العفو الدولية: لرفع أي غطاء عن المتورطين في انفجار بيروت

03 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 04:09 (توقيت القدس)
من تظاهرة بذكرى انفجار المرفأ، 4 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، لا تزال العدالة غير محققة بسبب التدخلات السياسية والضغوط على القضاء، مما يعرقل مسار التحقيق ويمنع محاسبة المتورطين.
- استأنف القاضي طارق البيطار التحقيق في فبراير 2025، مما أعاد الأمل بتحقيق العدالة، لكن التقدم يبقى هشاً دون خطوات عملية تزيل العوائق وتضمن استقلالية القضاء.
- تؤكد منظمة العفو الدولية على ضرورة رفع الغطاء السياسي عن المتورطين وإجراء إصلاحات تضمن استقلالية القضاء، مع دور محوري للمنظمات الدولية في الضغط لتحقيق مستقل وشفاف.

مع حلول الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت غداً، 4 أغسطس/آب 2020، الذي أودى بحياة 218 شخصاً على الأقل، وإصابة 7 آلاف تقريباً، لا تزال العدالة غير محققة، إذ لم يُحاسَب أي شخص عن هذه الجريمة، على الرغم من تطورات بارزة في الفترة الأخيرة بقضية انفجار بيروت قد تعيد الأمل بإمكان تحقق ذلك.

وتقول رينا وهبي، منسقة الحملات المعنية بالملف اللبناني في منظمة العفو الدولية، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد مرور خمس سنوات على واحدة من أفظع الجرائم في تاريخ لبنان، لا تزال العدالة بعيدة المنال. وتضيف: "منذ اليوم الأول رصدنا، بصفتنا منظمات حقوقية، تعطيلاً ممنهجاً لمسار التحقيق، تمثل بالتدخلات السياسية، والضغوط على القضاء، ورفض كبار المسؤولين المثول أمام التحقيق مستندين إلى الحصانات، فضلاً عن استخدام عشرات الدعاوى القضائية لتجميد التحقيق مراراً وتكراراً".

استئناف التحقيق

وتلفت وهبي إلى أن "التطور الأبرز في ملف انفجار بيروت هذا العام كان استئناف القاضي طارق البيطار عمله في فبراير/شباط 2025 بعد توقف دام عامين، وهي خطوة أعادت بعض الأمل، خصوصاً مع تعهدات رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام بإرساء سيادة القانون وتحقيق العدالة، بالإضافة إلى امتثال بعض المسؤولين للاستجواب للمرة الأولى، ما شكّل تحولاً نسبياً في المشهد القضائي، لكن رغم هذه المؤشرات، فإن التقدم المحقق حتى اللحظة يبقى هشّاً وشكلياً، ما لم يُترجم إلى خطوات عملية تزيل العوائق التي عرقلت التحقيق، وتضمن استقلال التحقيق والقضاء بما يتماشى مع المعايير الدولية، وتزيل الغطاء السياسي عن المتورطين، وتُعيد ثقة الضحايا والرأي العام بأن العدالة ممكنة في لبنان"، وفق اعتبارها.

التطور الأبرز هذا العام كان استئناف القاضي البيطار عمله في فبراير الماضي

وتردف وهبي: "شعرنا بالارتياح عندما سمعنا التصريحات الأولى للرئيسين عون وسلام، بأن لا حصانات فوق القانون وأن العدالة لضحايا انفجار بيروت أولوية، فهذا تطور إيجابي على مستوى الخطاب السياسي". لكن بنظرها، فإن "الخطاب وحده لا يكفي، والمطلوب اليوم ترجمة هذه التعهدات إلى خطوات عملية تبدأ بإزالة أي غطاء سياسي عن المتورطين، وإقرار إصلاحات تضمن استقلال القضاء بما يتلاءم مع المعايير الدولية وتحمي التحقيق حتى يصل إلى الحقيقة والمحاسبة، وتوفير بيئة تمكّن التحقيق من المضي قدماً دون تدخل أو عرقلة".

وحول ما إذا كان هناك أمل بأن تتحقق العدالة هذا العام، تقول وهبي: "هناك أمل، ولكن حذِر، بأن يشهد هذا العام تقدماً ملموساً في التحقيق، خصوصاً مع ما نسمعه في الإعلام عن قرب صدور القرار الظني. ما نراه من تحركات في ملفات أخرى لا يكفي، ما لم يُترجم إلى محاسبة فعلية بما في ذلك في قضية انفجار المرفأ، التي تبقى اختباراً حقيقياً لالتزام الدولة العدالة وحقوق الإنسان".

انفجار بيروت يختبر القضاء

وتشير منسقة الحملات المعنية بالملف اللبناني في منظمة العفو الدولية، إلى أن "المطلوب اليوم رفع أي غطاء سياسي عن المتورطين، والمضي قدماً في إصلاحات تضمن استقلالية القضاء وتحمي التحقيق من أي تدخل أو عرقلة، ويشمل ذلك ملء الشواغر في الهيئات القضائية والمحاكم بطريقة تتماشى مع التزامات لبنان الدولية في مجال حقوق الإنسان، ويعتمد على الكفاءة والجدارة في التعيينات، بالإضافة إلى اعتماد التعديلات اللازمة على قوانين أصول المحاكمات المدنية والجزائية لسد الثغرات التي استُغلت سابقاً لتعطيل التحقيقات".

وتذكّر وهبي بأن "من الضروري أن يحدّد التحقيق الحقائق والظروف المحيطة بالانفجار. يجب أن يتضمن ذلك البحث الشامل في ضلوع جميع الأفراد والجهات، داخل لبنان وخارجه على حدّ سواء، في جميع مراحل الأحداث التي أوصلت إلى الانفجار، وليس تخزين نترات الأمونيوم في لبنان فقط. ويجب أن يحدد أي انتهاك لحقوق الإنسان ناجم عن تقاعس الدولة اللبنانية عن حماية الحق في الحياة". ومن المهم أيضاً، وفق رأيها، "أن تتعاون السلطات اللبنانية مع التحقيقات والدعاوى القضائية الجارية في الخارج والمتعلقة بقضية انفجار مرفأ بيروت، بما في ذلك من خلال تبادل المعلومات".

رينا وهبي: نركز على ضرورة إصلاح النظام القضائي، ورفع الحصانات، وسد الثغرات القانونية التي استُغلت لعرقلة العدالة

وتشير وهبي كذلك إلى أنه "على مدى السنوات الماضية، لعبت المنظمات الدولية دوراً محورياً في إبقاء قضية انفجار مرفأ بيروت على أجندة العدالة الدولية". وتقول في هذا الصدد: "تابعنا ومنظمات محلية ودولية تطورات التحقيق من كثب، ووثقنا مجموعة من الشوائب الإجرائية والمنهجية في التحقيق حالت دون تأمينه العدالة بشكل موثوق، بما في ذلك التدخل السياسي الفاضح، والحصانة للمسؤولين السياسيين الكبار، وعدم احترام معايير المحاكمة العادلة، وانتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة. كذلك نشرنا بيانات مشتركة، تضمنت توصيات واضحة للسلطات اللبنانية، وعملنا على رفع صوت الضحايا وعائلاتهم في المحافل الدولية، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ودفعنا، في ظل تعليق التحقيق المحلي، باتجاه إنشاء بعثة لتقصي الحقائق في مجلس حقوق الإنسان بهدف ضمان تحقيق مستقل وشفاف".

وتشدّد منسقة الحملات المعنية بالملف اللبناني في منظمة العفو على أن "هذا العام، ومع استئناف التحقيق المحلي، نواصل الضغط لضمان أن يكون التحقيق مستقلاً ونزيهاً، ونركز على ضرورة إصلاح النظام القضائي، ورفع الحصانات، وسد الثغرات القانونية التي استُغلت لعرقلة العدالة. كذلك نواصل التنسيق مع شركائنا في المجتمع المدني اللبناني والدولي، لضمان أن تبقى هذه القضية حيّة في الوعي العام، وألا تُطوى دون محاسبة".

المساهمون