بأن الأوضاع الأمنية والإنسانية في المخيم في غاية السوء من جراء القصف المستمر والمكثف، بجانب الوضع الإنساني والصحي في المخيم، مؤكدة أن الوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً لإنقاذ من تبقى من المواطنين وسط نيران الحرب. وأشارت إلى أنه جرى قصف وتدمير المرافق الصحية وأكبر مصدرين للمياه داخل المعسكر، ولا تتوفر مصادر للمياه والأسواق خلت من السلع، والمرافق الصحية خالية من الأدوية وخارج الخدمة. وناشدت الغرفة المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية ومجلس الأمن الدولي بالتدخل العاجل وإدخال المساعدات الإنسانية وفتح ممرات للمواطنين العزل، مشددة على أن النازحين يموتون من الجوع والعطش والقصف.
وكانت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني في مدينة الفاشر، قد ذكرت، في بيان صحافي في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، أن مليشيات الدعم السريع شنت هجوماً، أمس السبت، من الاتجاه الجنوبي الشرقي لمعسكر زمزم، وتصدى لها مقاتلو المقاومة الشعبية (مواطنون مسلحون). وأوضحت أن قوات الفرقة دمرت عبر طائراتها المسيرة مجموعة من المركبات العسكرية كانت تحاول التسلل من جنوب شرق مدينة الفاشر. وأشارت الفرقة إلى أن الدعم السريع أطلقت، أمس السبت، طائراتها المسيّرة على أحياء الفاشر بطريقة عشوائية، ما أدى إلى مقتل ثمانية مواطنين وإصابة ثلاثة آخرين، مؤكدة أن مدفعية الجيش ردت على مناوشات "الدعم" وقصفها المدينة.
وقُتل خلال الهجوم على مخيم زمزم عاملون في العيادة الطبية التابعة لمنظمة الإغاثة الدولية. وأعلنت المنظمة في بيان، أمس السبت، أن مقاتلي "الدعم السريع" اقتحموا المخيم مساء الجمعة الماضي، حيث كانت المنظمة هي آخر من يقدم الخدمات الصحية والإنسانية الأساسية، وأضافت: "دُمّر السوق المركزي في زمزم ومئات المنازل المؤقتة بالكامل... نُدرك أن هذا هجوم مُستهدف لجميع البنى التحتية الصحية في المنطقة لمنع وصول النازحين داخلياً إلى الرعاية الصحية". وأعربت المنظمة عن صدمتها من أن عيادتها، وهي المنفذ الوحيد المتبقي للرعاية الصحية في مخيم زمزم، كانت أيضاً جزءاً من هذا الهجوم، إلى جانب مرافق صحية أخرى في الفاشر. وتابعت: "لقد علمنا بما لا يُصدق، أن تسعة من زملائنا قُتلوا بلا رحمة، بمن فيهم أطباء وسائقون وقائد فريق... هذه مأساة عميقة لمنظمتنا... نعمل على التحقق من التفاصيل في ظل ظروف بالغة الصعوبة والخطورة".
في هذا الصدد، قال مدير عام وزارة الصحة في ولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر، لـ"العربي الجديد"، إن الوضع كارثي وهناك ما يزيد عن مائة قتيل وعشرات الإصابات والحالات في تزايد، مشيراً إلى أن هناك عمليات إبادة جماعية تمارس بصورة يومية، وأضاف أن "الناس بحاجة ماسة للحماية وللأكل والشرب والإيواء". كذلك، قتل 56 مدنياً على الأقل في اليومين الماضيين في مدينة أم كدادة بإقليم دارفور، غربي السودان، في هجمات نُسبت إلى قوات الدعم السريع التي سيطرت أخيراً على المدينة، بحسب ما أفاد ناشطون. وذكرت "تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر" في بيان، اليوم الأحد، أنه بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة أم كدادة، "أقدمت على تصفية... 56 من سكان المدينة على أساس عرقي... وارتكبت انتهاكات واسعة وهجرت المواطنين بالقوة من المدينة وأوقفت جميع شبكات الاتصالات".
الأمم المتحدة "فزعة" و"منزعجة" من الهجمات على مخيمات النازحين
فزع وانزعاج أمميان
بدورها، أعربت منسقة الأمم المتحدة المقيمة للشؤون الإنسانية في السودان كليمنتين نكويتا سلامي عن شعورها بالفزع والانزعاج الشديد إزاء الهجمات على مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، وكذلك على مدينة الفاشر. وأوضحت في بيان، مساء أمس السبت، أن قوات الدعم السريع شنت هجمات برية وجوية منسقة على المعسكرات والفاشر من اتجاهات متعددة في 11 إبريل الحالي، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة وأسفر عن عواقب وخيمة على المدنيين. وأضافت أنه يُخشى أن يكون أكثر من مائة شخص، بينهم أكثر من 20 طفلاً، قد لقوا حتفهم. وشدّدت سلامي على أن هذا الأمر يمثل تصعيداً مميتاً وغير مقبول في سلسلة من الهجمات الوحشية على النازحين وعمال الإغاثة في السودان منذ اندلاع هذا الصراع قبل عامين تقريباً. وتابعت: "أحث بشدة مرتكبي هذه الأعمال على الكف فوراً، وفقاً لما ينص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2736، الذي يطالب بوقف الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الإنساني في السودان". وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن مخيمي زمزم وأبو شوك يعدان من أكبر مخيمات النازحين في دارفور، إذ يؤويان أكثر من 700 ألف شخص فروا من دوامات العنف على مر السنين.
من جهتها، قالت غرفة طوارئ منطقة طويلة (مجموعة تطوعية) إن المنطقة الخاضعة لسيطرة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، وتقع على بعد 50 كيلومتراً غرب الفاشر، استقبلت النازحين القادمين من الفاشر ومعسكراتها، ووصلت أكثر من 450 أسرة في سيارات وعلى الحمير، وبعضهم على الأقدام، مناشدة المنظمات الدولية والعالمية والجمعيات والخيرية بالتدخل عاجلاً لمساعدة النازحين. وأعربت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، مساء أمس السبت، عن قلقها البالغ وإدانتها هجمات "الدعم السريع" على المدنيين في مخيمي زمزم وأبو شوك، بما في ذلك مقتل تسعة من عمال الإغاثة الذين كانوا يقدمون مساعدات إنسانية حيوية. إلى ذلك، دانت وزارة الخارجية السعودية في بيان، اليوم الأحد، الهجمات التي تعرضت لها مخيمات النازحين حول مدينة الفاشر ووصفت ما حدث بأنه انتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وشددت على ضرورة توفير الحماية للعاملين في المجال الإغاثي والإنساني، وأهمية وقف الهجمات وتجنب استهداف المدنيين وتنفيذ ما تم التوقيع عليه، بين الجيش السوداني والدعم السريع، في إعلان جدة (الالتزام بحماية المدنيين في السودان) بتاريخ 11 مايو 2023.