العنف السياسي ينذر بالأخطر في أميركا بعد اغتيال تشارلي كيرك

12 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 11:15 (توقيت القدس)
ترامب وكيرك خلال فعالية في أريزونا، 22 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اغتيال تشارلي كيرك يعكس تصاعد العنف السياسي في الولايات المتحدة، ويزيد من المخاوف بشأن استقرار الوضع السياسي والأمني، خاصة في ظل المناخ السياسي المتوتر والمؤدلج.
- شهد العنف السياسي تحولًا نوعيًا منذ هجوم 6 يناير 2021، حيث أصبح الخطاب السياسي أكثر عدائية واستقطابًا، مما يعمق الانقسام بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
- اغتيال كيرك يبرز القصور الأمني والفجوات الاحترازية، ويثير مخاوف من تصاعد العنف السياسي، مع توقعات بحدوث المزيد من الحوادث إذا استمر الخطاب العدائي.

اغتيال النجم الترامبي وأحد أبرز الناشطين المحافظين تشارلي كيرك أول من أمس الأربعاء، هزّ المشهدين السياسي والأمني في الولايات المتحدة، وزاد من الصدمة والقلق، بل المخاوف الجدّية، خاصة أن تغييبه جرى في ظل مناخ سياسي مؤدلج غير مسبوق في أميركا، ضاق فيه هامش المنافسة لمصلحة العنف الذي استهدف أكثر من مسؤول في أكثر من ولاية في الآونة الأخيرة. وكان الرئيس دونالد ترامب على رأس المستهدفين، حيث تعرّض قبل حوالي سنة وكان مرشحاً رئاسياً آنذاك، لمحاولتي اغتيال (في يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2024). نجا من الأولى بشبه أعجوبة، والثانية جرى إحباطها في آخر لحظة. واليوم يعود الاغتيال ليخطف أحد أقدر المؤثرين في الترويج لأجندة الرئيس السياسية والانتخابية، ومن أقرب المقرّبين إليه.

العنف السياسي ليس بضاعة جديدة في أميركا، فقد عرفته الجمهورية منذ سنواتها الأولى، ففي 1801 احتدم الخلاف بين وزير المالية ألكسندر هاملتون ونائب الرئيس آرون بار إلى حدّ الاحتكام إلى القوة التي قتلت الأول. وبعدها توالى هذا الموروث بشكل أو بآخر في الحياة السياسية الأميركية، حيث جرى اغتيال أربعة رؤساء، إضافة إلى العديد من محاولات الاغتيال لرؤساء ومرشحين رئاسيين وأعضاء في الكونغرس وقيادات سياسية ومدنية. فالكار قديم، لكن في الآونة الأخيرة، وبالتحديد منذ هجمة 6 يناير/كانون الثاني 2021 على مبنى الكونغرس، أخذ العنف السياسي انعطافة نوعية، فصار الخصم عدواً، وتراجعت المساومات والتنازلات المتبادلة لمصلحة المنازلة و"كسر العظم". الديمقراطي صار في نظر الجمهوري "يساريا" و"اشتراكيا" وأحياناً "شيوعيا"، وفي أحسن الأحوال "تقدميا"، وهي مواصفات جرى استحضارها من قاموس الحرب الباردة. أما الجمهوري فصار في خطاب الديمقراطي "ديكتاتورا" و"فاشيا" و"سلطويا"، الغرض من هذه الألقاب تأليب الرأي العام وتنفيره من الفريق الآخر.

بفعل هذا الخطاب التحريضي، تعمّق الانقسام، وباتت صيغة الحزبين بمثابة جبهتين متحاربتين. البودكاستر ستيف بانون، الذي شغل لفترة منصب المستشار في البيت الأبيض خلال رئاسة ترامب الأولى، والذي يستمع إليه جمهور واسع من المحافظين، يردد باستمرار أن أميركا في حالة "حرب" بين الجمهوري والديمقراطي. اللغة السياسية عدائية من الجانبين، وكأن حبل الوحدة انقطع، وأحياناً إلى حد الكراهية المكشوفة. التمادي في هذا الخطاب أدى إلى إضفاء طابع أيديولوجي متشدّد على الحياة الحزبية.

على هذه الخلفية حصل اغتيال الناشط كيرك. واللافت أن عمليته جرت بنفس الطريقة التي استهدفت ترامب في محاولة اغتياله الأولى: القنّاص تمركز على سطح مبنى قريب ومطل على منصة الاحتفال الجامعي المقرّر أن يتحدث فيه المغدور. وكانت الإصابة قاتلة، والقاتل فرّ من المكان وتعذّر القبض عليه حتى الآن، ويبدو أنه كان هناك قصور احترازي وفجوات أمنية. لهذا، وغيره من الملابسات، أثارت العملية الكثير من التخوّف من "الآتي" الذي قد يدخل الوضع في نفق "مظلم"، وربما "أكثر ظلمة"، خاصة وأن القابلية العامة مفتوحة إلى حدّ ما على تقبّل العنف. "1 من أصل 10 من الأميركيين مؤيد للعنف السياسي"، وذلك على قاعدة أن "70% منهم يرون أن النظام السياسي عاجز"، وهذه نسبة طالما ترددت في الحديث عن "مقبولية" الرأي العام للأوضاع السياسية والاقتصادية. ومثل هذا الواقع يثير خشية أهل الخبرة، لكونه يشكّل أرضية خصبة لانتعاش العنف. ولذا انطوت أكثر القراءات على توقعات سلبية لا تستبعد حصول "المزيد" من حادثة اغتيال كيرك الأربعاء، خاصة إذا استمر التراشق بلغة "اليسار" و"الديكتاتور".