استمع إلى الملخص
- يطالب الناشطون بتثبيت وقف إطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي، مع أملهم في أن تساهم القمة العربية في إنهاء الحرب.
- يشير المحللون إلى رغبة دولية في إنهاء الحرب، لكن التصريحات الإسرائيلية تهدف لرفع سقف المطالب، مما يثير مخاوف الفلسطينيين من استمرار الغموض.
في ظل حالة الضبابية وعدم وضوح الرؤية وعدم قدرة الفلسطينيين الغزيين على متابعة الأخبار الخاصة باتفاق وقف إطلاق النار، جراء الانقطاع التام للتيار الكهربائي وشبكات الإنترنت وقصف وتدمير الإذاعات المحلية، تتعلق آمالهم بأي تحرك من أجل دفع الأطراف المختلفة نحو ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وإنهاء المعاناة وإعادة الحياة إلى قطاع غزة المنهك.
استمرارية العدوان على غزة
يقول المدرس الفلسطيني محمد الصالحي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن تضارب الأنباء وتناقضها في كثير من الأحيان وفي ظل عدم التيقن بانتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يمكن إدراجها تحت بند الحرب النفسية، التي رافقت الفلسطينيين منذ اليوم الأول للمقتلة وحتى اللحظة. ويرى أن حالة الغموض التي تكتنف المستقبل القريب، تتسبب بألم مضاعف، وقد بتنا عالقين في دوامة من الأخبار المتناقضة، الأمر الذي يضاعف حالة القلق وعدم القدرة على معرفة وقت انتهاء هذه الحرب أو رؤية نتائجها. ويوضح الصالحي أن هناك حاجة ملحة لطمأنة الناس على مستقبلهم في ظل حالة الدمار والتعب الذي يعيشون فيه بشكل متواصل، عبر ضغط حقيقي من المجتمع الدولي لوقف الحرب ورفع الحصار وانهاء هذه المعاناة.
محمد الصالحي: حالة الغموض التي تكتنف المستقبل القريب تتسبب بألم مضاعف
بدوره، يعتبر الفلسطيني زياد أبو رجيلة أن الأوضاع خلال الفترة الحالية قاسية للغاية، وتزيد من صعوبة اتخاذ أي قرار، سواء كان على مستوى العمل أو الحياة الشخصية، خوفا من التبعات السلبية لأي قرار غير مدروس. ويشير في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنه من المحبط والمقلق سماع نبأ عن التعقيدات في المفاوضات أو عن وصولها إلى طريق مسدود بعد ورود أنباء عن إيجابية سير المفاوضات، "نشعر أن الأمر بات يتخطى وصف العض على الأصابع". ويتابع: "هذا الشعور بعدم الاستقرار يجعل الناس هنا يتجنبون المخاطرة ويشعرون بالخوف الدائم من فقدان أرواحهم أو ممتلكاتهم، وأرى أن من الضروري العمل بشكل جاد وحقيقي لإيجاد حل لهذه الكارثة الإنسانية والتي تسبب شعور دائم بعدم الأمان أو الاستقرار". ويعرب أبو رجيلة عن أمله أن تكون بداية لموقف عربي موحد، ليس فقط في دعم القضية الفلسطينية، بل في فرض سياسات واقعية لوقف العدوان وتحسين الوضع الإنساني، وألا تكون كسابقاتها من القمم غير المثمرة.
أما الناشط الحقوقي أنور درابيه فيقول لـ"العربي الجديد"، إن الوضع في غزة مأساوي بمعنى الكلمة، حيث يعيش الناس في حالة من الضبابية الكاملة جراء تغير الأوضاع بسرعة وتضارب الأخبار وعدم توازنها، مما يتسبب بحالة من الارتباك والخوف. ويلفت درابيه إلى حالة التيه التي باتت تصيب الجميع جراء عدم معرفة وقت محدد لانتهاء الحرب أو ماذا ينتظرهم في المستقبل مجهول الملامح، وهو ما يسبب ضغوطا نفسية هائلة على العائلات التي لا تعرف مصيرها. ويرى درابيه أن ما يحتاجه الناس في هذه اللحظة هو وضوح المسار السياسي، وتثبيت وقف إطلاق النار ووقف نزيف الدم، آملاً أن تساهم القمة العربية الطارئة (المقررة الثلاثاء المقبل في القاهرة) في خلق ضغط حقيقي لإنهاء الحرب ومعالجة آثارها التدميرية.
شرحبيل الغريب: لا أحد معني بانهيار الصفقة
من ناحيتها، ترى سمر السدودي أن انقطاع شبكتي الكهرباء والإنترنت يعزلها لفترة عن متابعة الأخبار، إلا أنها تفاجأ بأخبار مختلفة ومتناقضة تماماً، لحظة تمكنها من الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي ومعاودة متابعة الأخبار مجدداً. وتوضح السدودي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن الأخبار باتت تتحكم بشكل كبير في حالتها المزاجية والنفسية، وتقول: "نحن نعيش في حالة من القلق المستمر، لا نعرف إلى أين تتجه الأمور في ظل الحديث عن المفاوضات والإعمار وتحسين الأوضاع المعيشية تارة، ومن ثم الحديث عن التهجير وعودة الحرب بقسوة تارة أخرى". وتعتقد السدودي أن الدول العربية قادرة على إثبات صدق نيّاتها تجاه القصية الفلسطينية عبر تحويل الأقوال إلى أفعال، وما دون ذلك سيظل الشعب الفلسطيني في نفس الوضع القاسي، الذي لا يمكن الشباب من تحقيق طموحاتهم في غد أفضل.
رغبة دولية وأميركية بإنهاء الحرب
أما الكاتب شرحبيل الغريب فيرى أن هناك رغبة دولية وأميركية بانتهاء الحرب على قطاع غزة وأن ما يجري سماعه من تصريحات إسرائيلية هي تصريحات موجهة، بهدف رفع سقف المطالب الإسرائيلية وإسقاط الواقع على عملية المفاوضات الجارية، ويتم التحضير لها من خلال الوسطاء حتى لا ترفع حركة حماس توقعاتها. ويشدّد الغريب في حديث مع "العربي الجديد" على أن لا أحد معني بانهيار الصفقة، وعلى هذه القاعدة تعمل كافة الأطراف بمن فيهم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يسعى من خلال رفع سقف مطالبه إلى التهرب من استحقاقات المرحلة الثانية التي تهدد مستقبل ائتلافه الحكومي.
ويدلل الغريب على حديثه بمحاولات التلكؤ والتنصل الإسرائيلية من استحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار أو إطالة أمد المرحلة الأولى التي من المتوقع أن يتم تمديدها حتى نهاية شهر رمضان (أواخر شهر مارس/آذار المقبل)، وهو أمر يضمن للاحتلال عدم دفع مقتضيات المرحلة الثانية خوفا من سقوط ائتلاف نتنياهو. ويوضح الغريب أن تخوف الناس من تضارب الأخبار واستمرار حالة الغموض في مستقبل الحرب هي تخوفات مشروعة، تحديداً في ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي التنصل مما تم الاتفاق عليه أو الهروب للأمام من خلال إطالة أمد المرحلة الأولى من الاتفاق والتسويف في مفاوضات المرحلة الثانية.